اكس خبر- في بداية اللقاء تحدّث المسؤول الكبير في مركز أبحاث أميركي عريق معروف بميله إلى إسرائيل عن لبنان والشغور الرئاسي وعن المحاولات الفاشلة لانهائه وعن صعوبة وصول “المرشّحين الأقوياء” إلى الرئاسة. وأشرت إلى أن بلادنا تحتاج إلى رئيس مَرِن يُدير الأزمة لأنّها مستعصية على الحل في هذه المرحلة. سأل مازحاً: “هل أنت مرشّح للرئاسة؟”. ضحكت وقلت له ما معناه: رغم أنني ماروني “ما بيطلعلي”. حكينا عن الرئيس أوباما، فعلّق: “أنه لا يهتم بالشرق الأوسط وذلك يعزِّز مخاوف الخليجيّين”. حكيت عن السعوديّة وانتشار التطرّف الإسلامي ودوره في الإرهاب وعن ضرورة قيامها ودول عربيّة وإسلاميّة أخرى بدور لوقف انتشار التطرّف والعنف باسم الدين.
انتقلنا إلى الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، قال: “فوز الجمهوريّين فيها صعب جداً. لكن فوز ترامب وهو جمهوري قد لا يكون مستحيلاً رغم صعوبته. هيلاري كلينتون سيئة مثل ترامب ولكن بدرجة أقل منه. ثم عُدنا إلى لبنان و”حزب الله” فيه ومسيحيّيه. وكان الرأي متّفقاً على أن مستقبل المسيحيّين فيه قد لا يكون ورديّاً، وعلى أن هناك فرصة قد تكون أخيرة لا تزال أمامهم هي إقامة التوازن بين السنّة والشيعة في لبنان المتساويين تقريباً ديموغرافيّاً والقويين أيضاً، السنّة بالمحيط العربي السنّي المسلم والشيعة بالسلاح والتنظيم. وإذا لم يغتنموا الفرصة فإنهم سيستمرّون في الهجرة أو بالأحرى شبابهم. أما “حزب الله” فقد اعتبره الباحث والمسؤول نفسه “منهكاً (Exhausted) وغير راغب في حرب أهليّة داخل لبنان”. كما اعتبر “أن إيران تريد استمرار الأسد رئيساً لسوريا، وستفرض ذلك بالقتال”.
ماذا في جعبة رئيس مركز أبحاث مقرّه في نيويورك ويركّز على الشرق الأوسط ولا سيّما على الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ويعرف إسرائيل جيداً كونه يهوديّاً؟ سألته في بداية اللقاء عن منظمة J Street (جي. ستريت) اليهوديّة الأميركيّة التي أسّسها قبل سنوات يهود أميركيّون استفزّتهم سياسة منظمة “إيباك” المكلّفة رسميّاً من إسرائيل الدفاع عن مصالحها داخل أميركا وطريقة عملها وتطرُّفها. وقلت له إنها لا تبدو فاعلة، علماً أنني أسمع كثيراً في واشنطن وفي المنطقة أن الرأي العام اليهودي الأميركي بدأ ينظر بسلبيّة إلى “إيباك” في ظل اتجاهها شبه التام نحو اليمين الإسرائيلي ودعمها الكبير لنتنياهو، هل هذا صحيح؟ أجاب: “الـ”جي. ستريت” حديثة السن. تأسّست قبل سنوات، وهي لا تزال تعمل وصار عندها بعض الوجود والشعبيّة. لكن ذلك لا يعني أن المقارنة بينها وبين “إيباك” صارت ممكنة. في ذلك ظلم لها. هناك جمهور من الشباب اليهودي الأميركي لم يعد يرضى بسياسة إسرائيل. وهو يتّخذ قراراته ومواقفه بنفسه ويعبّر عنها بمواقفه من السياسات الداخليّة للحكومة الأميركيّة. طبعاً بعضه مع “جي. ستريت”. لكن هذه المنظّمة لم تصل بعد إلى حد التنظيم المحكم الذي أقامته “إيباك”. أنا كنت صديقاً لأحد مؤسّسي “إيباك” قبل 60 سنة، وأعرف كيف نظّموا أنفسهم وكيف صاروا يعملون. لكن أنا اشتغلت على نفسي وتطوَّرت وتحوّلت من صهيوني متحمِّس لنظريّة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” إلى ناشطٍ من أجل السلام على أساس حلّ الدولتين.
المنظّمات اليهوديّة الأميركيّة المهمّة تُسيطر عليها مجموعات قياديّة مهمّة وكبيرة في السن تحرّكها الصهيونيّة والعقيدة وأحياناً المصالح. وهي لها مصالح مع “إيباك”. علماً أن يهود أميركا هم أكثر الناس اشتراكاً في التصويت (الاقتراع) داخل أميركا. يقترع منهم حوالي 60 في المئة في الانتخابات. وبهذا المعنى، فإن الشباب الليبيرالي اليهودي الأميركي قد يعبّر عن نفسه بطريقة مختلفة عن الطريقة التي تعبّر بواسطتها “إيباك”. علّقت: قال لي مسؤول كبير سابق مُهم تعرفه وهو جزء من التحرّك الذي تقوم به: “آسف أن أقول إن الكونغرس الأميركي “مستعمرة” إسرائيلية”. علّق: “معه حق. هذا الكلام ينطبق مئة في المئة على مجلس النواب (الممثلين). وينطبق في صورة أقل لكن كافية للتأثير على مجلس الشيوخ. ما تفعله “إيباك” هو استغلال مدة الولاية السياسيّة المحدّدة بثلاث سنوات للضغط على الراغبين منهم في الترشّح مرة أخرى وعلى الراغبين في دخول المجلس النيابي للمرّة الأولى. ويتم ذلك بتوجّه “إيباك” إليهم عارضة مساعدتهم للفوز بالمال (تبرعات) والسياسة والإعلام في مقابل تأييد إسرائيل وسياساتها وخصوصاً في موضوع الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني – العربي”.
الكاتب: سركيس نعوم