مقال هيثم زعيتر في جريدة اللواء اللبنانية – انتفاضة… ثورة… حراك… مقاومة شعبية… أسماء وعناوين أُطلِقَتْ على ما يجري من مواجهات بطولية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بين الشبّان الفلسطينيين الغاضبين وجنود وشرطة الاحتلال وحرس الحدود والمستوطنين…
مهما تعدّدت المسمّيات، لكن يبقى أنّ زلزلاً مدوّياً قد وقع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ببصمة فلسطينية خالصة، تؤكد وحدة الشعب الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948 والقدس والضفة الغربية وقطاع غزّة، وبتناغم مع الشتات الفلسطيني في أصقاع المعمورة…
فقد ثبت أنّ الشعب الفلسطيني موحّد، وإنْ انقسم المسؤولون في السياسية، لكن الواقع يدفع الكثير منهم بسرعة إلى اللحاق بالركض، وإلا فإنّ القطار سيفوته، ولن يرحم التاريخ مَنْ يخون أو يتآمر أو يشارك في تنفيذ المؤامرات ضد أبناء شعبه…
هو بركان متفجّر يقذف حمماً ملتهبة بحجارة وكأنّها من سجيل.. وزجاجات حارقة تأتي أُكلها… وسكين يُغمد في قلب جندي صهيوني أو مستوطن… وهرس ودهس لجنود الاحتلال وقطعان المستوطنين… وصولاً إلى الاستيلاء ونزع بنادق جنود الاحتلال الخائفين من تنفيذ عملية بطولية…
أي من المسمّيات ليس مهماً، طالما أنّ المارد الفلسطيني يتعملق، ويؤكد مواصلة النضال حتى تحقيق التحرير الناجز، على الرغم من قوافل الشهداء والجرحى والمعتقلين والأسرى والمُبعدين، وسياسة القمع الصهيوني بإجراءات تعسّفية، وقرارات قمعية، وهدم وطردٍ واعتقال، وسرقة وتجريف للأراضي، وسحب للهويات والأوراق الثبوتية، والإعدام المتعمّد بدم بارد، وكل ذلك لن يلين من عزيمة المناضلين الميامين، الذين فاجأوا مجدّداً الاحتلال بثورتهم العارمة، حيث لم تنجح كل وسائل الاحتلال ومخابراته في كشف النقاب عن قيادتها الحقيقية، والتي لا تزال حتى الآن غير معروفة، وحُكماً ليس من القيادات التي أصبح كثير منها هاجسه وهمّه الظهور الإعلامي وليس العمل الميداني…
قيادة ميدانية لم تتمكّن أجهزة الرصد والتنصّت الإسرائيلي والعملاء من تحديد كيفية التواصل في ما بينها، بحيث بات كل فرد قيادياً بحد ذاته، يخطّط وينفّذ في قرارة نفسه، فليس بحاجة إلى دافع أو وازع أو مخطّط، فما يجري من انتهاكات وممارسات تعسّفية صهيونية متغطرسة، يندى لها الجبين، من قتل واستباحة للحرمات والمقدّسات، واتخاذ ذرائع لإطلاق النار والاعتقال، و”فبركة” ذلك لتنفيذ مخطّط صهيوني يقضي بتفريغ الأراضي الفلسطينية المحتلة من أهلها بشتى السبل والوسائل، لتحقيق إقامة “دولة إسرائيل اليهودية” – أي إنّ بيت الرحى هو صراع ديني إسلامي ومسيحي في مواجهة الصهيوني، وهو ما يتم تنفيذه بشكل مباشر من قِبل اليهود المتطرفين، أو بأدوات تقتل وتدمّر بإسم الدين الإسلامي، وهو منها براء…
“الربيع العربي” كانتونات وفدراليات؟
في ظل ما يجري من حراك في المنطقة العربية تحت عنوان “الربيع العربي”، تبيّن أنّه صنيعة مخطّط دولي لإشغال الدول العربية بقضايا داخلية وتقسيمها إلى “كانتونات” و”فدراليات” مناطقية وعريقة، وإنْ كان كثير ممَّنْ شاركوا في هذا الحراك كان هدفهم ودافعهم وطنياً، تحقيقاً لإصلاح وتغيير داخلي، لكن كان هناك مَنْ يخطّط ويضع الـ”سيناريوهات” التي جرى تنفيذها تحت عناوين الإصلاح والتغيير، فكانت نتائجها وخيمة قتلاً وتشتيتاً وتهجيراً وتقسيماً وفتكاً بدول كان قد جرى فرزها وفق مخطّط “سايكس – بيكو” قبل قرن من الزمن، حيث انتهى مفعوله، وبدأ مجدّداً بتقسيم المقسّم.
