رغم عدد التقارير الكبيرة التي تنشرها الصحف وتبثها محطات التلفزة الحكومية حول تطور قطاع الرعاية الصحية في عدة دول عربية، إلا أن ذلك التطور لا يبدو كافيا بالنسبة للزعماء العرب، الذي يهرعون إلى دول غربية للعلاج.
وينظر إلى مواظبة الزعماء العرب على العلاج في مستشفيات أوروبية وأمريكية، على أنه انعدام ثقة بأنظمة الرعاية الصحية في بلدانهم، في حين يرى مراقبون أن السبب وراء ذلك هو رغبة كثير من الرؤساء والملوك في كتمان نوعية أمراضهم، وتاليا الهرب بها إلى الخارج.
وشهد العام الجاري عدة جراحات وفحوصات طبية أجريت لعدد من الزعماء في الخارج، أبرزهم الرئيس المصري حسني مبارك الذي أجرى عملية في المرارة بألمانيا، والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده اللذان تلقيا العلاج في الولايات المتحدة، والرئيس الإماراتي خليفة بن زايد آل نهيان.
ويقول جراح، واختصاصي أوبئة، كان الطبيب الخاص لعدد من الأسر الحاكمة في منطقة الخليج، إن السبب الأساسي وراء طلب الزعماء للعلاج في الخارج هو رغبتهم في كتمان نوعية الأمراض التي يصابون بها.
وأضاف في حديث لـCNN بالعربية، تم بشرط عدم ذكر اسمه، أن “المسألة أبعد من عدم ثقة الرؤساء والملوك بالأنظمة الصحية في بلدانهم، فهم يرغبون في كتمان أمراضهم، ولا يثقون بأن الكوادر المحلية ستبقي على سرية الأمر.. إلى جانب أن الإعلان عن مرض الرئيس لا يعد تقليدا متبعا في الدول العربية.”
وأشار الطبيب إلى أن “أنظمة الرعاية الصحية متطورة في عدد من الدول العربية، مثل الأردن ومصر، لكن بعض الزعماء يرى أن العلاج في الخارج يوفر له بيئة معزولة،” موضحا أن “المثير من الأمراض المعلنة للزعماء ليست في الحقيقة سوى غطاء لأمراض أخرى أشد خطورة.”
وغالبا ما تتناقل وسائل الإعلام العربية أخبارا تفيد بسفر الرئيس أو الملك إلى الخارج لتلقي العلاج، غير أن أسباب السفر تكون في معظمها إما “إجراء فحوص طبية،” أو “النقاهة والراحة الصحية،” أو “عملية جراحية صغرى.”
ويرى الطبيب، الذي عالج مسؤولين كبار وأمراء وشيوخ في الخليج، أن “سفر الزعماء للعلاج في الخارج يحرج حكوماتهم والمسؤولين عن الأنظمة الصحية في بلدانهم، ويدفع الناس للشعور بالحنق وفقدان الثقة بالمنظومة الصحية.”
من جهته، اعتبر الدكتور صلاح سمرين، أخصائي الجهاز التنفسي في أحد المستشفيات بالعاصمة البريطانية، لندن، إن علاج الزعماء العرب في الخارج، لا يشكل سوى إحراج حقيقي لحكوماتهم “التي تتغنى بإنجازاتها الصحية طوال الوقت.”
وقال سمرين لـCNN بالعربية: “يأتون (الزعماء) إلى هنا (أوروبا) للعلاج.. وهو ما يرسل رسالة مضمونها أنهم لا يثقون بالأنظمة التي هم على رأسها، ولا يثقون بمؤسساتهم الصحية.. واعتقد أن على دولهم أن تحاسبهم عن ذلك.”
ويرى الدكتور سمرين أن في طلب العلاج بالخارج لمسؤولين وأثرياء عرب، إساءة لإنجازات القطاع الصحي في العالم العربي، وقال: “الأطباء العرب مهرة، ويعملون في مستشفيات دولية، هي نفسها تلك التي يلجأ لها الملوك.. لكن تحت عنوان غربي.. هذا أمر مؤسف حقا.”
وقليل من الزعماء العرب من يتلقى العلاج في بلاده، بل إن المسؤولين الأدنى منزلة أيضا وكذلك الأثرياء يعمدون إلى السفر إلى الخارج للعلاج، خصوصا من منطقة الخليج التي تتصدر قوائم سياح العلاج في دول مثل ألمانيا وتايلاند والمملكة المتحدة.