تأخذك السياسة الى أبعد ما يكون من الانجراف في أطماع وأهواء أهلها ومن يقفون خلفها, لكنّ الشعوب العربية المعروفة بطيبتها وسذاجتها تتحوّل آرائها الى أمراض نفسية تحتاج متخصصين لإقناعهم بعدم التبعية.
وكذلك الحال في لبنان, اذ تجد مؤيدو بعض الأحزاب ينجرفون في حب أحزابهم الى خطر التبعية والارتهان للخارج بحجة عدة مسمّيات منها العروبة, والمقاومة, والدين والطائفة, يتم تشريبها الى عقول هؤلاء وتغييب فكرهم المستقل عنهم تماما.
ومع دخول كأس العالم في قطر 2022, شهد اليوم الثاني منه خسارة كبيرة للمنتخب الايراني أمام انكلترا 6-2, وهو أمر عادي كان شبه متوقّع, لكن ما فعله لاعبو المنتخب الايراني هو المستغرب, اذ رفضوا أداء النشيد الوطني قبل بدء المباراة احتجاجا على سياسة المرشد الأعلى وكمّ الأفواه في بلادهم.
هذا الفعل, لاقى استحسان الشعب الايراني الذي شعر لأول مرة بأن صوته بدأ بالخروج للعلن فكيف اذا كان أمام مئات الملايين من متابعي كرة القدم ؟
لكنّ ردّة الفعل جاءت من لبنان, اذ يطالعك على وسائل التواصل, لبنانيون يدافعون عن ايران اكثر من الايرانيين أنفسهم, ويتبنّون حملات مستشرسة للدفاع عن نشيد ايران وتوزيعه فيما بينهم.
مجموعات لبنانية, تخضع للتبعية العمياء, توكّلت بالدفاع عن ايران ومنهم من يعتبر نفسه كما يقول “مستشار قانوني” قام بإنشاء حملة لنشر النشيد الايراني, لم يتبنّاها أحد سواه وبعض اللبنانيين أمثاله.
هذه التبعيّة, ناجمة عن تسليم اللبنانيين أنفسهم للخارج بالكامل, فهم يتباهون بالأمر علنا, وكل طائفة معلوم من يدعمها خارجيا, الا ان تفاوتا كبيرا يبدو جليّا في كمية “الانبطاح للخارج” بين كل فريق وكمية الولاء والانتماء للبنان.