رغم الوضع الاقتصادي السيء، وارتفاع معدلات البطالة والفقر في قطاع عزة الفلسطيني، إلا أن شوارع القطاع تكاد تخلو من ظاهرة التسول، وهذا لا يعبر عن واقع الحال المرير الذي يعيشه أهالي غزة.
التسول في قطاع عزة يأخذ أشكالاً أخرى في مجتمع تحكمه العشيرة والعادات والتقاليد المحافظة، خاصة وأن قدرة الناس على العطاء والتعاطي مع المتسولين في الشوارع محدودة جداً.
ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور عمر شعبان، رئيس مركز “بال ثينك” للدراسات الاستراتيجية في غزة لـ”العربية.نت”، إن التسول موجود في قطاع غزة، غير أنه لا يظهر في الشوارع بل في أشكال مخفية، خاصة على أبواب المؤسسات الدولية والمساجد، حيث هناك طوابير من المواطنين الذين يصطفون للحصول على المساعدات الإغاثية أو لطلب العمل.
المواطن محمد أبو عمرة من دير البلح جنوب القطاع، قال لـ”العربية.نت” إن انحسار ظاهرة التسول في غزة يعود سببها لكون العشائر والقبائل والعائلات ترفض هذه الظاهرة رغم حالة الفقر، بالإضافة إلى أن هناك نوع من التضامن والتكافل الأسري بين الأقارب والعائلات، كما أن أهالي القطاع يعتمد نحو الثلثين منهم، وفق إحصاءات رسمية، على المساعدات الإغاثية التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” والمؤسسات الحكومية والدولية الأخرى.
لكن أبو عمرة أشار في الوقت ذاته إلى أن قلة من المواطنين لا تزال تعتبر التسول مهنة يؤمنون بها حياتهم ومستقبل عائلاتهم، فيمارسونها بشكل منتظم بغض النظر عن واقع الحال.
وأكد الخبير الاقتصادي د. شعبان أن معدلات الفقر والبطالة في قطاع غزة تفوق الإحصاءات الرسمية الفلسطينية والدولية، وذلك بعد مرور عامين على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما خلفته من دمار هائل في البنية التحتية، والحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال على القطاع منذ أكثر من ثلاثة أعوام ونصف.
وبحسب تصريحات د. شعبان، فإن إحصاءات رسمية لجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، ومؤسسات دولية أخرى، تشير إلى أن نسبة الفقر في القطاع تجاوزت 42%، بينما وصل معدل البطالة إلى 39%.
وأشار إلى أن هذه الإحصاءات لا تشير إلى واقع الحال الصعب والمعقد في القطاع، ويفيد شعبان أن معدل الفقر في القطاع قد تجاوز 70%، مدللاً على ذلك بأن هناك الكثير من العاملين والموظفين الذين يعيلون أسرة من خمسة أفراد ويتقاضون رواتب تقل عن 2200 شيقل إسرائيلي، ما يعادل 700 دولار، هم عمليآً يقعون تحت خط الفقر رغم أنهم يعملون، فالحياة صعبة والأسعار مرتفعة.
وأكد د. شعبان أن نسبة البطالة في غزة مرتفعة جداً، نتيجة لنقص الموارد ومحدودية القطاعين الخاص والحكومي على توفير الوظائف للمواطنين الذين يتزايد عددهم بشكل كبير كل عام، فخلال السنوات الأربع الماضية بلغ عدد المواليد الجدد في القطاع 200 ألف مولود.