أبرز دميتري مدفيديف 5 احداث هامة في العام الجاري ستظل عالقة في الاذهان، وهي الخروج من الازمة المالية ،والحرائق في روسيا، والتوقيع على معاهدة ستارت الجديدة ، والاحتفال بالذكرى الـ 65 للانتصار في الحرب الوطنية العظمى، واختيار روسيا لمشاكل الأطفال بصفتها مسألة تحظى بأولوية.
توقيع معاهدة ستارت الجديدة
وصف الرئيس الروسي دميتري مدفيديف توقيع معاهدة تقليص الاسلحة الاستراتيجية الهجومية مع الولايات المتحدة بانه من أهم الاحداث التي جرت في عام 2010. واشار مدفيديف قائلا:” شهد العام الجاري حدثا هاما وهو تمكننا من التوقيع مع الامريكيين على اهم الاتفاقيات وهي معاهدة تقليص الاسلحة الاستراتيجية الهجومية”.
ومضى قائلا:” تعد هذه الوثيقة حجر الزاوية لضمان الامن على مدى العقود القريبة في العالم والقارة الاوروبية. ويسرني جدا اننا نمضي قدما نحو انجاز المصادقة على هذه الوثيقة”.
يذكر ان رئيسي روسيا والولايات المتحدة وقعا هذه المعاهدة يوم 8 ابريل/نيسان الماضي في براغ. ويجب المصادقة عليها من قبل المجلسين في البرلمان الروسي ومجلس الشيوخ للولايات المتحدة لكي يسري مفعولها.
وكان مجلس الشيوخ للكونغرس الأمريكي صادق في جلسته العامة يوم 22 ديسمبر الجاري على المعاهدة الجديدة حول مواصلة تقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية .
وصوت 71 سيناتورا لصالح المصادقة على هذه الوثيقة مقابل 26 سيناتورا ضدها في ظل غياب 3 أعضاء في مجلس الشيوخ الامريكي عن التصويت.
وكانت المصادقة تحتاج إلى 67 صوتا، علما بأن عدد الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الحالي يبلغ 59 سيناتورا مقابل 41 سيناتورا ينتمون إلى الحزب الجمهوري المعارض.
هذا وتنص المعاهدة التي وقعها الرئيسان الروسي والأمريكي في الثامن من أبريل الماضي في براغ على تقليص عدد الرؤوس النووية ووسائل نقلها الإستراتيجية الموجودة لدى كل من الطرفين إلى 1550 رأسا و800 وسيلة نقل وذلك خلال السنوات السبع القادمة بعد دخول المعاهدة حيز التطبيق.
مدفيديف يأمل بان تستمر واشنطن في ممارسة نهج “اعادة التشغيل”
اعرب مدفيديف عن أمله بان يحرص المجتمع الامريكي على مواصلة نهج “اعادة التشغيل” مع روسيا. وثمة مواطنون في امريكا يقفون موقفا متعاطفا مما يسمى بـ”اعادة تشغيل العلاقات الامريكية الروسية” ، لكن البعض يزعجهم هذا الامر اذ انهم يعتبرون ان الشر كله يتركز في روسيا الاتحادية. ويدل هذا الامر بشكل عام على تطور الديمقراطية. وانني آمل بان يتحلى المجتمع الامريكي والنخبة الامريكية بالصبر والعزم لكي يواصلا هذا النهج. وربما سيواجه الرئيس اوباما مشاكل لكني آمل بان يتمكن من حلها”. كما اعرب مدفيديف عن أمله بالا تسيئ هزيمة الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس الى العلاقات الروسية الامريكية والا تواجه تلك العلاقات مشاكل كبيرة.
يذكر ان مصطلح “اعادة التشغيل” استخدم لاول مرة خلال لقاء سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي بالوزيرة الجديدة للخارجية الامريكية هيلاري كلينتون والذي عقد في مارس/آذار عام 2009 في جينيف. وقد اهدت كلينتون في مستهل اللقاء وزير الخارجية الروسي زرا احمر كبيرا على قاعدة صفراء بصفته رمزا لسعي الادارة الامريكية الى اعادة تشغيل العلاقات بين واشنطن وموسكو. وقد ضغط كل من كلينتون ولافروف على هذا الزر واطلقا بذلك عملية اعادة التشغيل.
