إكس خبر- بحيوية كبيرة تسير المفاوضات بين القوى الإقليمية والدولية حول آخر النقاط العالقة في الشرق الأوسط تمهيداً للوصول إلى حلّ كبير يشمل معظم الساحات المشتعلة، وهذا ما باتت ملاحظته سهلة من خلال حركة المبعوثين الذين يتحركون بسرعة كبيرة توحي بأن المعارك إنتهت وأن كل ما يحصل اليوم هو محاولة لإبقاء الحماوة موجودة في بعض الساحات ليكون التفاوض تحت النار.
في المنطقة يحصل تفاوض كبير غير مباشر بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة وإيران من جهة أخرى يتركز هذا التفاوض حول عدّة نقاط أساسية منها مسألة العقوبات والإتفاق النووي والعلاقة الثنائية، وإن كان هذا البند لا يزال هامشياً في المفاوضات، ومسألة الحرب اليمنية والساحة العراقية.
تقود سويسرا المفاوضات الإيرانية – الأميركية حول ما يمكن تسميته العلاقة الثنائية، إذ تقوم بوساطة فاعلة ورشيقة بين الطرفين بدأت تظهر نتائجها في بند متعلق بتبادل المعتقلين حيث تم إطلاق الأميركي اكسيان وانغ من إيران ونقله إلى واشنطن قبل نحو 24 ساعة.
وتسير هذه المفاوضات بهدوء يرغب به الإيراني، نظراً لإعتقاده أن الوقت ليس لصالح الإدارة الأميركية الحالية الراغبة بتسوية علنية مع طهران قبل الإنتخابات الرئاسية، الأمر الذي قد يستجلب المزيد من التنازلات الأميركية.
عمان تفاوض بالملف اليمني
أما الملف اليمني فتتولى سلطنة عُمان الوساطة في المفاوضات المرتبطة به بين عدّة أفرقاء من بينهم طهران والرياض وواشنطن، وهذا يحصل بالتوازي مع تراجع حدّة الضربات العسكرية تحت الحزام بين المتحاربين هناك.
لا ترغب طهران، كما يؤكد مصدر ديبلوماسي مطلع لـ”لبنان 24″ في التفاوض مع واشنطن حول الملف اللبناني والملف السوري، ووفق رأي الحكومة الإيرانية أن لا توازن قوى يتيح لواشنطن التفاوض في هذه الساحات لأنها في الواقع تلقت ضربات كبيرة أفقدتها المبادرة خلال السنوات الماضية.
لكن التحركات الشعبية المطلبية في لبنان، التي إستطاعت واشنطن إستغلالها على طاولة المفاوضات، أدرجت لبنان كأحد الساحات المُتفاوض عليها، إذ إن الضغط الرئيسي ولأسباب كبيرة هو على “حزب الله” جراء التحركات الشعبية، من هنا بات لا بدّ من وضع لبنان ضمن الخريطة الإقليمية للبازارات قبل التسوية النهائية.
الملف اللبناني والعراقي في سلة واحدة
وتعتقد المصادر الديبلوماسية أن المستجد اللبناني، وبالرغم من نجاح حلفاء إيران من تقليل خسائرهم وتالياً تنازلاتهم، جعل طهران تضع الملف العراقي والملف اللبناني في سلّة واحدة وتسليم التفاوض حولهما بشكل شبه كامل إلى “حزب الله”.
على هذا الأساس يحصل التفاوض بين حارة حرك وواشنطن حول ملفات كبرى في المنطقة بوساطتين منفصلتين، الأولى فرنسية والثانية روسية مرتبطة حصراً بالجزء السوري من التفاوض.
لكن على قاعدة المساواة بين المتحاورين، بدأت قبل أيام عمليات وضع القواعد الأميركية العسكرية والنفطية في الشرق السوري تحت النار، وهذا ما نقلته وسائل الإعلام العالمية.
تقول المصادر الديبلوماسية أن الوساطة الفرنسية تأتي هذه المرة كمسعى إقليمي وليس مرتبطا حصراً بالتعقيدات اللبنانية الداخلية، إذ بدأت فعلياً بعد إستيعاب “حزب الله” الصدمة الأولى من الحراك، وإفشاله لبعض أدوات الضغط الكبرى من الوصول إلى بيئته، من هنا ينظر إلى المفاوضات على أنها إستكمال للتسوية الكبرى في المنطقة من دون ربطها بالعلاقة الثنائية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.