وفيما يتركّز الحراك في العديد من البلدان العربية مطالباً بإسقاط الرئيس أو تغييره، فإنّ الحراك الفلسطيني يركّز على تجسيد الوحدة الداخلية وتعميمها ونقلها من الشعب إلى القيادة، طالما أنّ الهدف الأسمى هو التحرير والاستقلال والسيادة وسط إجماع على أنّ هناك عدوّاً وحيداً هو الاحتلال الإسرائيلي، حيث أثبت ما يجري في فلسطين:
– أنّ الرد على دعوات التجزئة والتقسيم هو دعوة للوحدة الداخلية وإزالة المتاريس والعوائق والأسلاك التي وضعها الاحتلال بين المناطق الفلسطينية بهدف تجزئتها، وهو إنْ نجح في التقسيم المكاني لذلك، فإنّه فشل في ضرب الوحدة الداخلية.
– أنّ الأهداف واحدة وهي تحرير فلسطين، وأنّ هناك عدوّاً وحيداً هو الاحتلال الإسرائيلي.
– أنّ الانتهاكات الصهيونية بحق المسجد الأقصى ومحاولة التقسيم المكاني والزماني، ليست كغيرها في أماكن أخرى، فوضع الأقصى مغاير كلياً، ففيه نقطة التقاء الأرض بالسماء.
– أنّ تصاعد عمليات المقاومة الشعبية وتنوّعها بما توافر من سكين أو دهس، يشكّل “قنبلة بشرية” متنقّلة لا يمكن للاحتلال قمعها، فهي في قرار أوحد يتّخذه نفس الشخص لتنفيذ عملية فدائية، وبالأسلوب التي يرتأيه.
– أنّ الإحصائيات أظهرت اتساع دائرة المشاركة الفلسطينية، خاصة أنّ مَنْ ينفّذ العمليات هم من جيل الشباب – أي إنّهم لم يشاركوا في “الانتفاضة الأولى” في العام 1988، ولا في “الانتفاضة الثانية” في العام 2000، فغالبيتهم وُلِدوا بين “انتفاضة الحجارة” و”انتفاضة الأقصى”، وهم سمعوا عن البطولات الفلسطينية وعايشوها مع ذويهم والأصدقاء، وتشربوا روح النضال من رحم المعاناة اليومية جراء الاحتلال، حتى بدت وكأن فلسطين احتلت اليوم، وبأن المقاومة متأصلة بالجينات وبالدم يتوارثها جيل بعد جيل، وهو ما يدحض مقولة دايفد بن غوريون: “غداً الكبار يموتون والصغار ينسون”.
– دخول عوامل ومناطق جديدة على خط العمليات، لم يكن أبناؤها يشاركون في مثل ذلك، حيث أظهرت عملية بئر السبع البطولية، نموذجاً جديداً سواء لجهة أنّ منفّذ العملية الشهيد مهند العقبي (21 عاماً) هو من سكان حورة بالنقب، ويحمل الجنسية الإسرائيلية، لتكون هذه العملية الأولى التي ينفّذها شاب فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية، ما أحدث صدمة مدوية لدى جنود الاحتلال، خاصة أنّ منطقة النقب (البدو)، والذين يفوق عددهم الـ 260 ألفاً ويعيشون ظروف فقر مدقع، ويخدمون في جيش الاحتلال الإسرائيلي، بحيث أصبحت احتمالات تكرار تجربة الشهيد مهند واردة، ومن داخل جيش الاحتلال.
