إكس خبر- صبرت على مصابها، كافحت ذلك المرض واستمرت في العيش متجاهلة ذلك الورم الذي ينهش جسدها. جبروتها أذهل جميع من حولها، ويبدو أنها اليوم قد نجحت في الاختبار التي فرضته عليها الحياة: هي اليوم تعيش حياة طبيعية، تختلط في المجتمع والبسمة تعلو محياها، فهي وإن فقدت ثدييها، لم تفقد أنوثتها وسحرها أبداً!
سرطان الثدي بالأرقام:
لقد أودى سرطان الثدي بحياة 521000 امرأة بحسب منظمة الصحة العالمية في عام 2012. وتوضح الـIARC Globocan أن هناك سنوياً ما يقارب 1.38 مليون إصابة بسرطان الثدي، الذي يودي بحياة ما يقارب 458000 سنوياً. أمّأ في لبنان، فتسجّل سنوياً 8000 حالة سرطان لدى الرجال والنساء (4000 حالة للنساء مقابل 4000 حالة للرجال)، يحتلّ سرطان الثدي منها نسبة 35%، مما يجعل هناك 1700 حالة جديدة من سرطان الثدي في لبنان، وفق ما قاله البروفيسور ناجي الصغير، رئيس قسم مركز سرطان الثدي في معهد نايف باسيل في الجامعة الأميركية، في حديث مع “النهار“.
التنّورة للوقاية من سرطان الثدي:
لمكافحة سرطان الثدي الذي يصيب النساء بأعداد كبيرة، يتحرّك الطاقم الطبي في العالم بطريقة سريعة لوقاية النساء من هذا المرض الخبيث. فقد أطلقت منظمة الصحة العالمية في عام 2013، خطة عمل دولية للوقاية ومكافحة الأمراض غير المنتقلة وهي تستمرّ حتى 2020. وتهدف هذه الخطة إلى الحدّ من الموت المبكر الناجم عن السرطان بنسبة 25%. فبالتعاون مع الوكالة الدولية لبحوث السرطان والأمم المتحدّة وشركائها، تسعى منظمة الصحة العالمية إلى:
•تعزيز سياسة مكافحة السرطان عبر البحث عن الأسباب التي تؤدّي إلى إصابة الإنسان به وتطوير هذه البحوث والدراسات.
•وضع استراتيجيات للوقاية من السرطان والسيطرة عليه.
•البحث عن معلومات جديدة عن المرض ونشرها بين الأفراد، فضلاً عن توعيتهم عبر المعلومات التقليدية المتوافرة.
•تسهيل إنشاء شبكات واسعة من الشركاء والخبراء في مكافحة السرطان على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية.
•تعزيز الأنظمة الصحية لمعالجة وشفاء المرضى.
ومن جهة أخرى، يستمرّ الباحثون بالتعمّق في دراسة مرض سرطان الثدي. وكانت آخر هذه الدراسات، تلك التي صدرت في شهر أيلول من هذا العام عن فريق من الباحثين من الـUniversity College London، التي أشارت إلى أنّ التنّورة وسيلة للوقاية من سرطان الثدي. فبالنسبة إلى النساء اللواتي يراقبن أوزان أجسادهنّ على الميزان، وأخريات يعمدن إلى معرفة التغيّرات من خلال زرّ البنطال، فلقد توافر لهن ابتكار جديد يغنيهم عن الاساليب التقليدية وهو التنورة لأنّها تقي من سرطان الثدي!
من هنا، يجدر على النساء أن يراقبن قياس تنورتهنّ بين عمر العشرين والستين سنة، كونه مؤشراً على مدى عرضتهنّ للإصابة بسرطان الثدي بعد مرحلة انقطاع الطمث. فإذا ارتدت النساء قياساً أكبر من التنانير كلّ عشر سنوات، فهذا دليل على أنّ خطر الإصابة بسرطان الثدي لديها بعد سنّ اليأس يتهددها بـ 33%. وإذا ازداد قياس التنورة مرتين في هذه المرحلة من العمر، تصبح المرأة معرّضة لسرطان الثدي بنسبة 77%. والهدف من هكذا اكتشاف هو حض المرأة على التنبه إلى وزنها ونوعية أكلها مع التقدّم في العمر، إذ يعتبر الوزن الزائد والبدانة من العوامل المحفزّة للإصابة بسرطان الثدي. ففي دراسة سلّط الضوء عليها في المؤتمر الدولي للسرطانASCO عام 2014، تبيّن أنّ البدانة لا تعززّ الإصابة بسرطان الثدي فقط، إنّما قد تساهم في تفاقم وضع المريضة وقد تؤدي إلى وفاتها أيضاً.
