إكس خبر- أعلنت السعودية قبل رحيل الرئيس ميشال سليمان من الحكم وفي نهاية العام الماضي، عزمها على تسليح الجيش اللبناني بمبلغ محدّد هو ثلاثة مليارات دولار، وسرعان ما تحدّد مصدر التسليح بفرنسا حصراً، بصورة تدعو إلى التساؤل عن السبب الذي يدفع الشقيق المموّل بهبة لدولة شقيقة أن يحدّد المصدر، وبعدها جاء الرئيس سعد الحريري وأبلغ اللبنانيين من منبره في السعودية بعد مقابلة ملكها، أنّ في يده هبة جديدة، والأولى لم تنفق بعد، والقيمة هي مليار دولار أميركي ومخصصة لمواجهة الإرهاب، ومما أبلغنا إياه بالمناسبة أنّ مبرّر هذه الهبة هو أن هبة الثلاثة مليارات معقدة وطويلة المدى، واستثمارها لن يتمّ بسرعة وسهولة، وأضاف أنّ الرئيس ميشال سليمان الذي صار خارج الحكم هو ناظر البضاعة السعودية الأولى، وأنه شخصياً ناظر البضاعة الثانية، وأنه آتٍ إلى لبنان لتسريع استثمار هذه البضاعة الثانية… و»انسوا الأولى».
– قيل الكثير عن أسباب دعوة الحريري إلى نسيان الهبة الأولى، وكتبت الصحافة الفرنسية تفاصيل عن صفقات وفساد، وأسلحة سبق التعاقد عليها مع شركات فرنسية لحساب السعودية وتبيّن عدم أمانها الفني والقتالي، وأنّ الهبة للبنان هي لتسديد بدلات تلك الصفقة وبيع الأسلحة المرفوضة من السعودية للبنان، وتساءل الفرنسيون واللبنانيون عن سبب السلوك السعودي الفاضح بتسمية مصدر السلاح وناظر البضاعة بما يهين لبنان مرتين، وفي النهاية من دون أن يصل السلاح.
– قبل اللبنانيون بالبضاعة الثانية فـ»الرمد أحلى من العمى»، ولبنان في حالة حرب مفتوحة مع الإرهاب وتحت التهديد، وتغاضوا عن تعيين شخصية لبنانية لا صفة دستورية تخوّلها الوصاية على تحديد حاجات وطلبات الجيش والأجهزة الأمنية، ووجهة صرفها لأيّ هبة أو قرض أو موازنة مخصصة للتسليح والتطويع والتجهيزات، وجاء الحريري وتربّع على رأس الطاولة واستقبل قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية ودار جدال ونقاش وبحث خبراء بالحاجات، وسافر الحريري ونامت البضاعة ونعس ناظرها.
– نظرياً لدى اللبنانيين أربعة مليارات دولار من السعودية لتسليح الجيش والأجهزة الأمنية، بما لا يجعل لبنان بحاجة لأيّ مساعدة من أحد، وعملياً ليس لدينا إلا ناظر أول بلا صفة دستورية هو الرئيس السابق ميشال سليمان، يجتمع برئيس الحكومة ووزير الدفاع بلا صفة ليدرس معهم وجوه صرف المليارات الثلاثة، وناظر ثان هو رئيس الحكومة السابق سعد الحريري غائب عن السمع والنظر معاً، والمليارات الأربعة مجهولة المصير.
– على ضفة مقابلة أعلنت إيران منذ سنوات نيتها واستعدادها لتسليح الجيش اللبناني بما يحتاجه، وذلك بعد معركة عديسة التي خاضها الجيش في وجه جيش الاحتلال، ولم تقل شيئاً عن هبة أو قرض أو صفقة، وسافر الرئيس ميشال سليمان وزار مصانع السلاح الإيرانية وأكد تقدير لبنان للموقف الإيراني، وذهب مع الريح، وقبل شهور قليلة قال إنه لم يسمع بالاستعداد لدعم إيراني للجيش، وأن ليس على حدّ علمه أنّ أحداً غير السعودية قدم مساعدات إلى الجيش، وتناسى في الطريق طبعاً ما ورد إلى الجيش من سورية طالما النسيان والتجاهل من «الشيم».
– أعادت إيران تأكيد هذا الاستعداد مراراً والحكومات اللبنانية تتملّص من الدخول جدياً في تفاصيل السلاح، ومن بعض المعروض كان شبكات دفاع جوي نوعية يحتاجها لبنان كثيراً، ولا جرى الدخول بالتفاصيل المالية والتقنية من تدريب وقطع غيار وسواها.
– في مناخ التنصّل الدولي والإقليمي من تنفيذ الوعود الخاصة بتسليح الجيش، لا تتصرّف إيران بطريق الحنق، والشماتة، بل يصل رئيس مجلس الأمن القومي فيها إلى بيروت، مجدداً الاستعداد لتقديم السلاح والتجهيزات التي يحتاجها لبنان.
– إيران دولة تحترم نفسها، وأصدقاؤها وحلفاؤها لا يتاجرون، لا بالسلاح ولا بغيره، لا في السياسة ولا في العمولات ولا في الأدوار، ولا ناظر على السلاح الإيراني إلا من تعيّنه الدولة اللبنانية… العبرة لمن يعتبر.
– تخيّلوا أن يقف النائب محمد رعد ويعلن على طريقة الحريري، أنه «مؤتمن على هذه المكرمة»، وأنه سوف يجتمع بقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية لمناقشة احتياجاتهم، وتخيّلوا بعد شهور أن لا يصل شيء من الموعود!
– مع إيران وحلفائها هذا لا يمكن له أن يحدث، فقط لأنهم يحترمون أنفسهم.