كما إنّ الأسلوب المميّز الذي اتّبعه بتنفيذ الهجوم ينم عن قدرة على التخطيط والتنفيذ الفرديين، بعدما تمكّن من طعن جندي إسرائيلي والاستيلاء على بندقيته من نوع m16 وإطلاق النار على جنود الاحتلال وقطعان المستوطنين في محطة بئر السبع المركزية، وإلحاق خسائر فادحة بقتل جندي إسرائيلي وجرح 11 آخرين، فضلاً عن جرح وإصابة 23 آخرين بجراح جرّاء الهلع والخوف والتدافع.
– تخطّي الشبان الفلسطينيين للجدار المفروض على قطاع غزّة وقيامهم برشق الإسرائيليين بالحجارة – أي الوصول إلى الهدف، وليس انتظار الإسرائيليين إلى حين القدوم.
– حالة غليان داخل الضفة الغربية، والتي تُترجم بمواجهات بطولية على كافة الحواجز والنقاط العسكرية للاحتلال وعند مداخل الضفة مع القدس والأراضي المحتلة، حيث باتت خبزاً يومياً، ولم تثن عمليات إطلاق النار و”قنص” جنود الاحتلال للشبان الفلسطينيين بالرصاص الحي ما يؤدي إلى سقوط شهداء وجرحى، فضلاً عن الرصاص المطاطي الذي يؤدي أيضاً إلى إصابات، وقنابل الغاز والقنابل الدخانية والمسيّلة للدموع، التي تكون نتيجتها حالات اختناق في صفوف المتظاهرين.
– تصاعد المقاطعة الفلسطينية لمنتوجات المستوطنات والشركات الإسرائيلية، والتي شكّلت ضربة قوبة للاقتصاد الصهيوني.
– الهبّة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة منذ العام 1948، والتي يشارك بها المسلمون والمسيحيون، إدانة للعدوان الصهيوني ونصرةً للأقصى والقدس.
فشل إجراءات الاحتلال
– إصرار المقدسيين على الدفاع عن المسجد الأقصى، وما يشكّله في عقيدتهم وعقيدة المسلمين عموماً، وتقديم الأرواح فداءً وزوداً عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومرابطة المرابطين داخل المسجد الشريف، على الرغم من الاستباحات المتكرّرة وتدنيس باحات المسجد، واعتقال المرابطين وفرض عقوبات عليهم، بالسجن أو المنع من دخول الأقصى أو الإبعاد والطرد.
كذلك لم تؤد الإجراءات الصهيوينة المتخذة في المدينة المقدّسة إلى التقليل من عزيمة المقدسيين، حيث حوّل الاحتلال القدس إلى ثكنة عسكرية، وأقام الجدران الاسمنتية والحواجز الحديدية والمتاريس، وبوابات المراقبة، وأخضع الداخلين أو المقيمين في المدينة المقدّسة إلى تفتيش دقيق، واتخذ قرارات بمنع الصلاة في المسجد الأقصى لمَنْ هم دون الـ40 عاماً ذكوراً وإناثاً فصلّوا على الإسفلت.
– احتجاز جثامين الشهداء الذين سقطوا في الآونة الأخيرة، حيث يرفض الاحتلال تسليمهم إلى ذويهم لدفنهم، لأنّ مواكب التشييع ستكون أعراساً للشهداء الميامين، وستولد نقمة إضافية ضد المحتل.
