بالصدفة كنت أشاهد تسجيلا لجلسة مجلس الأمة حول الخطاب الأميري، ولقد أعجبني بعض الإخوة، أما البعض الآخر فكانوا كالعادة يحاولون ان يطالبوا بزيادة السكن والاستثمار فيها، وزيادة مخصصات الكويتيين والنظر في رواتب البعض لأنهم من المحرومين كما يدعون، وتناسى الإخوان ان ربة البيت أصبح لها مرتب من الدولة وغيرها من المكاسب التي احضرها لهم سوبرمان الكويتي.
فهل تعلمون من هو سوبرمان الكويتي؟ هو الشخص الذي يبدأ بترشيح نفسه ولديه دعم معين من بعض المتنفذين وبقدرة قادر ينجح ويبدأ في تحقيق أحلامه من جني للثروات والحصول على جزء من المال العام يصرفه على نشاطه التجاري ثم فجأة ينجح في المجلس. وبقدرة قادر يصبح رجلا مرموقا في المجتمع ويتحرك بكل حرية اينما يظهر، ويدخل على الوزراء من دون اي استئذان أو حتى موعد ومعه مجموعة من جماعته واتباعه ينهي لهم معاملاتهم، وسمعت حتى البعض منهم يأخذ بعض المبالغ على انجاز معاملاته، اما اذا كانت معاملة تجارية وينجزها سوبرمان فله ايضا نصيب مما يحصل عليه صاحب المعاملة.
وبجانب هذا كله يبدأ باعداد نفسه للدورة القادمة ضامنا هذه المرة نجاحه بسبب ما حققه من ثروة ونفوذ من المسؤولين واصبح يناطح اكبر مسؤول اذا لم ينجز له معاملته مهددا اياهم بالاستجواب. وليته يعرف ماهية الاستجواب؟ فالهدف منه اظهار الحقائق المخفية التي يتردد المسؤول في ابرازها. فالاستجواب هو آخر اسلوب للتعامل مع المسؤول بعد ان يستنفد جميع الوسائل العادية المتبعة وخاصة اذ كان طلبه يتضمن بيانات واحصائيات، لقد حصل انه في مرة من المرات شاهدت سيارتين من نوع وانيت مليئتان بالوثائق ردا على احد الاستجوابات. وأنا على يقين بأن السائل المستجوب لم يستوعب محتوى هذه الوثائق لأن هدفه كان الحصول على معلومة واحدة بهدف الاستفادة منها وابرازها كخطأ من المسؤول. ولو كان قد سأله مباشرة في هذه القضية فلن يتردد المسؤول في اجابته والتوضيح له دون ان يعرض نفسه للتهديد في طرح الثقة به.
بطبيعة الحال هذه هي اجراءات سوبرمان، وليس كل النواب يصلحون لان يكونوا سوبر مان لأن ذلك يحتاج الى تميز في الوجاهة والقدرة على التلون وتغيير الوجوه وقبول الرشاوى في بعض الحالات.
هذا التصرف العجيب هو اهم ما نتعلمه من هذا السوبرمان، لأن السوبرمان معفى من الجاذبية ويذهب اينما يريد دون عائق او رادع ويعمل العجائب للناس ويعيش بهذه السمعة حتى ينتهي دوره من المجلس وبعدها يرجع الى حياته العادية ولكن مصيره مختلف عن مصير الآخرين.
ألهذه الاسباب انشأنا مجلس الامة لكي ننتج اعدادا من السوبرمان ليصبحوا عبئا ثقيلا ليس فقط على المجلس وانما على النظام وعلى الوزراء المسؤولين في الوزارات لكي يجعلوهم يتكيفون معهم ويلبون طلباتهم؟ وهذا ما اعتبره بداية الفساد في المجتمع، في الوقت نفسه نجد هناك اصواتا عالية تلوم الحكومة وتتهمها بالفساد دون الاشارة الى اعمال الطرف الخفي وما يمارسه من ضغوط على المجلس والحكومة معا.
لا يا إخوان لم ينشأ مجلس الأمة لهذا الغرض، لأن غرضه نبيل يخدم الأمة ويكون ضمانة لها لعدم الانحراف في انجازاتنا، هذه الانجازات التي اصبحت من المستحيل في الكويت، ورغم ذلك فإن الكثيرين من الكويتيين قادرون على ان ينجزوا شيئا للكويت وان يعيش اهل الكويت في رفاه ونعيم رغم كل هذه العراقيل.
ادام الله علينا نعمة الأمن والأمان بعيدا عن التشويش والتخريب حتى نتمكن من الوقوف أمام شعوب العالم ونفاخر بأن عندنا ديموقراطية متميزة عن سائر بلاد العالم والحمد لله انهم لا يعلمون انه بدلا من ان نصنع انجازات اصبحنا متميزين في صناعة السوبرمان، والله يستر على الكويت من شر هذه الفئة المتنفذة الضارة والمختلفة عن أهل الكويت الطيبين.