إكس خبر- تماماً كما انتظر اللبنانيون عموماً ومحازبو «تيار المستقبل» خصوصاً، قدوم رئيس التيار النائب سعد الحريري إلى لبنان بحماس، انتظر اللبنانيون أيضاً من معارضين وموالين للحريري، باهتمام كبير كلمته في الذكرى العاشرة لاغتيال والده رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، لا سيما أنها تأتي في ظلّ حوار تياره مع «حزب الله».
قبل هذه الكلمة، سادت أجواء داخلية إيجابية من تنفيس للاحتقان وإزالة شعارات حزبية وتخفيف حدّة التراشق الإعلامي بين نواب وشخصيات مستقبلية وآخرين من 8 آذار، حتى أنّ حضور شخصيات 8 آذار الرئيسية كان بارزاً خلال الذكرى، أعني حضور ممثلين لرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون.
لكنّ المفاجأة كانت أنّ الخطاب لم يحمل إلى مسامع بعض اللبنانيين إشارات إيجابية كالتي حملتها أجواء الحوار التي عكست جواً طيباً أو شبه حريص على التوصل إلى تقارب حول أبرز النقاط والخلافات، وكأنّ مناصري الفريقين كانوا يتوقعون لهجة أكثر ليونة من الحريري تجاه «حزب الله».
ما يطمئن بالنسبة إليهم هو أنّ الحريري أكد أهمية الحوار مع حزب الله، وبدا للحظات وكأنه يبرّر لجمهوره أو لمن يلومه أو حتى يسأله عن جدوى هذا الحوار، وخصوصاً أنه حوار بين تياره وبين «من يقاتل في سورية ويجلب للبنان الويلات ويضع لبنان في محاور»، حسب ما قال الحريري في كلمته. فكيف ذلك…؟
لماذا هذا التصعيد الكلامي في وقت أرخت الأسابيع التي سبقت قدوم الحريري أجواء إيجابية بين الأفرقاء، توزعت بين تأكيد على أهمية سحب ورفض كلّ ما من شأنه أن يؤجج الفتنة في البلاد، ومن ضمنها الخطابات والتصريحات، ليكون الحريري البادئ في الخرق، مع أنّه ولسوء حظ النائب خالد الضاهر، كان خروج الأخير من كتلة المستقبل أحد ثمار هذه التفاهمات.
تضمّن خطاب الحريري في شكل مركز الدفاع عن هذا الحوار، لكنه أكد في الوقت نفسه أنّ هذا لا يعني أنّ الخلاف قد انتهى…
كيف يمكن لهذا الدفاع عن الحوار أن يرفق بتصعيد عالي النبرة تجاه حلف إيران ـ سورية ـ حزب الله، ويتحول تصويباً إقليمياً وكلاماً رأى كثر أنه «أكبر» مما يمكن أن يتحدث فيه الحريري وتحمله المناسبة والظرف، فهو استراتيجي وسياسي عرّج على مجمل البلدان العربية التي وقعت تحت ذبذبات الربيع العربي، فأشاد ببعضها وذمّ حكومات بعضها الآخر وأنظمته، والمقصود نظام الرئيس السوري بشار الأسد لينتقل بكلمة ممنهجة ومفصلة إلى ربط كلّ ذلك «بجولات حروب تأخذنا إليها المقاومة، تارة في الجولان وأخرى في أماكن جديدة» وبنبرة: «خلصونا»…!
تعدّى الحريري المناسبة والحوار إلى ما هو أبعد من الحفاظ عليه، وإلا لماذا تصويب الحريري على قتال حزب الله في سورية وهو يعرف تماماً أنّ هذا يؤدي إلى احتقان جديد في شارع حزب الله؟
يعرف الحريري جيداً أنّ كلّ ما يعني جمهور الفريقين هو التقارب من خلال تخفيف الهجوم اللاذع في ملفات تعتبر مصيرية بالنسبة إليهما.
إنّ تمَّسك الحريري بالحوار هو من أجل التوصل إلى حلّ للخلافات حول ملفات أساسية في البلاد كملف رئاسة الجمهورية، لكنه نسف أجواء تهدئة الشارع التي سعى الحوار إليها بأسرع ممّا كان متوقعاً… لماذا؟
لماذا يعمد الحريري إلى إثارة كلّ هذه التساؤلات حول كلمته وحول موقفه الحقيقي من حزب الله؟
يبدو أنّ الجواب الأبرز هو بالسؤال المرادف: لماذا غاب وليد جنبلاط عن الاحتفال؟ ولماذا تمثل بمرشحه الرئاسي هنري حلو وليس بنائب لصيق من حزبه؟ هل عمل جنبلاط بنصيحة فيلتمان بعدم الاستماع إلى فلاسفة 14 آذار، وخصوصاً أنه يعلم أنّ أحدهم وراء الخطاب؟ أهي نصيحة جديدة من فيلتمان بأن يغيب لأنّ كلام الحريري سيكون تصعيدياً ومنسّقاً معه لمقاربة تفاوضية حول الرئاسة، والأفضل أن يبقى جنبلاط بعيداً من التصعيد ليلعب دور الوسيط ويكون له من مفاوضات الرئاسة نصيب؟
غياب جنبلاط، يشير إلى أنّ الدخول الأميركي بات مباشراً في ملف الرئاسة، وأنّ السعودية منشغلة عن لبنان اليوم، وأنّ العمل جار على تحسين أسهم الولايات المتحدة ووضعها التفاوضي في ملف الرئاسة اللبنانية.
يصعّد الحريري… ويفاوض جنبلاط «الوسطي» الذي لم يحضر الكلمة عن حزب الله».
جنبلاط كلمة سرّ سعد الحريري في خطاب«البيال»…
الكاتب: روزانا رمّال