– عدم جدوى القرارات التي اتخذها الاحتلال لجهة تدمير منازل منفّذي العمليات الفدائية وقادة التظاهرات الجماهرية، فضلاً عن سحب الهوية الإسرائيلية والأوراق الثبوتية لذوي استشهاديين وإبعاد بعضهم، فذلك لم يغير شيئاً، حيث استمرّت العمليات الفدائية واتسعت دائرتها وتنوّعت أساليبها.
– لم تثن القوانين والقرارات القمعية الصهيونية بإجازة السجن 4 سنوات لمطلقي الحجارة عن تغيير المعادلة، فما زال الفلسطينيون أطفالاً وشبّاناً يتسابقون إلى رشق جنود الاحتلال بالحجارة والزجاجات الحارقة وإشعال الإطارات المطاطية.
مفاجأة الفتاة الفلسطينية
– تسجيل حدث هام تمثّل بمشاركة الفتاة الفلسطينية في المواجهات على خط النار المتقدّم إلى جانب الشباب، بعدما كان يقتصر دورهن على تأمين الدعم اللوجستي من حجارة وإسعاف الجرحى والمُصابين، فأصحبن يرشقن الجنود بالحجارة وهن يضعن الكوفية الفلسطينية على رؤوسهن.
في المقابل، يعيش الكيان الصهيوني تفكّكاً وتخبّطاً سياسياً وأمنياً، فالخناق ضاقت على عنقه بعد الإدانات الدولية لجرائمه التي أصبحت ملفّاتها جاهزة لتُقدّم ضده إلى “المحكمة الجنائية الدولية” في لاهاي، وهي جرائم حرب وضد الإنسانية تستهدف المواطنين والمؤسّسات الطبية والإعلامية والأماكن المقدّسة والأثرية.
كذلك فإنّ جنوح اليمين المتطرّف يجعل من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أسير قرارات يتّخذها وفق إملاءات هذا اليمين، وإلا فإنّ حكومته مهدّدة بالاستقالة.
وعلى المستوى الميداني، فإنّ الجنود الصهاينة والمستوطنين – الذين هم في الأساس يخشون الموت – يُواجهون بشبان يتسابقون على الاستشهاد، ولم تعد الغارات الحربية والقصف والقنص وأساليب القمع تعطي ثمارها، لأنّ الفلسطيني هو مَنْ يحدّد أسلوب ووسيلة ومكان عمليته، وساعة الصفر.
ولم تعط استدعاءات المزيد من “حرس الحدود” والدفع بالوحدات الخاصة إلى مناطق المواجهات ثماراً، لأنّ احتمال نشوب مواجهات متوقّع وفي كل منطقة.
إرباك جنود الاحتلال والمستوطنين
وقد بدت حالة الإرباك واضحة بشكل جلي على جنود الاحتلال والمستوطنين وللاشتباه بكل متحرّك بأنّه ينوي تنفيذ عملية، حتى ولو كان يهودياً، وهو ما حصل مع المهاجر الأرتيري الذي يدعى هبتوم زارهوم (29 عاماً) الذي قتل برصاص جنود الاحتلال، ونكل به للاعتقاد بأنّه شريك منفّذ عملية بئر السبع (مهند)، لكن تبيّن أنّه كان يحاول الفرار والاختباء حين وقوع الهجوم.
وسجّلت آثار الهلع لدى الصهاينة إعدام فلسطينيين بدم بارد، تحت ذريعة الاشتباه بتنفيذ عمليات فدائية، علماً بأنّ مَنْ يستشهد من الفلسطينيين أو يُعتقل يتبيّن أنّه لا يحمل سكيناً أو أنّه كان يفكر بتنفيذ عملية.
من المهم حتى الآن، فشل محاولات الاحتلال “عسكرة” الانتفاضة والثورة والحراك، لأنّه يستفيذ من ذلك بتجييش الرأي العام الدولي بأنّه في معركة للدفاع عن النفس، بينما الوقائع أثبتت أنّه يعتدي ويمارس شتى أنواع ووسائل القمع والانتهاكات والقوانين الدولية.
