تفاقمت أمس التداعيات السياسية لأحداث انطلقت من الهم المعيشي والاحتجاج على البطالة، وانتهت بإقالة وزير الداخلية التونسي وانتشار الجيش حول المواقع الحكومية والرسمية الحساسة. اضافة الى اعلان حظر التجول ليلا في العاصمة تونس.
وربط رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي نشر وحدات من الجيش وسط تونس العاصمة وبعض المناطق الأخرى بحماية المؤسسات الحكومية والمنشآت الحيوية حصرا على خلفية تصاعد حدة الاحتجاجات.
وقال الغنوشي ردا على سؤال ليونايتد برس إنترناشونال بشأن مغزى نشر هذه الوحدات العسكرية وما إذا كانت هناك نية لإعلان حظر التجول أو حالة الطوارئ، إن وحدات الجيش تم نشرها لحماية المؤسسات الحكومية والمنشآت الحيوية فقط لا غير.
إلا أنه امتنع عن التعليق حول إمكانية إعلان حظر للتجوال أو إعلان حالة الطوارئ. وأكد في المقابل على ضرورة استخلاص العبر والدروس من هذه الأحداث.
وإذ كشف أن الرئيس بن علي دعا أيضا مجلسي النواب والمستشارين إلى عقد جلسة استثنائية اليوم، اعلن الغنوشي اقالة وزير الداخلية رفيق بلحاج قاسم وتعيين أحمد قريعة في منصب وزير الداخلية خلفا لقاسم. الى جانب الإفراج عن جميع الموقوفين الذين قبض عليهم في المواجهات المستمرة منذ أيام. إضافة إلى تشكيل لجنة تحقيق حول الفساد الذي تندد به المعارضة ومنظمات غير حكومية.
وقال الغنوشي «قررنا تشكيل لجنة تحقيق للتحقيق بشأن مسألة الفساد». كما أعرب خلال المؤتمر الصحافي عن أسفه لإقدام السلطات الأمنية أمس الأول على منع المثقفين من الفنانين والمسرحيين والصحافيين من التظاهر سليما وسط تونس العاصمة وقال كان يمكن تفادي ذلك لو تم طلب ترخيص رسمي لمثل هذه المظاهرة. وللمرة الأولى انتشر الجيش في تونس العاصمة وضاحيتها الشعبية غداة اول مواجهات عند اطراف العاصمة في اطار الازمة المستمرة منذ حوالى شهر والتي خلفت عددا من القتلى والجرحى، حيث ظهر جنود مسلحون وشاحنات وسيارات جيب ومصفحات في العاصمة التونسية.
وفضلا عن تعزيزات كبيرة من قوات الشرطة ووحدات التدخل الخاصة، تمركزت آليتان للجيش وجنود بالسلاح لتولي حراسة الساحة التي تربط بين جادتي فرنسا والحبيب بورقيبة قبالة السفارة الفرنسية وكاتدرائية تونس الكبيرة. كما شوهدت تعزيزات عسكرية ايضا حول مقر الاذاعة والتلفزيون.
وتمركز الجيش ايضا في وسط العاصمة وعند مدخل حي التضامن الشعبي حيث تواجه شبان مع عناصر من الشرطة مساء امس الاول. وكانت المرة الاولى التي تقع فيها اعمال عنف بالقرب من تونس العاصمة حيث ان حركة الاحتجاج تتركز حتى الآن في وسط البلاد.
وتحدثت مصادر من المعارضة عن اقالة قائد هيئة اركان سلاح البر الجنرال رشيد عمار الذي رفض اعطاء الامر الى الجنود بقمع الاضطرابات التي انتشرت في البلاد وتعبر عن تحفظه ازاء استخدام القوة بشكل مفرط بحسب المصادر نفسها.
واستبدل عمار بقائد الاستخبارات العسكرية الجنرال احمد شبير بحسب هذه المعلومات التي لم يتم التأكد منها من مصادر رسمية.
ميدانيا وبعد اعلان الداخلية حظر التجول ليلا في تونس العاصمة وضواحيها، تعددت المعلومات حول عدد قتلى اشتباكات الامس في مدينة دوز التابعة لمحافظة توزر. حيث أكد شهود عيان مقتل شخصين عندما فتحت الشرطة التونسية النار على محتجين. بينما نقلت قناة الجزيرة عن مراسلها في المدينة مقتل 6 اشخاص خلال الاشتباكات.
وأفاد الشهود بأن آلافا من سكان المدينة خرجوا في مظاهرات للتنديد بـ «قتل» رجال الشرطة لمحتجين في مدن «تالة» و«القصرين» و«الرقاب». وأكدوا أن المحتجين أحرقوا سيارات شرطة ومقر المعتمدية (فرع المحافظة) وفرع الحزب الحاكم (التجمع الدستوري الديموقراطي) في المنطقة.
على صعيد ردود الفعل الخارجية، عبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مساء أمس الأول عن «قلقها ازاء الاضطرابات وعدم الاستقرار»
وقالت كلينتون «نحن قلقون بالإجمال من عدم الاستقرار في تونس، يبدو أن الاحتجاجات خليط ما بين الاقتصادي والسياسي وللأسف فإن رد الفعل الحكومي أدى لمقتل البعض، ونأمل في حل سلمي».
من جهتها، دانت المتحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون استخدام القوة «غير المتكافىء» من قبل الشرطة.
وقالت المتحدثة مايا كوسييانسيك «ان هذا العنف غير مقبول، ويجب تحديد هوية الفاعلين واحالتهم الى القضاء». واضافت «نحن قلقون من استخدام القوة غير المتكافئة من قبل الشرطة تجاه المتظاهرين المسالمين»، موضحة ان الاتحاد الاوروبي يطالب باجراء تحقيق في هذا الخصوص.
هجوم على السفارة التونسية في برن
تعـــرضت الــسفارة التونسية في العــاصمة السويسرية برن لهجوم بعبوات حارقة في وقت مبكر صباح أمس.
وقالت مصادر الشرطة إن الخسائر المادية الناجمة عن الهجوم كانت بسيطة. وقالت في بيان «لاذ منفذو الهجوم بالفرار بعدما ألقوا بالعبوات الحارقة على مبنى السفارة بعد منتصف الليلة قبل الماضية. ولم تعرف حتى الآن خلفيات الحادث، أو المتورطين فيه كما لم يعرف أيضا ما إذا كانت للحادث علاقة بالاحتجاجات.