اكس خبر – تعرّفت جماهير كرة القدم الى “الرذاذ الأبيض المتلاشي” بشكل كبير خلال كأس العالم 2014 في البرازيل والذي استخدمه جميع الحكام لتحديد مكان وضع الطابة عند تنفيذ ضربة ثابتة, وأيضا لتحديد مكان وقوف لاعبي الدفاع.
ولهذا “الاكتشاف” تاريخ ومعرفة, فكيف دخل الى ملاعب كرة القدم؟ وكيف شقَّ طريقه إلى أيدي الحكام؟
فمنذ نحو ربع قرن من قتله لفكرة الرذاذ المتلاشي في المهد، عاد الاتحاد الإنكليزي عن تعنّته القديم برفض هذه الفكرة رفضاً قاطعاً عام 1980، مجيزاً دخوله إلى أيدي حكام الدوري الممتاز لديه بعدما لاقى الاختراع البرازيلي نجاحاً ممتازاً في المونديال وبدأت معظم دوريات العالم الكبيرة تحذو حذو الفيفا بإدخاله إلى ملاعبها.
الاختراع الذي سُجّل باسم البرازيلي هايني اليماني عام 2000، أصبح واقعاً ملحاً في أوروبا، بعدما اكتشفت سريعاً فوائد الخط الذي يمنع الجدار الدفاعي من التقدم أثناء تنفيذ الركلات الحرة (ما يقلل عدد البطاقات الصفراء، ويزيد من احتمال الأهداف) كما يمنع اللاعبين المُنفذين من تغيير مكان الكرة الذي يحدده الحكم عبر الرذاذ نفسه.
فكرةٌ خطرت في ذهن اليماني (37 عاماً) الرئيس التنفيذي السابق في معهد جواو هافيلانج أثناء مشاهدته التلفزيونية لمباراة منتخب بلاده ونظيره الأرجنتيني عام 2000 يقول عن ذلك اليوم: “حصلت البرازيل على ركلة حرة مباشرة قريبة، وصرخ المعلق أنه يريد أن يرى الجدار الأرجنتيني مرة واحدة يلتزم بمكان وقوفه، هنا فكرت بوسيلة، منتج رخيص وقابل للتحلل، خطر ببالي في البداية رغوة معجون الحلاقة كيف تتلاشى سريعاً قمت لأجري تجاربي عليها. ومنها استوحيت الفكرة “.
المادة التي يشكل الماء 80 % منها إضافة لغاز البوتان 20%، كان أول استخدام لها على مستوى المحترفين في كأس جواو هافيلانج بالبرازيل عام 2000، وبعد عامين تم تسجيل براءة الاختراع باسم اليماني ومنذ ذلك الحين، تم استخدام الرذاذ في العديد من المسابقات الدولية لكرة القدم، ورأيناه أول مرة في بطولة للمنتخبات ضمن كوبا أميركا 2011 ، بعدها أصبح تقليداً عاماً في أغلب مسابقات قارة أميركا الجنوبية، فما إن نرى “الرجل البخاخ” حتى نعرف أنها مباراة من القارة اللاتينية.
بدوره، تأخر الفيفا حتى عام 2013 ليمنح الاختراع البرازيلي جواز الدخول إلى بطولاته لنرى الرذاذ المتلاشي في بطولة كأس العالم للشباب في تركيا 2013، ومؤخراً في بلاد اليماني نفسها البرازيل في أهم بطولات الأرض الكروية.
يقول مخترع الرذاذ بعدما رآه للمرة الأولى في كأس العالم “كانت لحظة سحرية، لقد كرّست 14 عاماً من حياتي لهذه الفكرة، عندما استخدم الحكم نيشيمورا (حكم المباراة الافتتاحية في مونديال البرازيل) الرذاذ لأول مرة تلقيت عشرات الرسائل النصية من عائلتي وأصدقائي.
حتى في الرذاذ المتلاشي وجد البرازيليون من ينازعهم من الأرجنتينيين وذلك عندما ادّعى الصحفي الأرجنتيني بابلو سيلفا عام 2009 أسبقية طرح الفكرة، وقال إنه جاء بها عام 2001، يرد اليماني على ذلك بالقول: “لا مشكلة لدي، الاختراع مُسجل في البرازيل، وللحصول على براءة اختراع يجب أن تلبي معايير معينة، أهمها أن يكون الأمر حديث كلياً، وذلك مسجل بالقانون”.
الأمر الطريف في اختراع اليماني أنه عندما تحدث للفيفا عن منتجه قبل سنوات، قال إنه حصل على قليل اهتمام من المسؤولين هناك: “فوجئت عندما تحدثت إلى بعض الناس في الفيفا، قالوا إن تقدم الجدار هو خطأ، وذلك جزء من اللعبة، ثم بعد سنوات أقنعتهم أن ذلك يتعارض مع اللعب النظيف”.
إذاً لم يكن الاتحاد الإنكليزي الوحيد الذي رفض الرذاذ المتلاشي في بدايته، بل كان للعديد من الأعضاء “المحافظين” في الفيفا مقاومة لهذه الحداثة، لكن اختراع اليماني كسر هذه المقاومة لفائدته وهاهو يصل إلى أيادي معظم الحكام في العالم.