اكس خبر- الغرب يقول ان روسيا وليس بشار الاسد هو من يحدد مجريات الاحداث في سوريا. هذه المواقف جاءت على لسان مسؤول غربي معني بالملف السوري في لقاء صحافي في باريس اوضح فيه “أن الاتفاق الرسمي الأميركي – الروسي على وقف الأعمال العدائية في سوريا يشكّل رسالة واضحة إلى الأطراف المعنيين بأن القيادة الروسية هي التي تحدّد مع الإدارة الأميركية قواعد اللعبة وشروطها في هذا البلد وليس الرئيس بشار الأسد وانها لم تتورّط عسكرياً على نطاق واسع في الساحة السورية من أجل خدمة مصالح الرئيس السوري بل من أجل محاولة تحقيق مصالحها ومكاسب سياسية لها”. وأضاف المسؤول استناداً إلى معلوماته “أن الرئيس فلاديمير بوتين كان يدرك قبل انخراطه المباشر الكبير في الصراع السوري أن نظام الأسد مهدّد بالانهيار وأن الفرصة متاحة للإمساك به كلياً، لكنه اكتشف لاحقاً أن النظام أضعف بكثير مما كان يعتقد وأنه ليست لديه مقوّمات الصمود الذاتي طويلاً. ووجد بوتين نفسه أمام خيارين: الأول هو الدفاع المستميت عن النظام من أجل محاولة فرض بقائه على رغم الكوارث والدمار والخراب في البلد، الأمر الذي يتطلّب من الروس مواصلة مهماتهم الحربية والذهاب أبعد مما يفعلونه حالياً والاضطرار الى ارسال قوات برية والبقاء طويلاً في سوريا، والخيار الثاني هو التعاون مع أميركا والدول الحليفة لها من أجل تطبيق التفاهمات الدولية التي وافقت عليها موسكو والتي تشكل أساس الحل السياسي للأزمة وتنهي الحرب.
الخيار الأول لن ينقذ سوريا ولن يسمح للأسد بفرض سيطرته الكاملة مجدداً على البلد وباعادة الاستقرار اليه ومعالجة مشاكله الهائلة، بل إنه يطيل الحرب ويلحق المزيد من الكوارث ويضاعف أعداد المهاجرين والمشرّدين والقتلى ويهدد بتفجير نزاع ساخن إقليمي – دولي. وهذا الخيار سيجعل روسيا تتحمّل نفقات ضخمة وهي التي تعاني مصاعب اقتصادية ومالية كبيرة ويشكّل نكسة بل هزيمة لقيادتها التي تكون أثبتت للعالم أنها قادرة على القتل والتدمير لكنها عاجزة عن إنقاذ سوريا وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميّين.
الخيار الثاني يساعد على وقف الحرب وإنقاذ سوريا ويعزّز موقف روسيا إقليميّاً ودولياً، إذ يجعلها شريكاً أساسياً في إنجاز الحل السياسي للأزمة لكن ثمن هذا الخيار هو الموافقة على إنهاء حكم الأسد. ذلك أن تنفيذ الحل السياسي استناداً إلى التفاهمات الدولية يعني التعاون الجدّي مع أميركا وحلفائها من أجل تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 2254 وبيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 واتفاق ميونيخ، وهي نصوص تؤكّد بوضوح ضرورة الانتقال إلى نظام جديد تعدّدي وتشكيل هيئة حكم انتقالي تضم ممثلين للنظام والمعارضة وتمارس السلطات التنفيذية الكاملة وتتخذ خطوات تقود إلى قيام نظام جديد يحقق التطلّعات المشروعة لكل مكوّنات الشعب السوري. واللافت في هذا المجال أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال في مؤتمر صحافي في حضور وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ختام اجتماعات ميونيخ: “ان الغالبية من الدول الأعضاء في المجموعة الدولية لدعم سوريا ترى أن السلام لن يتحقّق ما دام الأسد مصمّماً على البقاء في منصبه وعلى حكم سوريا”.
واستناداً إلى المسؤول الغربي “فإن العلاقة الأميركية – الروسية ليست قائمة على الثقة المتبادلة لأن هذه الثقة مفقودة بل انها قائمة في نظر الأميركيين على مدى تنفيذ القيادة الروسية وعودها والتزاماتها”. وأضاف: “تنتظر الإدارة الأميركية خصوصاً تنفيذ التزامين روسيّين أساسيّين: الأول حدّده بوتين عندما أبلغ الأميركيّين أنه يريد مواصلة التعاون معهم وأنه هو صاحب القرار الأساسي وليس الأسد في ما يتعلّق بمسار النزاع السوري وأن المطلوب من القيادة السورية الاستماع الى ما تقترحه عليها القيادة الروسية. الثاني هو تطبيق اتفاق ميونيخ الذي نص علي إنشاء ممرّات آمنة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية الى السوريين المحاصرين، ونص أيضاً على تشكيل مجموعة دولية يرئسها كيري ولافروف تضمن وقف الأعمال العدائية. وعلى هذا الأساس أعلنت أميركا وروسيا الاتفاق رسمياً على تطبيق قرار وقف الأعمال العدائية الذي يشمل وقف الغارات الجوية الروسية والسورية على قوى المعارضة المعتدلة ومواصلتها على “داعش” و”النصرة”، وإخضاع هذه العملية للرقابة الأميركية – الروسية – الدولية تمهيداً لمواصلة المفاوضات في جنيف من أجل التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الرقم 2254 الذي ينص على نقل السلطة الى نظام جديد تعدّدي وعلى تشكيل هيئة حكم انتقالي تمارس السلطات التنفيذية الكاملة الأمر الذي يؤدّي الى إنهاء حكم الأسد. وهذا التطوّر يشكّل تحوّلاً أساسياً مهمّاً في مسار الصراع السوري بقطع النظر عن العقبات التي ستواجه الاتفاق”.