مدفيديف لا يخاف ما نشره “ويكيليكس”
أكد دميتري مدفيديف ان نشر المراسلات السرية للدبلوماسيين الامريكيين في موقع “ويكيلكس” لن يؤدي الى اية عواقب بالنسبة الى العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة.
وبحسب قوله فان هذه المقالات لن تشكل اية عواقب سلبية على علاقات الولايات المتحدة مع دول اخرى. واوضح مدفيديف قائلا:” روسيا لديها صورة حول مواقف الذين يتحدثون في موضوعها بسبب ان تلك المواقف تنعكس في الصحف الاجنبية”.
وقال مدفيديف مجيبا عن سؤال عما هو موقفه الشخصي مما نشره الموقع: “موقفي متباين. وتعد بعض المنشورات مثيرة”. وجوابا عن سؤال ما اذا كان يخاف من المعلومات نشرت في موقع “ويكيليكس” قال:” لماذا اخاف؟ فلتخاف وزارة الخارجية الامريكية. ولو خفت ما يكتب عني لما دخلت في شبكة الانترنت ولما شاهدت التلفزيون”.
الخروج من الازمة الاقتصادية
وبحسب قول مدفيديف فان التدهور الاقتصادي توقف وبدأ النمو المستقر الى درجة ما.
وقال مدفيديف:” نخرج من الازمة ونشهد نموا بمقدار 4% من الانتاج المحلي الاجمالي. ولا تعتبر هذه العملية مجرد نمو بالنسبة الينا فحسب بل ونشهد بعض البوادر لتحديث اقتصادنا او بالأحرى تحديث حياتنا”.
واعترف مدفيديف من جهة اخرى ان وتائر التحديث لا يمكن اعتبارها كافية. بل ان هذا التحديث اصبح بندا هاما أدرج في اجندتنا.
واردف مدفيديف قائلا :” نحن براغماتيون وفهمنا منذ البداية انه لا يمكن احراز نجاحات هائلة خلال سنة واحدة على الرغم من ان الوتائر ازدادت بالمقارنة مع مطلع السنة. لكن الاهم هو ان التحديث اصبح بندا هاما في الاجندة السياسية. اما قطاع الاعمال فاصبح موقفه من المبتكرات اكثر انتباها. واضاف الرئيس الروسي :” اذا لم نمول عملية التحديث فسنواجه التخلف التكنولوجي والاعتماد على المواد الخام كما هو الحال في السنوات الماضية”.
واشار مدفيديف الى ان التحديث يجب ان يطبق على المستوى المنزلي، وضرب مثال استخدام اللمبات الكهربائية مقتصدة الطاقة.
على الحزب الحاكم ابداء التعقل واللباقة والقوة
وأعلن الرئيس الروسي دميتري مدفيديف بأنه يجب على الاحزاب ان تتحمل المسؤولية اما حزب “روسيا الموحدة” فيجب عليه الا يحكم فحسب بل وان يبدى التعقل واللباقة والقوة.
وقال مدفيديف:” يجب على الاحزاب ان تشعر بالمسؤولية عن الصلاحيات التي حصلت عليها ، اما قوتنا السياسية الرئيسية – ” روسيا الموحدة” – فيجب ألا تحكم فحسب بل وان تبدي التعقل واللباقة والقوة ، ويجب ان تقدم اخيار الناس ، بينما يجب ان تبعد كما ينبغي وان تعاقب المفسدين ومن لايريد العمل عموما”.
وقال ايضا انه يجب على الاحزاب الاخرى المشاركة في مناقشة جميع القضايا، ان تتحدث بصراحة عن كافة القضايا. وقال مدفيديف ” ان وجود هذه الاحزاب في المعارضة لا يعني ان تنعزل عن حياة المجتمع ، بل يجب عليها ان تتحدث بصراحة عن كافة المشاكل”.