وفي حديث مع “النهار” يوضح البروفيسور ناجي الصغير، اختصاصي أمراض الدم والأورام، أنّ النساء اللواتي يعتكفن عن ممارسة الرياضة ويتناولن كميات زائدة من الطعام، هنّ الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي بعد مرحلة انقطاع الطمث. وتتفسّر العلاقة التي تربط بين البدانة وسرطان الثدي، بارتفاع نسبة الأستروجين (هرمون نسائي) لدى المرأة بعد سن الخمسين، إذ يجب أن تنخفض هذه الهرمونات بعد مرحلة انقطاع الطمث، إلاّ أنها ترتفع لدى النساء البدينات، ممّا يحعلهنّ أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي. ويضيف الصغير أن هناك عوامل أخرى تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي هي:
•عدم ممارسة الرياضة.
•اعتماد نظام غذائي غير سليم.
•كثافة زائدة على الثدي أو ما يعرف بالـincreased breast density التي تظهر في التصوير الشعاعي للثدي والتي تستدعي مراقبة أكثر للمرأة في هذه الحالة.
•المرأة التي بدأت عندها الدورة الشهرية في سنّ مبكرة واحتاجت إلى وقت أطول للانقطاع، هي أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي.
•المرأة التي لا تحمل ولا تنجب أكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان الثدي.
•الرضاعة تخفف من احتمال الإصابة بسرطان الثدي.
•المرأة التي تنجب قبل بلوغها سن العشرين تجعلها أقلّ عرضة لسرطان الثدي من تلك التي تنجب وهي في الثلاثين سنة.
•زيادة التعرّض للهرمونات النسائية بعد سنّ الخمسين مما يجعل المرأة معرّضة لهذا الخطر.
•أخذ حبوب منع الحمل لفترات طويلة غير متقطعة (أكثر من 10 -15 سنة) يزيد من خطر احتمال الإصابة بسرطان الثدي.
•التعرّض للتلوّث والإشعاع.
من هنا ينصح الصغير النساء باتبّاع مجموعة من التدابير للوقاية من سرطان الثدي وهي تكمن في الابتعاد أوّلاً عن تناول الشحوم والدهون واللحوم الحيوانية، إضافة إلى تجنّب المقالي والوجبات السريعة. ثانياً، على المرأة تناول سبع حبات من الخضار يومياً مقابل كميّة معتدلة من الفواكه لأنها غنية بالسكّر الذي يؤدّي إلى البدانة، ثالثاً عليها الحدّ من شرب الكحول، إذ عليها الاكتفاء بكأس واحدة في اليوم، مشيراً إلى أنّ هناك دراسة أميركية تقول إنّ نصف كأس من النبيذ كفيل بتعريض المرأة لسرطان الثدي. رابعاً على المرأة ممارسة رياضة المشي لنصف ساعة كلّ يوم أو مرات عدّة في الأسبوع. والحركات الصغيرة مهمة أيضاً إنما السير بانتظام أهمّ.
ومن جهة أخرى، ينصح الصغير الأهل بتعويد أولادهم على تناول الطعام الصحي وعلى حضهم على أكل الفواكه والخضار، وعدم قضاء وقت طويل أمام شاشات التلفاز والـgames، إذ يجب عليهم أن يعيّنوا لهم وقتاً لقضائه أمام هذه الوسائل الترفيهية، خصوصاً أن هناك دراسة قد أكّدت أن التسمّر لساعات طويلة أمام شاشات التلفاز تجعل الولد يستهلك كميّة أكبر من الطعام كالوجبات السريعة والتشيبس ممّا يجعله عرضة للبدانة ويجعله في حال من الخمول البدني. فمع الوقت، سيؤدي ذلك بطريقة غير مباشرة وبحسب الصغير، إلى ارتفاع خطر الإصابة بالسرطان.
الفحص ضروري للوقاية من سرطان الثدي:
يشدّد الصغير على أهميّة إجراء الفحص الذاتي للمرأة وذلك ابتداء من سن العشرين، مرّة في الشهر وذلك بعد انتهاء الدورة الشهرية، إذ يجب على المرأة النظر في المرآة لمراقبة الفرق بين حجم الثديين، شكل الحلمة وتغيّراتها، ووضع اليد على الثدي بشكل دائري وذلك انطلاقاً من حدود الثدي إلى الاقتراب من الحلمة. كما عليها مراجعة الطبيب كلّ ثلاث سنوات. أما بالنسبة إلى المرأة فوق الاربعين، فعليها أن تفحص نفسها كلّ شهر مرّة، ومرّة بالسنة عند الطبيب، هذا فضلاً عن إجراء التصوير الشعاعي للثدي. ويشير إلى أن عوارض سرطان الثدي تتجلّى من خلال حبّة، جلد سميك، إفرازات بالحلمة، دم يسيل من الحلمة، تشكّل عقدة تحت الإبط، وهذا ما يستدعي منها مراجعة الطبيب. ويطمئن الصغير النساء أنّ هذه الإشارات قد لا تكون دليل على الإصابة بالسرطان بنسبة 80%، إنّما يجب مراجعة الطبيب للتأكّد من ذلك.
