إكس خبر- أن تصاب بحالة من “السكيزوفرانيا” من متابعة التسريبات اللبنانية حول الموقف الأميركي من الانتخابات الرئاسية المرتقبة في بيروت الشهر المقبل، فهذا ليس بالمفاجئ. اذ بين لحظة وأخرى وبحسب الموقع الذي تقرأه، يتبدل توجه واشنطن من تفضيل قائد جيش الى آخر، أو من مخاوف صباحا قد تتبدد مساء بشأن فراغ في مناصب حيوية في حال انتقل أصحابها الى بعبدا.
حقيقة الأمر، أن الموقف الأميركي من الرئيس المقبل في لبنان يتخطى همسات اعلامية وأسئلة منقولة عن السفير ديفيد هايل في عشاء ما، أو نفوذ لوبيات في العاصمة الأميركية تروج لهذا المرشح أو ذاك. الموقف وبحسب تصريحات لمسؤولين أميركيين يستند الى أربعة اعتبارات: عدم الدخول في لعبة الأسماء، الانفتاح على جميع الخيارات الدستورية، أولوية للاستقرار الأمني والسياسي في اي خيار، والحكم على عمل أي رئيس طبقا لأفعاله ومدى التزامه القرارات الدولية.
فرغم تقويم الادارة في غرف التخطيط الاستراتيجي حول امكان وصول أسماء عدة للرئاسة، فهي ليست في صدد دعم مرشح أو تسويق طرف ضد آخر. هناك انفتاح وعملية مراجعة مستمرة لمعظم الأسماء، مع احترام لخصوصية العملية الانتخابية، وادراك لحدود الدور الأميركي والتزامه السياق الاستشاري مع الحلفاء والرسمي في لبنان. وتبدي واشنطن انفتاحا على جميع الخيارات الدستورية التي قد يتفق عليها اللبنانيون سواء تضمنت تعديلا للدستور لايصال قائد الجيش جان قهوجي أو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أو حتى التمديد للرئيس الحالي ميشال سليمان. وهي في ترحيبها بالحوار السياسي بين “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل”، لا تتبنى بالضرورة ترشح النائب ميشال عون للرئاسة. كما أن علاقتها الجيدة مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لا يعني أيضا دعمه للمنصب. ووصل الامر بالادارة اليوم الى حد رفض الاجتماع بالكثير من الضيوف اللبنانيين القادمين الى واشنطن وعلى صلة بالمرشحين، لعدم الظهور في موقع تبني اسم ضد الآخر.
وتضع واشنطن في سلسلة أولوياتها اللبنانية ركائز الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني، ودعم مؤسستي الجيش وقوى الأمن، وضمان التزام لبنان بالقرارات الدولية الى جانب الحد من النزيف السوري داخل الأراضي اللبنانية وتحسين أمن الحدود والعمل على قانون النفط والغاز كاطار أوسع للاستراتيجية. وتأمل أيضا في اجراء انتخابات رئاسية تتفادى الفراغ ومخاوفه، وتبني على الزخم الذي تمثل في التوافق على الحكومة الجديدة، وتعتبر أن هذا التوافق ووجود حكومة “فاعلة” ساعد الجيش اللبناني وقوى الأمن على التحرك في طرابلس والبقاع.
وفي حين قد تضع هذه الأولويات سلم أفضليات أميركي بالنسبة للأسماء المرشحة، فان واشنطن تدرك أنها ليست هي من سيختار الرئيس المقبل، ولا حتى في وارد وضع فيتو مسبق على شخص قد ينتخبه البرلمان.
ومع أنه يبدو من الصعب تصديق أن مجلس النواب اللبناني والتحالفات المتبدلة بحساباتها الداخلية والخارجية هي من سيحمل في نهاية المطاف اسم الرئيس المقبل، أو مدة الفراغ، انما هذا الواقع هو الحاضر الأكبر أميركيا ولا تستخف به واشنطن، فلماذا نستخف به نحن؟