أجمع العديد من كبار رجال الأعمال والسياسة في العالم، والمشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس «سويسرا»، على أن القوة الاقتصادية انتقلت من الدول المتقدمة إلى دول آسيا مع تعافي الاقتصاد العالمي بوتيرة أسرع.
ويتجه المنتدى الذي افتتح أعمال دورته الواحدة والأربعين الأربعاء إلى اعتماد مقاربة تقوم على المعاينة الاستباقية للأخطار المحدقة بالاقتصاد العالمي، ووضع الحلول الممكنة في بيئة أصبحت عرضة للتغيرات المتسارعة.
واعترف كبار خبراء الاقتصاد ومديري الشركات العالمية بأن مركز ثقل الاقتصاد العالمي آخذ في التحول إلى الأسواق الديناميكية الناشئة مثل الصين. وأكدوا أن العالم بات أكثر تقلباً وأن على كل من الشركات والدول أن تعيد النظر في سياساتها لتحقيق عالم مستقر وقائم على معايير مشتركة.
تفاؤل حذر
كما أبدى المسؤولون التنفيذيون المشاركون في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس تفاؤلا حذرا إزاء إمكانية حل أزمة ديون منطقة اليورو دون أن تمتد إلى اسبانيا أو يضطر المستثمرون لتحمل خسائر غير محتملة.
وقال ديتر فيمر المدير المالي في زوريخ فاينانشال للتأمين لرويترز «نحن واثقون من بقاء اليورو كعملة ومن أن دول منطقة اليورو ستحل مشكلاتها».
وقال إن حملة السندات الخاصة قد يطلب منهم تحمل خفض قيمة السندات السيادية لبعض دول جنوب منطقة اليورو لكن ذلك لن يؤدي إلى خسائر كبيرة.
وأضاف «أعتقد أن هناك احتمالا بحدوث عمليات خفض قيمة في بعض الأماكن. لاأعتقد انها ستكون كبيرة».
ومن المتوقع أن يتبنى زعماء الاتحاد الأوروبي مجموعة شاملة من الاجراءات خلال قمة في أواخر مارس تشمل إصلاح صندوق الانقاذ الأوروبي وطرح قواعد تنظيم مالي جديدة والالتزام بإصلاحات اقتصادية هيكلية لتحسين القدرة على المنافسة.
ودعا جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، في حديث مع خدمة رويترز انسايدر التلفزيونية، الى تدعيم صندوق الاستقرار المالي الأوروبي البالغ حجمه 440 مليار يورو (603 مليارات دولار) «من حيث الكم والكيف».
وقال ان الصندوق يجب أن تزيد مرونته قدر المستطاع، وان يسمح له بشراء سندات الدول التي تعاني من مشكلات.
التحول
وبالعودة الى توقعات ثقل الاقتصاد العالمي مستقبلا، قال الرئيس المشارك للمنتدى والرئيس التنفيذي لشركة «نستله» السويسرية باول بولكه: ان «العالم يمر بنقطة تحول». ودعا الى المضي قدما الى الأساسيات والاستفادة من النمو العالمي، مؤكدا أن دور الاقتصاديات كان دائما خلق قيمة للمجتمع ككل.
لكن الرئيس الثاني المشارك للمنتدى ورئيس مجلس ادارة شركة «ميتسوبيتشي» اليابانية يوريهيكو كوجيما فرأى أن «هناك أشياء كثيرة تفصل بيننا، ولكن علينا أن نتحد كمواطنين عالميين لمعالجة القضايا التي تعتبر مهمة ليس فقط في الوقت الحالي ولكن لأجيال قادمة».
ومن جانبه، أشار العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لبنك «آي.سي.أي.سي.أي» الهندي تشاندا كوشار الى أن شعار منتدى هذا العام هو «المعايير المشتركة للواقع الجديد في أعقاب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية»، موضحا أن الاقتصاد العالمي «يسير بسرعة مزدوجة حيث تنمو الأسواق الناشئة أسرع من البلدان المتقدمة»، مؤكدا أن اعادة التوازن يتيح مجموعة من الفرص للجميع.
واعتبر الرئيس التنفيذي لشركة «دوبونت» الأميركية الين كولمان أن وصول تعداد سكان العالم الى سبعة مليارات نسمة مع نهاية هذا العام، داعيا الى الذهاب الى العمل الجماعي لمواجهة التحديات العالمية.
ورأى رئيس شركة «فيبرو» الهندية لبرامج الكمبيوتر عظيم بريمجي «ان ما يحدث حقيقة الآن هو تباطؤ في العالم الغربي ونمو في الأسواق الناشئة. وهذا تحول تام في ميزان القوى».
وقال الملياردير بريمجي انه «خلال عشر سنوات فإن اقتصاد الدول الناشئة سيكون مساويا وربما أكبر قليلا من الاقتصاد الأميركي».
أما أعلى مسؤول صيني في صندوق النقد الدولي تشو مين فقال ان الانتعاش العالمي لا يزال مدفوعا بالعملاقين الآسيويين الهند والصين.
وقال النائب السابق لحاكم البنك المركزي الصيني «بالنسبة للأسواق الناشئة، أعتقد أن النمو قوي جدا. وستحقق الصين في نهاية المطاف نموا بنسبة %9، أما الهند فقد تحقق نموا بنسبة نحو %8».
مخاطر إيجابية وسلبية
واتفق معظم المشاركين في المنتدى على ان الاقتصاد العالمي اكثر تعافيا بكثير عما كان عليه في الاجتماع السابق قبل عام.
وحتى استاذ جامعة نيويورك نوريل روبيني، الملقب بـ«د. تشاؤم» بسبب نظرته التشاؤمية للاقتصاد، فقد رأى ان «الكأس نصف ملآن ونصف فارغ. هناك بعض الايجابيات وبعض المخاطر السلبية».
وقال ان من بين تلك المخاطر السلبية أزمة ديون منطقة اليورو، والركود في سوق العقارات الأميركي، وارتفاع أسعار السلع الذي يؤدي الى اضطرابات اجتماعية في بعض المناطق. واضاف «لهذه الاسباب لدينا وضع متوازن مع عدد من المخاطر الايجابية، ولكن كذلك مع العديد من المخاطر السلبية، ولا يزال هناك احتمال بأن تفشل الكثير من الأمور».
وفيما تمحور معظم الحديث حول العملاقين الآسيويين الصين والهند، حذر البعض من ان العالم المتقدم يتجاهل أسواقا ناشئة أخرى.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة «دبليو بي بي»، ثاني كبرى شركة اعلانات في العالم، مارتين سوريل: «ان هذا ليس انتقالا من الغرب الى الشرق، ولكنه أيضا انتقال من الغرب الى الجنوب».
وأوضح أن «هذا عقد أميركا اللاتينية، البرازيل تستضيف كأس العالم والألعاب الأولمبية. وفي آسيا لا يقتصر الأمر على الهند والصين، ولكنه يشمل دولا مثل باكستان وبنغلادش وتايلند».