إكس خبر- من تابع ما قاله الرئيس سعد الحريري، في “كلام الناس”، لا يفوته أنه يعاند وقائع يسلم بها جمهوره، في الطليعة منها أن لا شفاء لمناورات “الحزب المتسلط”، وأن العملية الديموقراطية هي آخر ما يعنيه، وان المقابر تزخر بأصحاب النيات الطيبة. والشواهد كثيرة، ملّ اللبنانيون التذكير بها، من حرب 2006 إلى إطاحة حكومة السين – سين، فالقمصان السود، وترهيب أهل الخليج للإنكفاء عن صيف لبنان، وطبعا شهداء 14 آذار.
يعرف الحريري أن من يهدد نتائج الحوار الذي يسعى اليه، هو الفريق الآخر فيه. “فلكل امرئ من دهره ما تعودا، وعادة الحزب الطعن” في كل ما توصلت اليه طاولات الحوار، منذ عام 2006 إلى إعلان بعبدا.
مع ذلك، يصر الحريري على دعوته، لأنه يريد للناس “ألا يفقدوا الأمل”، حسب تعبيره، وطريقه إلى ذلك تدارك مخاطر استمرار الوضع على ما هو من انحدار لا يكفي لوقفه حملة “الأمن الغذائي”، مع الوزير وائل أبو فاعور، ولا عمليات دهم “الأمن العقاري” مع الوزير علي حسن خليل.
كي يعزز هذا الأمل، لم يجد الحريري بداً من فرز بنود الخلاف بين ما هو استراتيجي، تحكمه أزمات المنطقة، وأطرافها، وما هو تفصيلي، يعتقد ان بته ممكن داخلياً، فأدرج في “النوع” الأول سلاح الحزب، وتدخله في سوريا، والموقف من المحكمة الدولية، وتسليح ميليشيا “المقاومة”، فهذه تخضع لإرادة إيرانية واضحة لا يماريها الحزب، ولا أمينه العام، ويرتبط مصيرها بلجم هجمة طهران في الاقليم، من اليمن الى البحرين، فسوريا والعراق، ولبنان.
أما في الباب الثاني، فيبدو الحريري يراهن على حسن النيات، إذ أدرج فيه تنفيس الاحتقان السني – الشيعي، وإنتخاب رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات نيابية، وتاليا تشكيل حكومة، واطلاق عجلة الاقتصاد. ومن اجل هذه كانت خطوته الاولى في ولادة حكومة “ربط نزاع”. ومن اجل “فض الاشتباك الدستوري” يأتي الحوار الجديد.
تحدث الحريري، في كل ذلك، من موقع القائد، ولم يظهر، ولو للحظة، بلباس الزعيم. فالأول يحكمه تبصره، والثاني تديره شهوة السلطة والشعبوية. وليس حواره الأخير أول إثبات. فمن يختر درج المحكمة الدولية للدعوة إلى حوار وطني، وتأليف حكومة، ثم يواجه الجميع بالدعوة إلى تمديد ولاية مجلس النواب، تداركا لمخاطر تمدد الفراغ، راميا المزايدات وراءه، متفهما مواقف الحلفاء ومبرراتها، يكن من قماشة القادة.
ربما ما أوحى به مجمل مواقفه هو ما أعطى مبادرته الحوارية تأييد 60,95 في المئة من المستفتين عبر الموقع الألكتروني للبرنامج، مقابل معارضة 39,05 في المئة. أي إن أكثر من نصف اللبنانيين يؤيد تفاؤله بوجود مخرج من المأزق، فيما أكثر من ثلثهم يائس من إمكان عودة الحزب إلى الوطن.
الكاتب: راشد فايد