أتت إطلالة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري من بيت الوسط، في كلمة توجه بها الى “كل اللبنانيين”، لتضع حدا للمعلومات غير الأكيدة التي تتناقلها وسائل الإعلام وللتكهنات عن موقفه وموقف كتلة “المستقبل” حول إذا ما كان سيسحب ترشحه لرئاسة الحكومة وحول اداء الكتلة في الاستشارات النيابية.
وطمأن الحريري في كلمته أنه ” في هذه الساعات لا أشعر أننا أمام حائط مسدود بل أشعر أن المسؤولية الوطنية توجب علي العمل على ايجاد ثغرة بهذا الحائط، وإذا كان المطلوب ابعاد الحريري عن رئاسة الحكومة فلا بأس، هناك مسار دستوري نرتضي أي نتائج تخرج عنه”.
وأكد في كلمة توجه بها الى اللبنانيين من بيت الوسط أنه “وبغض النظر عن الترهيب الذي يحيط المسار في الشارع، نحن سنذهب الى الاستشارات التي يجريها سليمان الاثنين المقبل وسندلي برأينا وفقا للأصول ملتزما بترشيحي لرئاسة الحكومة من كتلة نواب المستقبل وسائر الحلفاء، فالمهم بالنسبة لنا أن يكون الاحتكام الى الدستور والمؤسسات الدستورية قاعدة يعمل بموجبها الجميع”.
ومن باب “الأمانة”، رأى الحريري أن يصارح اللبنانيين وليس فئة واحدة”، وتوجه اليهم قائلا: “لقد ارتقينا في تعاملنا مع كل المساعي الى مستوى الشهادة الكبرى التي يمثلها رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وهذا يعني أنني قررت الدخول في التسوية الى أبعد مدى ممكن وتجاوبت مع توجهات الملك عبد الله والتزمت كامل البنود التي توصلت اليها الجهود القطرية-التركية”.
الا أنه نوّه بأنه “مرة جديدة يتوقف قطار الحل بفعل فاعل ويعودون مع ساعات الفجر لإبلاغ الموفدين القطري والتركي بمطلب واحد لا ثاني له غير مقبول عودة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، ركنوا بنود الحل جانبا ولم يتقدموا بأي ملاحظة أو اي تعليق وطالبوا فقط بإقصاء سعد الحريري عن التكليف”.
وأشار الى أنه “ربما من حق اللبنانيين أن يستعيدوا من خلال هذه التطورات تجربة العام 1998 وأن يتذكروا الحملة السوداء التي استهدفت رفيق الحريري، المشهد يتكرر والأبواق التي كانت عادت هي ذاتها ومعها جهات أعماها الجموح الى السلطة والهدف من كل ذلك محاكمة رفيق الحريري واخراج سعد الحريري من المعادلة الوطنية والإعلان عن اغتياله سياسيا”.
وحذّر الحريري من “أننا أمام منعطف مصيري جديد في تاريخ لبنان وهذا يعني أن علينا أن نحدد الاختيار في أي وجهة يجب ان نتحرك وفي اي اتجاه نتحمل مسؤولية السير بلبنان”، مذكّرا أنه “سبق وأعلنت قبل 10 أيام أن كرامة أهلي وأبناء وطني أغلى من أي سلطة وهذا ليس للاستهلاك العاطفي لأنه في اساس قناعتي الوطنية تدفعني لتجديد هذا العهد، نقطة دم واحدة تسقط من أي لبناني هي عندي أغلى من كل مواقع السلطة فعندما نقول أن لبنان يقف أمام منعطف مصيري”.
وعليه، لفت الحريري الى أنه “جهدت في سبيل درء الفتنة وقدمت المبادرة تلو المبادرة والتضحية تلو التضحية ووجدت في المساعي السورية السعودية سبيلا لخروج لبنان من نفق التجاذبات وجسرا للعبور لمرحلة جديدة في العلاقات وانما توقف العبور للاسف على هذا الجسر وانتقلنا لمرحلة جديدة من المساعي ارتكزت الى جهود الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وتحرك قطري تركي ومباركة سعودية”.
وافترض أنه “اذا قررت قيادات لبنان ان تنأى بالوطن عن الهاوية فإن لبنان سيبقى على بر الامان، فلعبة الشارع لا تمت الى تربيتنا الوطنية بأي صلة ونحن لن نذهب الى الشارع لاننا في الاساس لاننا اخترنا المؤسسات ولن نلجا الى سياسة الويل وعظائم الامور لاننا اخترنا الاحتكام الى الدستور ونتقبل النتائج السياسية لاي مسار ديمقراطي حتى ولو كانت تحصل بفعل موجات متتالية من الضغوط”.
وعليه، شدد الحريري على أن “الفتنة ليست هي الثمن المطلوب للحقيقة والعدالة، لعن الله الفتنة ومن يتسبب بها، نحن لم نقطع كل هذه المسافة ولم نقدم كل هذه التضحيات كي نسلم كل هذه المكاسب الى الفتنة، النظام السياسي القائم على تداول السلطة لا يعني شيئا اذا سلمنا مستقبل اولادنا لمزيد من النزاعات”.
وخلص: “قضية العدالة عنوان لقضية اسمها حماية لبنان ونذرت نفسي للدفاع عنها واقسمت امام الله واللبنانييين انني لن اتخلى عنها مهما تعاظمت التحديات ونحن امام منعطف تاريخي واعلنت ان كرامة اهلي اغلى من اي موقع وسلطة وهذا ليس مجرد موقف للاستغلال العاطفي”.