وأشار الرئيس الى ان من الواجب عمل ذلك في التلفزيون ايضا. وأعاد مدفيديف الى الاذهان قائلا ” اننا بذلنا الجهود من اجل ان تظهر الاحزاب المعارضة عندنا على شاشة التلفزيون بقدر أكبر وان تقول الحقيقة كلها”.
وقال دميتري مدفيديف “يجب ألا تصيبنا نشوة الارتياح لما حققته روسيا من انجازات ، وما بلغته من استقرار – وهو انجاز عظيم – لكن البلاد بحاجة من اجل تطويرها الى الحراك ، وتقع المسؤولية في ذلك على الحزب الحاكم بالدرجة الاولى”.
وقال ايضا ” لقد تسنى لنا في فترة معينة انجاز الكثير ، فقد استطعنا احلال الاستقرار في البلاد ، وفرضنا سيطرتنا على العمليات الاجتماعية الصعبة جدا ، والتي كانت هدامة ، وكان يمكن ان تدمر دولتنا كل التدمير”. وتابع الرئيس قوله:” لقد كان هذا مهما جدا ، لكن لا يمكن التطور بتوفير الاستقرار فقط ، بل لابد من الحراك. والحراك بالذات هو الرغبة في عمل شئ ما والنية في التغلب على الذات”.
وأكد مدفيديف قائلا ” لهذا فأن من يعتقد بأن كل شئ على ما يرام لديه ، فيجب عليه البقاء في كورشيفيل( موقع استجمام جبلي في فرنسا)”. وجاء ذلك في تعليقه على رأي محدثه الذي قال ان النظام السياسي في البلاد اصبح “برونزيا” بلون بشرة بعض موظفينا الذين يستجمون عادة تحت شمس كورشيفيل ودبي.
مكافحة الفساد
يرى الرئيس دميتري مدفيديف “اننا تمكنا في السنوات الاخيرة من تطهير اجهزة السلطة الفيدرالية الروسية من المجرمين. وقال: ” اعتبر ان السنوات الاخيرة شهدت تطهيرا جديا في اجهزة السلطة الفيدرالية. نعم هناك فساد، لكن المجرمين تم فصلهم عن السلطة”.
وبحسب قول مدفيديف فان الكثير تصور في التسعينات ان السلطة العليا ينخرط فيها شخصيات مختلفة ومن بينهم مجرمون.
واشار مدفيديف قائلا:” استطعنا فصل المجرمين عن جهاز السلطة الفيدرالية . لكن السلطة الاقليمية تحتاج الى المزيد من التطهير”.
ومضى مدفيديف قائلا:” يحمل بعضهم بطاقات العضوية في الحزب الحاكم. ولا يعني ذلك ان هذا الحزب وغيره من الاحزاب يجب ان يغض النظر عن هذا الامر بل بالعكس لا بد من فضحهم وطردهم من الاحزاب مما سيساعد في تحسين سمعتها”.
وبحسب المعلومات المتوفرة لدى الرئيس فانه تم خلال الاشهر التسعة للعام الجاري سجن ألف شخص بتهمة الارتشاء و1.7 الف شخص بتهمة تقديم الرشا ، ومنهم حولي ألفي شخص هم موظفون في اجهزة حفظ الامن بما فيها الشرطة والنيابة العامة، وحتى 18 شخصا من اجهزة القضاء على الرغم انها تعتبر نظاما مغلقا.
وابرز مدفيديف ان العقاب لقاء مثل هذه الجرائم يجب ان يكون شديدا.
لا بد من الحفاظ على هرم السلطة
يرى مدفيديف انه لا يمكن العودة الى انتخاب المحافظين في المستقبل القريب لان النظام الساري المفعول لمنح رؤساء الاقاليم الصلاحيات يسمح بالحفاظ على وحدة السلطة التنفيذية. وقال مدفيديف:” ليست كل الآليات الديمقراطية تعمل بشكل جيد. اما النظام الساري المفعول لمنح المحافظين الصلاحيات فيعتبر برأي مبررا في المرحلة الراهنة. لان بلادنا هي بلاد معقدة . وعبارة عن اتحاد فيدرالي من جهة وفيدرالية قومية من جهة اخرى”.
