أعلن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، أمس، تحت ضغط الشارع، التخلي عن تعديلات دستورية تسمح له بالترشح لولاية جديدة، واكد رفضه «التمديد» او «توريث» الحكم الى ابنه، في إطار سلسلة من التنازلات الى المعارضة التي ناشدها وقف التظاهرات.
ورداً على ذلك، اعتبر قيادي في المعارضة البرلمانية لوكالة فرانس برس أن الدعوة الى وقف التظاهرات «غير مقبولة»، موضحاً في الوقت نفسه أن المعارضة ستدرس هذه الخطوات، مع انها «جاءت متأخرة»، فيما اكد مسؤول معارض آخر الابقاء على الدعوة للتظاهر اليوم.
واكد صالح ايضا التخلي عن اجراء الانتخابات التشريعية في ابريل المقبل، راضخاً بذلك لمطالب المعارضة البرلمانية التي تنظم تحركات شعبية مناوئة له.
ودعا صالح المعارضة البرلمانية المنضوية تحت لواء «اللقاء المشترك» الى العودة الى الحوار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتجميد التظاهرات.
وقال صالح امام مجلس النواب والشورى اللذين استدعاهما بشكل طارئ، وقاطعت احزاب المعارضة جلستهما «لا نريد أن يصب احد الزيت على النار، ويجب ألا نهدم ما بنيناه في 49 عاماً».
وتأتي تصريحات صالح بينما تتصاعد التحركات الاحتجاجية المطالبة بسقوط النظام اليمني، وتخلي الرئيس عن السلطة التي يمسك بها منذ 32 عاما.
وقدم الرئيس اليمني مبادرة قال انها «من اجل مصلحة الوطن»، تشمل استئناف الحوار بين الحزب الحاكم والمعارضة البرلمانية، ضمن ما يعرف باللجنة الرباعية.
كما اعلن «تجميد التعديلات الدستورية لما تقتضيه المصلحة الوطنية»، وهي تعديلات يريد الحزب الحاكم الذي يتمتع بأغلبية مريحة في البرلمان إقرارها.
والتعديلات كانت ستسمح لصالح بالترشح لعدد غير محدد من الولايات، واجراء الانتخابات التشريعية في ابريل المقبل، وهي خطوة تعتبرها المعارضة احادية وترفضها. واكد صالح ضمن مبادرته القبول بفتح سجلات الناخبين امام من بلغوا السن القانونية، وهي خطوة تطالب بها المعارضة، ومن شأنها ايضاً ان تؤجل الانتخابات التشريعية.
وبعبارات واضحة، قال صالح «لا تمديد ولا توريث»، في اشارة الى عدم السعي الى اي تمديد او تجديد لولايته الحالية التي تنتهي في ،2013 أو الى توريث الحكم الى نجله احمد الذي يقود الحرس الجمهوري في اليمن. كما دعا صالح المعارضة البرلمانية الى «تجميد المسيرات»، وذلك عشية «يوم الغضب» الذي دعت اليه.
ورداً على مبادرة صالح، قال القيادي في المعارضة البرلمانية احمد صبري لفرانس برس «سندرس خطاب الرئيس، ولو ان النقاط التي طرحها جاءت متأخرة». لكنه اعتبر ان «الدعوة لوقف التظاهرات غير مقبولة»، مؤكداً استمرار المعارضة في تنظيم تجمع شعبي اليوم.
من جهته ايضاً، اكد المسؤول في حزب الاصلاح الاسلامي محمد قحطان، لوكالة فرانس برس ان «التظاهرة الخميس (اليوم) ستتم كما كان مقرراً بحسب جدول اعمال المعارضة».
وكانت صنعاء شهدت خلال الاسابيع الماضية تظاهرات عدة مطالبة بسقوط النظام، استلهمت شعاراتها من «ثورة الياسمين» في تونس، التي انتهت بسقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. كما ان المعارضة كانت تستعد لتصعيد تحركاتها الاحتجاجية.
وقال صالح «لن اكابر وسأقدم التنازلات تلو التنازلات من اجل المصلحة الوطنية»، مؤكداً «سأقول لبيك» لما يتم التوصل اليه عبر الحوار مع المعارضة.
وتأتي تنازلات صالح للمعارضة في وقت تشهد فيه المنطقة حركات شعبية ضخمة مطالبة بالتغيير، خصوصاً في مصر، حيث يتظاهر مئات الآلاف من اجل اسقاط نظام الرئيس حسني مبارك. وجدد صالح دعوته لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ووعد باجراء إصلاحات في نظام الحكم المحلي لمواجهة «دعاة الفيدرالية»، على حد قوله. وقال انه «سيتم إجراء اصلاحات شاملة للحكم المحلي»، كما سيتم انتخاب المحافظين بشكل مباشر، وذلك «لسحب البساط من تحت اقدام دعاة الفيدرالية».كما أكد فتح قطاع الاسمنت والنفط والاتصالات والبنوك «للاكتتاب وتوفير فرص عمل للشباب»، مشيراً الى ان «شبكة الضمان الاجتماعي ستغطي 500 الف حالة» في المرحلة المقبلة.
وطلب صالح من الحكومة توظيف الشباب في القطاع العام ودعا مجموعة اصدقاء اليمن التي يفترض ان تعقد مؤتمرها المقبل في الرياض في مارس المقبل، الى إنشاء صندوق لانماء اليمن، وان تتولى المجموعة بنفسها مشروعات التنمية في اليمن الذي يعد من أفقر دول العالم.
واكد صالح «لن نسمح بالفوضى». ودعا كل مواطن الى الدفاع عن «عرضه وماله»، وهي دعوة اثارت تساؤلات حتى في اوساط نواب حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم.
وكانت دعوة الرئيس إلى الانتخابات في ابريل المقبل والتعديلات الدستورية التي طرحها الحزب الحاكم، جعلت الحوار مع المعارضة ينهار، ما بدد الامل في انفراج في اليمن الذي يشهد اضطرابات على مستويات عدة.