مقال طارق مصاروة – يدخل المشير عبدالفتاح السيسي هذا الأسبوع قصر الاتحادية رئيساً مُنتخباً.. فيما يستعد بشار الأسد لدخول قصر الشعب هو الآخر رئيساً مُنتخباً!!
لكن الفوز في الحالين لم يكن على خصم موجود:
– ففي مصر لم يكن الفوز على الاخوان المسلمين لانهم انتخبوا على اوراق ملغاة.
– وفي سوريا كان الفوز على الشعب السوري… الغائب الدائم في جنّة الحكم الرشيد منذ عام 1949!!. وكانت القوة المسلحة هي الناخب الحاسم: قوة الجيش والأمن المصري، وقوة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وأبي الفضل العباس.
.. طبعاً الصورة ليست بهذا الوضوح لدى ملايين العرب الباحثين عن وطن آمن مستقر، لكنها أكثر وضوحاً للقلة الباحثة عن وطن الحريات والكرامة والكفاية.
وهذا الربيع العربي بدأ بالشباب في ميدان التحرير ودرعا، وكان يمكن ان يكون كثورات اوروبا عام 1848 السلمية الحاسمة، واقامة حكم الشعب لا حكم الكنيسة، ولا حكم اهل الدم الازرق، ولا حكم الرعاع والمقصلة والدم، ويبدو ان براءة الشباب في ميدان التحرير ودرعا واخلاصهم لم تكن كافية لثورات كثورات اوروبا ولاقامة حكم الشعب، فاختطفها الفاشيون، والعسكر.. وانتهت او تكاد بيد القوة المسلحة!!.
بعد تجربة السنوات الثلاث من ثورة الربيع العربي يقبل المواطن اليد التي تمتد اليه بالخبز والكرباج،/ لأنه شاهد بأم العين انهاراً من الدماء واكواماً من الجثث، ودنيا من عذابات السجون والمهانة، وينسى ان القيمة الاعظم في هذه الحياة هي الحرية والكرامة، وهي قيمة لا يمكن اختيارها دون كلفة عالية!!.
نحن نغرق الآن بالتفاصيل فما زال هناك تظاهرات طلاب الجامعات المصرية، وما زال هناك صور عن دمار حلب وحمص وحماة وادلب ونوى وداعل.. فالرابح في المشهد البائس هي فضائيات التحريض والتزوير والمونتاج، والآف الملايين من الدولارات تدخل الجيوب على كل مظاهرة، وكل جملة عنف ودمار في الجامعات، وعلى كل قذيفة يطلقها قتلة «العقيدة» ومجرمو التكسب بالأولياء الصالحين وغير الصالحين!!.
والنموذج غير البعيد، للقعيد الأشل المكسور الظهر، والذي ينشغل باقتلاع شوكة في اصبعه، هو الآن نموذج الواقع العربي!! ولا نقول هذا للمسّ بمعنويات وروح الأمة، او لجلد الواقع، وانما لأن التغيير ممكن، وان الشباب البريء الذي اطاح بهياكل الانظمة النخرة ما يزال قادرا، لكن بقيادات من صلبه واعية وذكية. ولا تنجرّ الى لعبة السلاح والقوة الغاشمة!! ما يزال الطريق واضحاً والهمم عالية!!.