واعترف مدفيديف ان روسيا كادت تتفكك بسبب انانية السلطات الاقليمية ضمنا. وقال:” كنت قد تأملت في هذا الموضوع وذكرت في انفعال انه يمكن العودة الى انتخاب المحافظين بعد مرور 100 سنة. وربما سيحدث ذلك بعد مئة سنة، لكن في المستقبل القريب يجب الحفاظ على وحدة ادارة الدولة وهرم ادارى تنفيذي واحد بما فيه الرئيس والحكومة ورؤساء الاقاليم. واضاف مدفيديف ان اي رئيس اقليمي سيتم اقصاءه عن الحكم في حال يفقد ثقة قيادة البلاد كما هو الحال مع عمدة موسكو يوري لوجكوف.
يذكر ان يوري لوجكوف الذي كان يتولى ادارة موسكو خلال 18 سنة اقيل من منصبه بمرسوم رئاسي بسبب فقدان الرئيس الثقة به.
وفسر الرئيس مدفيديف سبب اقالة لوجكوف بالمستوى العالي للفساد. وقال انه يعتبر سيرغي سوبيانين الذي حل محله مسؤولا يتصف بالقدرة على العمل ولا يميل الى منافسة سياسية. وبحسب قول مدفيديف فان واجب كل مسؤول فيدرالي او اقليمي هو متابعة الاوضاع في اقليمه. اما عمدة موسكو السابق فكان بوجهة نظر الرئيس يبدي اهتماما غير كاف لحل مشاكل العاصمة.
ومن مشاكل موسكو الاخرى ذكر مدفيديف مشكلة الاختناقات المرورية وبيئة التنافس غير المتطورة في العاصمة. اما الفساد فاكتسب أبعادا لا مثيل لها. واستطرد مدفيديف قائلا:” يجب التخلص من هذا الامر”.
هناك في روسيا ساسة ذوو مستقبل واعد… غير بوتين ومدفيديف
يعتقد الرئيس الروسي دميتري مدفيديف ان هناك في روسيا رجال سياسة ذوي مستقبل واعد، وذكر من بينهم رؤساء الكتل النيابية في مجلس الدوما.
وقد وجه الى مدفيديف في لقاء مع رؤساء ثلاث قنوات تلفزيونية روسية يوم الجمعة سؤال حول اذا ما كان يوجد في روسيا رجال سياسة ذوو مستقبل واعد فيما عداه ورئيس الحكومة فلاديمير بوتين. فأبتسم مدفيديف وقال:” اريد ان أعلن رسميا بأنه يوجد مثل هؤلاء الساسة في بلادنا ، وحتى ان بعض الاسماء معروفة جيدا”. وأستطرد الرئيس قائلا :” لابد لي من ذكر شخصيات بارزة مثل رؤساء الكتل النيابية في مجلس الدوما عندنا ، انهم رجال سياسة معروفون جيدا، وانا أقول ذلك بدون اي تهكم”.
واردف :” وهناك رجال سياسة من غير نواب مجلس الدوما لكنهم معروفون ايضا. ويعتبرهم البعض من الشخصيات البارزة ، بينما يرى البعض بالعكس انهم ليسوا من البارزين. لكنهم معروفون ايضا. ومن رجال السياسة المعروفين وذوي السمعة في المجتمع السادة كاسيانوف ونيمتسوف وليمونوف وكاسباروف ( المقصود بالأمر زعماء مختلف احزاب وحركات المعارضة – روسيا اليوم) . انهم رجال سياسة معروفون في المجتمع أيضا. وموقف الناس منهم مختلف. ويوجد لدى كل واحد منهم ما يسمى بالقاعدة الانتخابية. انهم رجال سياسة معروفون في المجتمع أيضا”.
واشار الرئيس الى ان ثروة روسيا الرئيسية هي ابناؤها الموهوبون.
وقال مدفيديف :” ان الثروة الرئيسية هي تلك التي لا نتحدث عنها. انها ثروة الموهوبين في بلادنا. وبرأيي ان بينهم بالذات يوجد الرؤساء ورؤساء الوزراء ونواب مجلس الدوما في المستقبل “.