حملات توعوية في أنحاء العالم:
بدأت حملات التوعية عن سرطان الثدي تظهر في جميع أنحاء العالم منذ شهر أيلول من هذا العام. ففي بريطانيا، مثلاً، عرضت في السابع عشر من أيلول 2014 صور لنساء عاريات الصدور على الإعلانات في مناطق التسوّق العامة لتوعية النساء على مخاطر هذا المرض. وقد كتب عليها عبارات تصف ثديي المرأة ولكن بطريقة غير موحية جنسياً. وتعتبر جمعيةCoppaFeel الخيرية هي المسؤولة عن هذه الإعلانات التي ستتكثّف خلال شهر تشرين الأول/ اكتوبر في لندن وشوارعها. ولمساعدة المرأة في التكلّم على ثدييها وتوعيتها عن الأمر، تمّ تخصيص هاشتاغ لذلك هو#whatnormalfeelslike. وستكتب على كلّ صورة منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي المرفقة بذلك الهاشتاغ العبارة التالية: “عندما يتعلّق الأمر بثدييك، ستجدين مئات الكلمات لوصفهما. فاختاري كلماتك وقولي لنا#whatnormalfeelslikeبالنسبة إليك. #whatnormalfeelslikeيمكن أن ينقذ حياتك“.
أما بالنسبة إلى شركاتEstée Lauder ، فهي تنوي هذا العام الاستفادة من سطوة وسائل التواصل الاجتماعي لنشر التوعية بين النساء. وللفت المزيد من الأنظار إلى حملاتها، ستتبرّع الشركة بدولار واحد لمؤسسة بحوث سرطان الثدي، مقابل كلّ صورة أو رسالة تعتبر فريدة من نوعها كانت قد نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. هذا فضلاً عن التبرّعات التي ستقدّمها الشركة من خلال بيعها لمنتجات تحمل الشريط الوردي.
إلاّ أنّ هناك حملة جديدة أطلقتهاBreast Cancer Foundation، تقضي بتوعية المرأة عن سرطان الثدي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على المستخدمين رجالاً ونساء. ونشرت الجمعية، مؤخراً في أيلول، صوراً تحمل علامة التويتر والفايسبوك والإنستغرام مرفقة بعبارات تنصح فيها النساء بالفحص الذاتي لأنّ وسائل التواصل الاجتماعي بإمكانها الانتظار.
أين لبنان من هذه الحملات؟
أعلن مدير عام وزارة الصحة الدكتور وليد عمّار لـ “النهار”، أنه مثل كلّ عام، ستطلق وزارة الصحة الحملة الوطنية للتوعية حول سرطان الثدي، تهدف من خلالها إلى التوعية عن الموضوع وتشجيع النساء على إجراء الصور الشعاعية بحيث تخفض تكلفتها في المستشفيات الخاصة إلى 40000 ليرة لبنانية، فيما يقدّم هذا الفحص مجاناً في المستشفيات الرسمية. والجديد هذا العام إطلاق هذه الحملة من السراي الحكومي في الخامس عشر من تشرين الأول/أوكتوبر من هذا العام، وستكون الحملة برعاية السيّدة لمى سلام وبمشاركة شركة روش وبحضور الجمعيات. ستتطلق هذه الحملة في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً للإعلان عن افتتاحها، وعن استقبال جميع النساء فوق الأربعين سنة في المستشفيات الخاصة والرسمية لإجراء الفحص. كما سيتمّ إجراء لقاءات في المناطق ونشر حملات توعوية للتحدّث عن سرطان الثدي. وينوّه عمّار إلى أنه في آخر عشر سنوات، ارتفعت نسبة النساء اللواتي يكتشفن إصابتهن بسرطان الثدي في مراحله الاولى وهذا دليل على انتشار الوعي بين المواطنين. وسيحصل هذا العام تدريب لتقنيات الأشعة في المستشفيات الحكومية لتحسين جودة الصورة الشعاعية، كما ستحصل قراءة ثانية لعيّنة من تقارير الأشعة التي ستصدر خلال الحملة لضمان جودة صورة الأشعة وحسن قراءة التحليل. هذا فضلاً عن إنتاج كتيّبات عن سرطان الثدي وبثّ شريط تليفزيوني خاص بالحملة على شاشات التليفزيون وعلى اللوحات الإعلانية على الطرقات. ويختم عمّار إلى أن كلّ سيّدة غير مضمونة، تتكفّل وزارة الصحة بعلاجها وبتوفير الأدوية لها.
وإلى جانب ذلك، تشير ميرنا حبّالله وهي نائبة رئيس الجمعية اللبنانية لمكافحة سرطان الثدي لـ “النهار”، أنّ الجمعية تقوم بحملات توعوية على مدار السنة في بيروت وخارجها للتوعية على ضرورة إجراء الفحص كي تتمكن المريضة من الشفاء منه، فضلاً عن توزيع الكتيّبات لذلك. وتضيف أن الجامعة الأميركية في بيروت تقيم حلقات دعم، أو ما يعرف بالـSupport group للنساء المصابات بسرطان الثدي في حضور اختصاصية علم النفس، كي تتمكن المريضة من الإفصاح عن مشاعرها في هذه الفترة. وأخيراً، تنصح حبالله جميع النساء بالخضوع للفحص للكشف المبكر عن السرطان والشفاء منه.