علي سعد – الجزيرة: يستغرب نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي الكلام الكثير وإشاعة أجواء الحرب حول البلدة الواقعة على تماس حدودي مع منطقة القلمون السورية، التي تشهد معارك بين حزب الله والجيش السوري من جهة ومسلحي النصرة وباقي الفصائل المنضوية ضمن جيش الفتح من جهة ثانية.
ويقول الفليطي للجزيرة نت إن أهالي عرسال البالغ عددهم نحو ثلاثين ألف نسمة يرون يوميا صورة ضبابية لبلدتهم في الإعلام، بينما هم يعيشون حياتهم بشكل عادي ودون أي تغيير بفعل استقرار الوضع فيها منذ فترة طولية، حسب تعبيره.
وكان أمين عام حزب الله حسن نصر الله قد قال السبت الماضي إن الشعب اللبناني لن يسمح باحتلال أراضيه من قبل المسلحين إذا قبلت الدولة اللبنانية ذلك، في إشارة إلى جرود عرسال.
كلمة نصر الله استدعت ردودا جاء أبرزها من رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري الذي غرد على حسابه على تويتر قائلا إن “الأصوات التي تهدد عرسال بالويل والثبور وعظائم الأمور لن تحقق غاياتها مهما ارتفعت”.
وشدد الحريري على أن كل محاولات الزج بالجيش في معارك يحدد زمانها ومكانها حزب الله لن تمر، ولن يسكت عنها.
وأكد الفليطي أن الوضع داخل البلدة مضبوط بفعل تطويق الجيش مداخلها، حيث لا يدخلها أي مسلح، قائلا إن الأهالي بالكاد يقدرون على الدخول والخروج.
زوبعة إعلامية
واعتبر أن “كل الكلام عن معركة عرسال لا يتجاوز زوبعة إعلامية، حيث لا توجد أجواء حرب”.
وأضاف أن حزب الله ليس بالغباء الذي يجعله يدخل إلى عرسال. أما الجيش السوري فلا تعني له البلدة شيئا “وعليه أن يذهب ويحاول استعادة نحو 70% من أراضيه التي أصبحت خارج سيطرته”.
بدوره، لفت الكاتب والمحلل السياسي علي الأمين إلى أن حزب الله لا يستشير أحدا عندما يقرر الدخول في معركة معينة إذا كانت له مصلحة فيها، وتساءل: لماذا يريد اليوم أن ينذر اللبنانيين ويستشيرهم؟
ورأى أن هذا السلوك يعني أن الحزب بات عاجزا، ويريد أن يشرك الجيش اللبناني في معركة غير مضمونة النتائج، بينما “الجيش ليس مضطرا أن يذهب إلى هذا المستوى من ملاحقة المسلحين إذا لم يقوموا هم باستهدافه”.
وقال للجزيرة نت إن جرود عرسال الممتدة إلى عشرات الكيلومترات بعيدة عن عرسال البلدة التي يسيطر عليها الجيش اللبناني.
وتساءل: إذا كانت هناك مخاطر من المسلحين في الجرود فما الذي يمنع أصلا حزب الله من أن يبادر إلى إنهاء هذا الوجود؟
وأضاف الأمين أنه لا يمكن اعتبار معركة القلمون شأنا لبنانيا حتى لو كان لبنان يتأثر سلبا من وجود هؤلاء المسلحين.
تنسيق سياسي
ورأى أن معالجة هذه القضية لا يمكن أن تتم بمعزل عن تنسيق سياسي واضح بين حزب الله والمؤسسة العسكرية “دون أن ننسى الأضرار التي جلبتها مشاركة الحزب” في سوريا.
أما المحلل السياسي المقرب من حزب الله محمد عبيد فرأى في كلام نصر الله إنذارا للحكومة والجيش في لبنان بأنه يجب التحرك لحماية الحدود والداخل.
وأضاف للجزيرة نت أن الحزب يعطي الأولوية لأن يبادر الجيش لمعالجة موضوع جرود عرسال من الجهة اللبنانية.
ويرى أن الحريري يحاول أن يخلط بين عرسال البلدة والجرود انطلاقا من اعتقاده أن هذا الموضوع يبقي الحال في عرسال خنجرا في خاصرة الجسد اللبناني.
وحسب عبيد، فإنه إذا لم يبادر الجيش لوقف حركة المسلحين، فإن حزب الله سيأخذ دوره لأنه لن يقبل بقاء الحال على ما هي عليه.
وقال “المشكلة التاريخية تتكرر، الدولة لا تبادر لحماية أراضيها وأهلها، كما حصل في الجنوب، واليوم تتكرر في السلسلة الشرقية لجبل لبنان”.