ع.د – غداة انتصار الثورة التونسية تفاءلت الشعوب العربية خيرا. فقد جاء زمن الحرية للشعوب التي عاشت ردحا من الزمن تحت ظلم نير حكامها. هو “أبوالعزيزي” أشعل كل هذه الاحداث التي يضج بها عالمنا العربي. بالطبع لم يكن يُدرك ابو العزيزي حين اضرم النار في نفسه احتجاجا على اهانة كرامته من قبل شرطية، ان سيغير التاريخ العربي المعاصر، وسيشكل نقطة تحول في العصر الحالي، وستؤدي خطوته هذه الى اشعال الحرائق في العديد من الدول العربية.
منذ لحظة اضرام ابو العزيزي النار في نفسه، كُتب تاريخ جديد عماده دماء ملايين العرب، وتشريد الملايين ايضا، وتدمير مدن ومناطق بأكملها خسائرها الاقتصادية تتجاوز مليارات الدولارات.
وفي جردة لما حصل منذ مطلع العام 2011 وحتى اليوم، نجد ان لا الشعوب تحررت ولا الحكام في بعض الثورات رحلت.
فهذه سوريا التي تعيش ازمتها منذ 4 سنوات، ما زال رئيسها بشار الاسد متمسك بالكرسي، رغم سقوط مئات الاف القتلى وتدمير سوريا واعادتها 100 عام الى الوراء، وما يزيد الطين بلة، انه بالاضافة الى تمسك الرئيس بالكرسي، فإن التنظيمات الارهابية التكفيرية وفي مقدمتهم تنظيم داعش، تمكنت من السيطرة على مساحات شاسعة من البلاد، وتقوم بممارسة الاضطهاد والارهاب بحق السكان اينما حلت.
ليبيا، هي الاخرى، رحل القذافي بعد 40 عاما من الاستيلاء على الحكم، الا ان الديمقراطية والحرية لم تنتعش في هذا البلد. حكومتان، ودويلات اسلامية وامارات حكم متناحرة في هذا البلد، والامن مفقود تماما، وداعش تتغلغل في ارجائه.
في مصر، ثورة تطيح بالرئيس حسني مبارك، وتوصل الاخوان الى الحكم، ثورة اخرى تطيح بالاخوان، وتعيد رموز النظام السابق، وفي الثورتين، مقتل الاف المصريين، وانتشار للارهاب في ارجاء مصر، واعتقالات، و…
في العراق، المشهد لم يختلف كثيرا، داعش تجتاحه، وبعد عام تقريبا ينتفض العراق لتحرير ارضه من داعش، وتتدخل العديد من الدول تحت مسمى التحالف بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة داعش، وتُستباح سيادته وتُنتهك سماؤه، من دون ان يُفلح في هزيمة داعش.
وحدها تونس، أم الربيع العربي وأبيه، استطاعت ان تقطف ثمار ربيعها، وان تعيش الحرية الا ان الارهاب الذي يجتاح المنطقة والعالم تكفل بالتنغيص عليها، وبتوجيه ضربات لامن البلاد هنا وهناك، الا ان جميع التونسيين ويدا واحدة يقفون بوجه الارهاب ويرفضونه، حتى الاحزاب الاسلامية التي تشارك في الحكم.
هذا هو ربيعنا العربي، الذي لا نراه سوى شتاء حلق في سماء منطقتنا ولا بد له من الافول والرحيل، لكن هل يرحل وفق تطلعات شعوبنا، ام ان للخارج ما اراد؟