وحتى محاولات الاحتلال بإدخال “مستعربين” ملثّمين لإخراج التظاهرات عن حقيقتها لم يُكتب لها النجاح، حيث يتم اكتشاف “المدسوسين” في التظاهرات الذين يقومون في لحظة ما بإشهار مسدّساتهم وإطلاق النار في الهواء، وهم نجحوا في اعتقال عدد من نشطاء التظاهرات.
أحمد عسّاف
الناطق الرسمي بإسم حركة “فتح” أحمد عسّاف قال في حديث لـ “اللـواء”: “نحن في حركة “فتح”، لدينا قرار بأنّه طالما ما زال الاحتلال الإسرائيلي موجوداً، فالشعب الفلسطيني سيبقى يناضل حتى الخلاص من هذا الاحتلال، وصحيح أنّ أشكال النضال مختلفة، وصحيح أنّ موجات هذا النضال ما بين صعود وهبوط مختلفة، لها علاقة بحجم الجرائم الإسرائيلية وانتهاكاتها ولحظة سياسية معينة، لكن ما نحن بصدد الحديث عنه الآن، هو هذه “الهبّة” أو هذه “الغضبة” أو هذه “الانتفاضة” بوجه هذا الاحتلال الإسرائيلي، التي لها أهداف محدّدة، وهي التي انتفض الشعب الفلسطيني من أجلها”.
وقال: الأهداف لها علاقة بالأسباب:
– السبب الأول لما قمنا به حتى الآن: هو الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، هذا المكان المقدّس بالنسبة لنا كفلسطينيين وللمسلمين في العالم أجمع، وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، الفترة الأخيرة تعرّض لانتهاك حرمته بشكل غير مسبوق، من خلال الاقتحامات اليومية من قِبل المستوطنين تحت مسمّى أداء طقوس دينية معيّنة تلمودية أو من وزراء في حكومة نتنياهو، أو من قِبل قوّات جيش الاحتلال الإسرائيلي، هذا الاستخفاف بمشاعر المواطن الفلسطيني، الذي حذّرنا منه طويلاً، ولم تأخذ حكومة نتنياهو للأسف هذه التحذيرات على محمل الجد، لأنّها كما هو حال كل الاحتلالات في العالم متغطرسة، متكبّرة، ومستعلية، لا ترى أحداً سوى نفسها، وبالتالي هذا هو السبب الرئيسي.
– السبب الثاني: هو تصاعد جرائم المستوطنين، التي وصلت إلى اغتيال أو حرق عائلة دوابشة وهم نيام، وحرق الفتى محمد أبو خضير وهو حي، والانتهاكات اليومية في الشوارع، بالإضافة إلى الإعدامات الميدانية التي مارسها جنود الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي كانت هذه “الهبّة” الفلسطينية بوجه هذه الإجراءات الإسرائيلية لنضع حدّاً لهذه الجرائم، ولهذا الانتهاك للمسجد الأقصى ولجرائم المستوطنين ولقوّات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي تكون هذه الأهداف المرحلية للحراك الأخير، الهدف الثابت والدائم والاستراتيجي، هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية.
وأكد أنّه “ما زال هذا الاحتلال الإسرائيلي موجوداً على أراضينا التي احتلّت في العام 67، فإنّ الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله حتى دحر هذا الاحتلال مهما كان الثمن، ومهما كانت التضحيات، فقد جرّبت “إسرائيل” كل أشكال العقاب بحق شعبنا، اغتالت القائد الرمز ياسر عرفات، أبو علي مصطفى، الشيخ أحمد ياسين، أبو جهاد الوزير، أبو إياد، أبو يوسف النجار وفتحي الشقاقي، وصادرت أراض، وهدمت منازل، فهل توقّف الشعب الفلسطيني عن نضاله؟ لا، هل انكسرت إرادة الفلسطيني؟ لا، هل رفع المواطن الفلسطيني أو القيادة الفلسطينية، والآن الذي يقود المعركة الرئيس “أبو مازن”، الراية البيضاء أو تنازل عن الثوابت أو تراجع عن المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني؟ لا، وبالتالي هذا الحراك مستمر ومتواصل حتى تحقيق أهدافنا بالحرية والاستقلال”.