المفاوضات بين حزب الله وواشنطن
تجري المفاوضات بين “حزب الله” وواشنطن حول كل النقاط السياسية والإقتصادية المطروحة، وبحسب المصادر نفسها، لتشمل الإستثمارات الإقتصادية الأميركية في المنطقة، عودة النازحين السوريين، ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، العلاقة مع سوريا ودور لبنان بإعادة الإعمار، المساعدات المالية الغربية للبنان، الربط بين العراق ولبنان…
تقول المصادر أن الحزب ينطلق بالتفاوض مع الأميركي من قاعدة أساسية أن واشنطن تريد الإنكفاء عن المنطقة، أقله عن سوريا ولبنان بشكل كبير، لكنها تحاول زيادة مكاسبها الإقتصادية إلى أقصى الحدود، من هنا يتركز التفاوض على الثمن الذي ستأخذه واشنطن، في الإستثمارات، مقابل عدم فرضها أي شروط سياسية في اللعبة الداخلية في لبنان، وتخليها النهائي عن حلفائها الأكراد في سوريا لصالح تقدم الدولة السورية وسيطرتها الكاملة على الشمال والشرق السوري.
حزب الله لا يعارض مشاركة الشركات الاميركية
ووفق المصادر فإن “حزب الله” لا يمانع مبدئياً من أن تشارك الشركات الأميركية في عملية التنقيب عن النفط في لبنان، وذلك إستناداً على إعتبار أساسي أن الشركات المستثمرة ستكون غربية بغالبيتها، وتالياً فإنه لا يمكن تسليم الساحة النفطية والغازية اللبنانية إلى موسكو بشكل كامل، لذلك فمن الطبيعي أن تأخذ واشنطن عبر شركاتها جزءا من هذه الإستثمارات، ليبقى السؤال عن حجم هذه الإستثمارات، إذ إن الأميركيين يضعون نسبة الـ40 في المئة أمام أعينهم عند الحديث عن الإستثمار عند الشاطئ اللبناني.
وتشير المصادر إلى أن الحزب يسعى خلال هذه المفاوضات إلى عزل ملف ترسيم الحدود وترحيله إلى ما بعد الأزمة، وترك التفاوض عليه يسير بمساره السابق، وعدم ربطه بالمفاوضات الحالية وهذا ما لا تزال واشنطن ترفضه.
ثمن الانكفاء الاميركي
وتعتبر المصادر أن الإنكفاء الأميركي في حال حصوله على ما يرضيه إقتصادياً وإستثمارياً، يعني حكماً عدم وضعه فيتوهات على نقاط عدّة منها عودة النازحين السوريين، مساهمة لبنان بإعمار سوريا، وهنا يدخل الفرنسي ليقدم عرضاً جدياً بإمكانية تأمين أموال غربية بغطاء أميركي للبنان منفصلة عن قضية “سيدر” تؤدي إلى تعويم الوضع النقدي في لبنان، إذ إن الفرنسيين المهتمين جداً بالوضع اللبناني يرغبون بأن تكون لديهم حصة جدية في الإستثمارات النفطية على الساحل، وحصة أخرى في عملية الإعمار في سوريا، كما يرغبون بعودة آمنة للنازحين السوريين كي لا تكون هذه الورقة عامل تهديد مستمر من خلال موجات النزوح إلى أوروبا عند اي أزمة في لبنان.
وتؤكد المصادر أن موسكو تلعب دوراً لافتاً في المفاوضات الحاصلة، إذ إن السعي الجدي يقوم على منح واشنطن حصتها النفطية من دير الزور والشرق السوري مقابل إنسحابها الكامل من سوريا..
الدور الإماراتي
تلعب الإمارات العربية المتحدة دوراً كبيراً في المفاوضات الحاصلة في المنطقة، خصوصاً أنها باتت قادرة أكثر من السعودية على الحديث مع الأطراف، ولذلك فهي تأخذ دورها الكبير بالتوافق مع الرياض، وتساهم في تقريب وجهات النظر بين دول الخليج وإيران لحلحلة مواضيع عدّة، كما تلعب دوراً كبيراً في العلاقة الخليجية السورية وهذا ما لم يعد خافياً إذ من المتوقع عودة قريبة لسوريا إلى جامعة الدول العربية برعاية إماراتية.
أما في لبنان، فتحاول الإمارات لعب دور وسيط في المرحلة الإنتقالية، وتسعى إلى إيجاد تسوية مرحلية تترافق مع إستمرار التفاوض في المنطقة، من هنا بدأ الحديث الإماراتي العلني عن ضرورة لعب لبنان دورا كبيرا في إعادة إعمار سوريا، ومن هنا أيضاً برز طرح إسم سمير الخطيب المقرب كثيراً من أبو ظبي ليكون على رأس حكومة الإنقاذ في هذه المرحلة.
وهنا يبقى السؤال ما إذا كانت واشنطن ستقبل بتخفيف التوتر السياسي في لبنان خلال مفاوضتها “حزب الله” وإيران، وذلك عبر حكومة يرعاها الإماراتي مالياً وسياسياً، أم أنه يرغب بإستمرار التفاوض تحت الضغط؟
والسؤال الثاني يتركز حول رغبة “حزب الله” بالذهاب إلى تسوية بمعزل عن الملف العراقي؟