كتب: محمد المسعودي
دفع استخدام تكنولوجيا المعلومات والإنترنت في مختلف مناشط الحياة جميع العاملين في المجال التربوي عالمياً إلى الحديث عن فكرة خلق بيئة مدرسية إلكترونية متكاملة تتماهى أبعادها بتفعيلها دواخل النظريات التربوية الحديثة؛ لتتجاوز حدود المدرسة في مفهومها الجغرافي التقليدي.
ولعل ما كتب أعلاه، مقدمة لما انطلقت به في مقالي السابق عن عدة منعطفات ومشاهدات مباشرة تستحق الوقوف عليها إهاباً وجمالاً لإحدى أهم المدن الصناعية العالمية، والمُحفزة لحراك المدن الحالمة المتوثبة؛ ولتخصص قلمي، فاليوم تركيزي على جماليات منجز آخر لمدينة “الجبيل الصناعية”، ودهشةً بإستراتيجيات وخطط “تعليمية”، تحلق فيه بتنظيم عملاق مُحكم، وعلاقة تحفها المواطنة والإنجاز والمسؤولية معاً داخل أروقة “ثانوية الرواد بالهيئة الملكية بالجبيل” باعتبارها أول ثانوية ذكية بالمملكة؛ فكانت البيئة المدرسية أنموذجاً راقياً تكتمل فيه منظومة المدرسة الذكية، والتي تُوجت مؤخراً بتسليم الطلبة الأجهزة اللوحية “الآيباد” المتمتعة بحماية من الاختراقات الإلكترونية أو التصفّح العبثي، ليكتمل عقد منظومة المدرسة الذكية (Smart School) والتي لا يحتاج معها الطالب للكتاب إلا في حدود ضيقة!
تبهرك مدرستنا الرائدة الذكية بتكامليتها، ابتداءً من البنية الأساسية لأنظمة العمل والتدريس ووصولاً إلى منظومة متكاملة إلكترونية تفاعلية تتماهى مع مسارات تعليمية تبدأ بمسار التعليم الإلكتروني، ومسار الجودة الشامل، ومسار الأنشطة والفعالية، ومسار التدريب، يدعمها توفير خدمة الإنترنت في جميع زوايا المدرسة، ما يمكّن الطالب “ثقةً” من الحصول على المعلومة والتفاعل مع الدروس بصورة رقمية سريعة تخدم الطالب في جميع احتياجاته، سواء فيما يتعلّق بالمناهج أو المتابعة، أو الاختبارات والدرجات، والواجبات، كما تخدم المعلم في توفير المناهج الإلكترونية والمحتوى الإلكتروني وما يحتاجه من وسائل تعليمية إضافية أو تعليقات، وكذلك تواصل الأسرة ومتابعتها للابن مع إدارة المدرسة.
وممّا يميز هذه المدرسة “الحكومية” أن الحضور والانصراف لجميع منسوبيها من المعلمين والطلاب يتم من خلال (الباركود)، فنظام المدرسة باعتباره نظام “مقررات” فهو نظام تعليم أكاديمي، أما قاعات الدروس فيتوفر بها جهاز للبصمة الإلكترونية خاص بالطلاب، أما أجهزة الـ (آيباد) فتعتبر متطلبًا دراسيًا يستوجب إحضاره في كل درس، وليست مكافأةً أو ترفاً!
أما برامج الأنشطة والمشروعات فتبهرك الآلية التفاعلية الجاذبة لأداء الأنشطة الثقافية والعلمية والإلكترونية، بدءاً من نادي الروبوت وبرامج التدريب والتطوير الأسبوعية للطلاب.
ختاماً، “الرواد” الوحيدة في وطني التي لا يُسمع فيها “الجرس” داخل أروقتها “لا أسوارها”؛ لأنها بُنيت “تربويًا” على الثقة والالتزام والأداء والمخرج “التعليمي” الذي شارك في بناء “الجبيل الصناعية” من جهة، ونأمله يوماً أنموذجاً في جميع مدارس وطني من جهات أُخر!