إكس خبر- بالرغم من ازدحام الساحة الداخلية بالملفات الأمنية والغذائية والانشغال النيابي برحلة البحث عن قاعدة انطلاق توصل إلى قانون انتخابي، وسط انسداد الأفق امام انتخاب رئيس جديد للجمهورية يتصدر الحوار المرتقب بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» الاهتمام في الوسط السياسي كونه المعبر الوحيد في اتجاه التخفيف من الاحتقان المذهبي والانطلاق نحو مقاربة الملفات الخلافية في أجواء هادئة بعيدة عن النكد السياسي والتجاذبات التي حالت إلى الآن دون ولوج بعض الاستحقاقات ومنها الانتخابات الرئاسية.
وإذ كان البعض يؤكد بأن الأمور التقنية لانطلاقة عجلة هذا الحوار قد انجزت من خلال اللقاءات التي جمعت الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، وأن هذا الحوار بات قاب قوسين أو أدنى لحصوله تحت نظر عرّابه الرئيس نبيه برّي في مراحله الأولى، فإن أوساطا متابعة تؤكد بأن أجندة مواد البحث لم توضع بعد، وأن رئيس المجلس لم يتلقَ إلى الآن جدول أعمال الحوار لا من «المستقبل» ولا من «حزب الله»، كما انه لم يلتقي الرئيس فؤاد السنيورة لوضع اللمسات الأخيرة على العناوين العريضة لهذا الحوار، اضف إلى ذلك انه لم يسجل حتى الأمس أي تواصل مع «حزب الله» الذي يرفض أي شروط للجلوس على الطاولة، وهو ما يعني ان الطبخة الحوارية لم تنضج بعد وهي ما تزال تحتاج إلى بعض الوقت الذي ربما يتجاوز الأسبوع المقبل.
وتؤكد هذه الأوساط ان الحوار بين «الاصفر» و«الازرق» بات محسوماً، حيث ان الرئيس برّي لم ينطلق في مبادرته من فراغ، فهذه الفكرة حظيت بمباركة القوى الإقليمية المؤثرة على الجانبين وهو ما شجعه على اظهارها إلى العلن والحرص على ضخ الجرعات التفاؤلية اليومية التي لقيت اصداءً طيبة لدى جميع القيادات السياسية التي ابلغته دعمها لمسعاه الذي هو بمثابة بصيص الأمل الوحيد في الظلمة الحالكة التي تظلل لبنان نتيجة الاحتقان الداخلي المتأتي عن الحريق المندلع في المنطقة، كما ان هذا المسعى لقي استحساناً دولياً عبر عنه المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي الذي أثنى على جهود رئيس المجلس للدفع نحو الحوار، وتأكيده بأن هذا الحوار ضروري من أجل تقوية الأمن والاستقرار والعيش المشترك في لبنان ومن أجل السير قدماً في خطوات دستورية يجب اتخاذها.
ومما لا شك فيه بأن كلام بلامبلي يُشكّل مظلة دولية لحوار الحزب والمستقبل قد يؤدي إلى تذليل الكثير من العوائق من امامه وتعبيد طريقه في اتجاه الوصول إلى خاتمة سعيدة، وسيما وأن البعض في الداخل والخارج يرى إمكانية ان يدفع الحوار هذا باتجاه ولوج الاستحقاق الرئاسي الذي على ما يبدو لديه فرصة الاستفادة من الاسترخاء الدولي الذي اعقب اجتماعات الملف النووي في النصف الأخير من الشهر الفائت.
ويبدو وفق زوّار الرئيس برّي ان الفريقين المعنين يقفان الآن على عتبة الحوار المباشر، حيث نقلوا عن رئيس المجلس ترجيحه حصول هذا الأمر الأسبوع المقبل إذا تمّ إنجاز جدول الأعمال وفي حال تعثر ذلك لأي سبب من الأسباب فإنه حكماً سينطلق قبل نهاية العام الحالي.
ويؤكد رئيس المجلس بحسب زوّار عين التينة ان من بين بنود جدول الأعمال سيكون الموضوع الرئاسي وقانون الانتخابات، وثم الاتفاق على إبعاد المواضيع الخلافية التي يتداخل فيها المحلي مع الإقليمي والدولي كسلاح المقاومة والأزمة السورية.
وتطرق الرئيس برّي إلى قانون الانتخاب الذي سيتم تناوله في الجلسات الحوارية فأكد ان لجنة التواصل ستواصل اجتماعاتها حتى آخر السنة، وقد سجل خلال المناقشات اتفاق على الأقضية وخلاف على المحافظات مبدياً تفهمه للخصوصية الدرزية في ما خص تقسيمات جبل لبنان. وينظر الرئيس برّي إلى الاقتراح الذي قدمه النائب علي بزي على انه الصيغة الأقل خلافية، مشدداً على انه في حال توصلت اللجنة إلى تفاهم سيترك هذا الأمر جانباً، لأنه ليس في وارد الدعوة إلى عقد جلسة تشريعية لإقرار قانون انتخاب قبل انتخاب رئيس الجمهورية.
غير ان مصادر نيابية ترى ان اللجنة ليس في مقدورها إنجاز قانون جديد للانتخابات ما لم يكن هناك تفاهم سياسي خارج قاعة اجتماعاتها، وإن كان مجرّد الجلوس والنقاش يُبرّد الأجواء ويقرب إلى حدّ ما المسافات المتباعدة نتيجة الخلافات السياسية الموجودة، معتبرة ان وضع قانون جديد للانتخابات لا يحتاج إلا لبضعة ساعات في حال تأمن التوافق السياسي المطلوب، وعدا ذلك فإن ما هو حاصل تعبئة وقت لا أكثر.
وتسأل المصادر ما الذي تغير في المشهد السياسي الداخلي وعلى مستوى المنطقة وفي رؤية القوى السياسية بالنسبة لقانون الانتخابات منذ مقاربة ذلك في اللجنة المصغرة بُعيد التمديد الأوّل للمجلس لا شيء، ولذلك فإن المناخات التي طبعت اجتماعات اللجنة بعد التمديد الأوّل هي ذاتها التي تطبع مناقشات اللجنة بعد التمديد الثاني وهو ما يعني ان لا قانون جديد للانتخابات في وقت قريب ولا من يحزنون وأن هذا الأمر سيرحل إلى الهيئة العامة بانتظار نضوج تسوية ما في الداخل أو الخارج تُبرّد المناخات وتجعل من الممكن مقاربة قانون الانتخاب بشكل جدي وبالتالي يتم الوصول إلى قانون جديد تجرى على أساسه الانتخابات النيابية، لافتة النظر إلى انه بمعزل عن الحوار المتوقع بين الحزب والمستقبل فإن الاستحقاقات الكبيرة ستبقى على رف الانتظار إلى حين معرفة الاتجاه النهائي لمسار رياح المنطقة.
الكاتب : حسين زلغوط