مقال للكويتي سامي النصف – كانت أوروبا حتى النصف الأول من القرن العشرين هي مستقر الحروب الخارجية والأهلية والإرهاب والخراب والدمار والاغتيال وإشكالية التهجير المصاحب لما سبق، وكان آخر شعب تم تهجيره هو شعب التتار ممن أجلاهم الطاغية ستالين من موطنهم في شبه جزيرة القرم لاتهامه لهم بأنهم تعاونوا مع الجيش النازي الغازي ولو ظلوا بموطنهم لتغيرت نتائج استفتاء شعب القرم الأخير ولتغير التاريخ معه..
***
توقفت في النصف الثاني من القرن العشرين حتى اليوم الحروب في أوروبا إلا ما ندر واستقرت بالمقابل في منطقة الشرق الأوسط فشهدنا حرب فلسطين وهجرة الشعب الفلسطيني (48 و67) وتحولهم إلى لاجئين في الدول الأخرى وحتى داخل فلسطين، ثم طالت الحروب والتهجير شعب مصر وسكان مدن القناة تحديدا وتلته شعوب لبنان والسودان والصومال والجزائر والكويت والعراق وليبيا وسورية ومازالت كرة النار والحروب والنزوح تتنطط بين دول المنطقة مما يطرح سؤالا: من الشعب العربي الآمن الذي ستسيل الدموع من المآقي مستقبلا تعاطفا مع لاجئيه ومهجريه؟!
***
وشعر الشعب المصري الذكي والعريق بأنه المستهدف الأول لأن يصبح بؤرة التناحر والتقاتل والنزوح والتشتيت والتشطير فكان قراره الذكي بمنع الإساءة للجيش وتماسكه تعلما من تجربتي انفلات لبنان 75 والعراق 2003 واختياره لقائد الجيش لأن يصبح قائد الأمة إفشالا لمخطط ضرب الجيش بالشعب والشعب بالجيش وتكرارا لما حدث في لبنان عام 58 عندما اختير قائد الجيش فؤاد شهاب رئيسا للبلاد فأوقف ذلك القرار الحرب الأهلية ولم تستكمل شهرها الثالث.
***
آخر محطة: (1) – يمكن تشبيه كرة الحرب والخراب بذئب جائع ودول المنطقة بجمع من الخراف يجري أمامه وسينال الذئب عقلا ومنطقا من الخروف الأضعف قدرة والأكثر غفلة والأدنى استعدادا لمواجهته، كما سيسعى الذئب لقتل الراعي ونعني الدولة الأكثر عددا وعدّة كي ينفرد بعد ذلك بالباقي.
(2) – بلغ من فقر أوروبا المبتلاة بالحروب وثراء مصر المتنعمة بالسلام حتى النصف الأول من القرن العشرين، تفشي الهجرة الأوروبية للسكن والعمل في مصر إضافة الى قضية اشتهرت آنذاك وهي تزويج عائلة نمساوية عام 1937 ابنتهم ماري هوبنر التي لم تبلغ 17 عاما إلى رئيس الديوان الملكي ورئيس الوزراء المصري السابق توفيق نسيم باشا الذي يبلغ من العمر 70 عاما وقد أهداها عطايا بـ200 ألف جنيه وكان الجنيه المصري آنذاك يعادل 5 دولارات أميركية ما جعل الصحافة النمساوية والمصرية تهاجم أسرة الفتاة النمساوية وتتهمها بأنها تضحي بابنتها طمعا في ثروة الزوج المصري.