وشدّد الناطق الرسمي بإسم حركة “فتح” على “أنّنا في حركة “فتح” وفصائل “منظّمة التحرير الفلسطينية” لدينا إجماع وطني فلسطيني على استراتيجية المقاومة الشعبية، وباتفاق المصالحة الذي وُقّع في القاهرة بتاريخ 4 أيار 2011، عندما وقّعت حركة “حماس” على وثيقة المصالحة التي وقّعنا عليها في العام 2009، كان هناك اتفاق من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني وطنياً وإسلامياً، وقّعت على أنّ هناك إجماعاً على استخدام المقاومة الشعبية من أجل التصدّي لهذا الاحتلال الإسرائيلي، وأذكر ما قاله رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل في حينه بأنّ لها قوّة مثل “تسونامي”، ولغاية الآن الحراك الفلسطيني يسير ضمن هذه الخطة الفلسطينية، وهذه الخطة لها علاقة باستراتيجية المقاومة الشعبية الشاملة، وعندما نقول استراتيجية المقاومة الشعبية الشاملة، تتعدّى الخروج إلى الشوارع أو إلى نقاط الاحتكاك أو إلى الأراضي المهدّدة والمصادرة القريبة من جدار الضم والتوسّع أو المستوطنات لها علاقة بمقاطعة البضائع الإسرائيلية، ومقاطعة بضائع المستوطنات، لها علاقة بالحراك، وجلب المتضامنين الأجانب والإسرائيليين المؤيّدين لحقوق شعبنا لها علاقة بالحراك على مستوى العالم من أجل كشف جرائم هذا الاحتلال الإسرائيلي وعزله، وهذا ما حدث فعلاً”.
وأكد عساف أنّ “هذه الخطة الاستراتيجية الشاملة التي نتحدّث عنها في المقاومة الشعبية لغاية الآن، الأمور تسير في الاتجاه الصحيح ولصالح القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ففي الأسابيع الثلاثة الماضية تعرّضنا لجرائم كبيرة وإلى تهديدات كثيرة ولابتزاز إسرائيلي غير مسبوق من قِبل حلفاء “إسرائيل” في العالم، لكن الحقيقة كان هناك صمود أسطوري من الشعب الفلسطيني ومن القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس “أبو مازن”، حيث هناك سياسة حكيمة وذكية انتهجها الرئيس “أبو مازن” ترافقت مع هذا الصمود الشعبي، وهذا الانسجام بين الشعب والقيادة أدّى إلى تبنٍّ للموقف الدولي لقضايا وحقوق الشعب الفلسطيني، لهذا نلاحظ أنّ غالبية دول العالم تؤيد ما نقوم به، لدرجة أنّه حتى حليفة “إسرائيل” الولايات المتحدة الأميركية كانت هناك تصريحات للناطق بإسم خارجيتها تقول بأنّ سبب ما يجري الآن هو محاولة “إسرائيل تغيير” الوضع القائم في المسجد الأقصى، وهذا تحميل للمسؤولية عن كل ما يجري إلى حكومة “إسرائيل”، وهذا قد يكون لأوّل مرّة نستمع فيها إلى مثل هذا الأمر من الولايات المتحدة الأميركية، ومع ذلك لا نعوّل كثيرا على موقف أحد حتى لا يفهم أحد الكلام خطأ، لكن عندما نعمل بشكل صحيح ويكون الانسجام على الأهداف الوطنية متوافقاً، وعندما يكون هناك تلاحم بين القيادة التي تسير في مشروع مع الشعب، سنرى العالم كله يقف إلى جانبناً”.