تحقيق خاص عندليب دندش – مسلمو الأويغور في الصين: يتناساهم العالم ويظلمهم الأمن
“الاويغور” هم المسلمون المنسيون في الصين. يتعرضون الى ابشع انواع القتل والتنكيل وسط تعتيم اعلامي عالمي مما جعل ملايين المسلمين لا يسمعون بهم.
علاقة الاويغور بالصين علاقة كر وفر، ومعارك مستمرة على مدى قرون، لكنها هذه العلاقة اتخذت منحى اخر في القرن العشرين حين ألحقت الصين اقليم الاويغور نهائيا بالصين الشعب عام 1950.
فبين عامي 1933 و1944 نفذ الاويغر ثورات نجحت في بعض الأحيان في إقامة دولة مستقلة لكنها سرعان ما تنهار أمام الصينيين الذين أخضعوا الإقليم في النهاية لسيطرتهم. فعندما استولى النظام الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسي تونج على الصين في العام 1950 ألغى استقلال الإقليم، وجرى ضمه لجمهورية الصين، وجرى تفريغ الإقليم من سكانه المسلمين وتوزيعهم إلى أقاليم، حتى يمثلوا أقليةً في مواطنهم الجديدة. كما تم التضييق عليهم في عباداتهم ومظاهرهم الإسلامية وهدم مساجدهم، وإزالة مدارسهم.
من هم الاويغر؟
الاويغر يتحدرون من الاتراك الرحّل ويقطنون في إقليم شينجيانغ (بحسب التسمية الصينية) اما الاويغر فيسمون منطقتهم بتركستان الشرقية وتُعتبر هذه المنطقة غنية بالنفط.
يقدر عدد الإيغور حسب إحصاء سنة 2003 بنحو 8.5 ملايين نسمة، ويعتنق غالبيتهم الإسلام وهو جزء مهمّ من حياتهم وهويّتهم. ويرتكز تفسير الأويغور للإسلام على “مدرسة الإمام الماتريدي” التي تُعتبر مدرسة الفكر الإسلاميّ الأكثر اعتدالاً وتسامحاً.
والماتريدي فقيه إسلاميّ عاش في القرن التاسع في سمرقند، ويعتبره الأويغور أباهم الروحيّ. ولكن في السنوات الاخيرة بدأ بدأ غالبية الاويغريين وبسبب القمع الذي تمارسه الصين وتأثير السلفيّة المتزايد في المنطقة، يبتعدون عن مدرسة الماتريدي الفكريّة المسالمة والمتسامحة ويميلون إلى الاتّجاهات المتشدّدة لا سيما بعد وصول اصداء اعمال داعش في سوريا والعراق.
أما اللغة الأويغورية فهي لغة قارلوقية، من اللغات الترکية ويستعملون الحروف العربية في كتابتها إلى الان .
تغيير عرق الاقليم
بعد سلسلة الثورات التي نظمها الاويغوريين في ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي، دفعت السلطات الصينية بعرق “الهان” الى الاقليم ووطنت العديد من هذه القومية في اقليم شينغيانغ التي تمثل مساحتها حوالي سدس مساحة الصين لتتغيير الطبيعة الديموغرافية للمنطقة حيث غيرت نسبة المسلمين فيها من 90% إلى 50% بقصد طمس الصبغة الإسلامية عن الإقليم.
يُشار الى ان قومية الهان هي إحدى القوميات التي يتكون منها الشعب الصيني وتمثل حوالي 92% منه.
وفي الصين تستخدم لفظة (هو) والتي تشير إلى كل القوميات غير قومية الهان في شمال وغرب الصين القديمة.
احداث سبتمبر 2001
اقدمت السلطات الصينية على تكثيف حملة مطارداتها للاستقلاليين الأويغور بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، فجلبت بعض الناشطين الأويغور خصوصا من باكستان وكزاخستان وقيرغزستان في إطار ما يسمى “الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب”. ورغم المطاردة الصينية ظلت بعض التنظيمات السرية تنشط داخل البلاد منها بالخصوص الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية التي تتهمها بكين بتنفيذ سلسلة انفجارات في إقليم شنجيانغ وشباب تركستان الشرقية. و في 19 سبتمبر/أيلول 2004 قام الأويغور بتأسيس حكومة في المنفى لتركستان الشرقية يرأسها أنور يوسف كما تمت صياغة دستور
منع الصيام في رمضان
في اطار حملة الصين ضد الاويغوريين، أقدمت على منع المسلمين في بعض أجزاء مقاطعة شنجيانغ من أداء فريضة الصيام وممارسة الشعائر الإسلامية خلال شهر رمضان.
الامر دفع مجمع الفقه الإسلامي الدولي الى استنكار هذا الامر مطالبا بمنح المسلمين في الصين حريتهم الدينية كاملة في ممارسة شعائرهم.
واعلن رفضه الشديد لكافة أنواع الاضطهاد التي تُمارَس بحق أقلية الأويغور المسلمة في الصين، محمِّلاً الأمم المتحدة والهيئات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان والدول الإسلامية المسؤولية القانونية والأدبية عن حماية حماية هذه الأقلية بوصفها أحد المكونات الشعبية في جمهورية الصين.
الاويغر بعد الربيع العربي
اصداء الربيع العربي وصلت الى الشعب الاويغوري، وانعكست على مفاهيم الاويغوريين الدينية، للتتجه من الوسطية الى التشدد، وتأييد البعض لافعال داعش والتنظيمات الارهابية، فشهد اقليمهم بعد الربيع العربي اعمال عنف في تصاعد ملحوظ تنسبها بكين الى “ارهابيين” اويغور تتهمهم بانهم انفصاليون واسلاميون متشددون.
لكن العام 2014 شهد العديد من العمليات الهجومية ضد السلطات الصينية بالاضافة الى الهجوم على محطة القطارات الذي وقع في أول شهر مارس عام 2014، والاعتداء الذي استهدف سوقا في اورومتشي في 22 ايار/مايو
وفي يوليو من العام 2014 قُتل 37 مدنيا و59 “ارهابيا” في الهجوم الذي استهدف مركزا للشرطة ومباني رسمية اخرى في منطقة شاش او ياركاند كما يقول الاويغور. كل هذه الهجمات وغيرها دفعت السلطات الصينية الى تكثيف حملاتها ضد الاويغوريين متهمة اياهم بالوقوف وراء هذه الهجمات. ونفذت في العام 2014 العديد من احكام الاعدام بحق عشرات الاويغوريين.