هشام ملحم – يبدأ اليوم، مع مثول وزراء الخارجية والخزينة والطاقة امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ لشرح الاتفاق النووي مع ايران، العد العكسي للمواجهة بين ادارة الرئيس اوباما والحزب الجمهوري الذي يسيطر على مجلسي الكونغرس لتقرير مصير الاتفاق، الذي يمكن ان يكون اهم انجاز خارجي للرئيس أو أفدح نكسة له. يأتي ذلك بعد موافقة مجلس الامن على الاتفاق، وبعد وصول وزير الاقتصاد الالماني سيغمار غبريال الى طهران، والذي ستلحق به قافلة طويلة من الديبلوماسيين مثل لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي ورجال اعمال للبحث عن فرص وسبل الاستفادة من الكنز الايراني المجمد في المصارف الغربية والذي سيفرج عنه تدريجا ويمكن ان يصل الى 150 مليار دولار.
الكونغرس تسلم الاتفاق وملاحقه في مطلع الاسبوع ولديه 60 يوما لمراجعته والتصويت عليه خلال ايلول المقبل، ومن المتوقع ان يرفضه مجلسا النواب والشيوخ الجمهوريان، الامر الذي سيدفع الرئيس اوباما الى استخدام سيف النقض “الفيتو” لابطال ارادة الكونغرس. وهذا يعني ان المعركة الحقيقية تتمحور على قدرة الجمهوريين على نقض النقض الرئاسي، وهو أمر يتطلب جذب عدد من المشرعين الديموقراطيين لضمان تصويت المجلسين بأكثرية الثلثين على هذا الابطال.
ومثول الوزراء جون كيري وجاك لو وأرنست مونيز والذي من المتوقع ان تتخلله شرارات حامية، سوف يكون المعركة الاولى في سلسلة مناوشات بين مؤيدي الاتفاق ومعارضيه لن تبقى محصورة باروقة الكونغرس وقاعاته، بل ستنتقل الى وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وحتى جميع انحاء الولايات المتحدة حيث سيسعى معارضو الاتفاق الى تعبئة الناخبين في الولايات والمناطق التي يمثلها ديموقراطيون في الكونغرس للضغط بدورهم على ممثليهم وخصوصاً أولئك الذين سيدافعون عن مقاعدهم في انتخابات تشرين الثاني 2016. وقد بدأت حرب الدعايات التلفزيونية قبل تسلم الكونغرس الاتفاق. وسوف تنفق “اللجنة الاميركية – الاسرائيلية للشؤون العامة” (أيباك) قوة الضغط الرئيسية المؤيدة لاسرائيل، عشرات الملايين من الدولارات لتمويل حملتها لاسقاط الاتفاق. وسوف تجد في مواجهتها عدداً من المنظمات اليهودية المؤيدة لاوباما وللاتفاق.
اللافت هو ان أكثرية الديموقراطيين في مجلس الشيوخ لم تحسم موقفها من الاتفاق حتى الآن، الامر الذي يقلق البيت الابيض من احتمال نجاح الجمهوريين خلال الشهرين المقبلين في اقناع بعض المشرعين الديموقراطيين أو تخويفهم من ان دعمهم للاتفاق قد ينهي حياتهم السياسية. وهكذا فان أوباما والكونغرس امام خيارات صعبة. وحتى لو نجح الرئيس في منع الجمهوريين من الغاء الفيتو الرئاسي، فان فوزه سيكون واهيا، لان رفض الكونغرس الاتفاق سيكون بمثابة رسالة مدوية الى العالم تقول ان ممثلي الشعب الاميركي يرفضون الاتفاق الذي وقعه رئيسهم الضعيف.