اكس خبر- سنون مرّت، انتظرت فيها سابين تلك اللحظة، أن تزفّ الخبر السعيد لزوجها بعد يومٍ مضنٍ في العمل. تلاقيه أمام الباب وتركض اليه وتبرق عيناها وهي تقول له: “أنا حاملٌ بولدنا الأوّل”. وكانت الأيام تمرّ، وسابين تنظر في صور العرس وتعود في شريط الذكريات الى ذلك اليوم وحدها. سنة بعد سنة، الصور بهتت.
كأن حبّها بات يحتاج جديداً ينتشلها من حضيض الروتين. تبحث عن تعويضٍ أو فكرة او خطوة، تعيد الحرارة لعناق الأيدي وتصادم النظرات. لكن ذلك كان صعباً وغرفة الأولاد التي حلمت في اختيار تفاصيل زواياها بنفسها، لا تزال فارغة. ينقصها بكاء مشاكسٍ صغير يوقظ الماما من غفوتها بعد منتصف الليل.
اللجوء للطب
كان لا بدّ من اللجوء الى الطب لمعرفة الخبايا الكامنة وراء الفشل في الإنجاب. خرجت العروس الجديدة من العيادة، وهي تعلم أن إمكان حملها جنينها في أحشائها شبه مستحيل، نظراً إلى مشاكل صحيّة صعبة تعانيها في رحمها. منذ ذلك اليوم، كان لا بدّ لصفحةٍ جديدة أن تبدأ في حياة الثنائي المثقل بعبء الحقيقة. تردّد على مسمعهم أن لا شيء يستحيل على الطبّ. سمعوا أن في لبنان حالاتٍ مماثلة أقدموا على اجراءاتٍ غير مألوفة، ونجحوا في عمليّة الانجاب. انها مسألة استئجار رحم امرأةٍ غريبة، تحمل في أحشائها جينات الأم والأب البيولوجيين، وبعد 9 أشهر من الحمل، تعيد الأم الحاضنة الولد كأمانةٍ الى والديه.
الأصداء التي تلقّاها الزوجان من الأهل كانت مشجّعة. حصل ذلك بعد بحثٍ حثيث حول مضمون الفكرة. وجدا حينها أن إمكان اجراء العمليّة في لبنان ممكنة في الخفاء. “هذا دكتورٌ آدمي. ينظر في وضعكما ويقبل اجراء العمليّة ويراعي وضعكما الماديّ. يبقى تأمين المرأة الحاضنة المتبرّعة”. رغم عدم وجود مواد قانونيّة واضحة حيال المسألة في لبنان، بيد أن الأجواء العامّة تقول إنها ممنوعة وغير مستحبّة مجتمعيّاً.
لبنان بلد العجائب
“في لبنان كلّ شيء يحصل. لكن لا احد يستطيع ان يجزم الى أي مدى هذه الظاهرة منتشرة لأنها تصير في الخفاء. هي مسألة شخصيّة حيث يتم التلاعب على المجتمع كلٌّ بحسب أفكاره وطريقته الخاصّة. الأمر يحتاج تجاوباً من طبيب ومستشفى معينين. وبالتالي ثمة الكثير من الأساليب التي يمكن اعتمادها للوصول الى نتيجة”. بهذه العبارة، يروي اختصاصي في الجراحة النسائية والتوليد، فضّل عدم الافصاح عن اسمه، خبايا اجراء عمليّة استئجار الرحم في لبنان. هو نفسه الذي سرد في حديثٍ لـ”النهار” تفاصيل قصّة سابين.
كان أمام المرأة التواقة الى طفلٍ يكفل لها لقب ماما خيارات عدّة. حتّى إنهم قالوا لها بأن تستغلّ الظرف اليوم قبل الغد: “اختاري امرأةً مسكينة، واعطيها “قرشين” مقابل استئجار رحمها وكلّ شيءٍ يحصل بسهولة”. فكرةٌ ساذجة أخرى أشبه بأحداث المسلسلات المدبلجة: “تظاهري بالحمل. وفي الأشهر الأخيرة غيبي عن الأنظار او اخدعي الآخرين بمظهرك”.
وبعد أخذٍ وردّ، وجدت سابين أن إمكان اجراء العمليّة في لبنان متاح في السرّ، وهي وثّقت حدوثها بعد نماذج وطروحات عدة عرضت عليها. لكنّها قرّرت عدم فتح باب السجالات القانونيّة عليها، خصوصاً ان القانون اللبناني غير واضح مباشرةً حيال المسألة.
الطبيب المقرّب من العائلة نصحهما بحسب ما يشير بعدم إجرائها في لبنان، بل السفر الى بلدٍ أجنبيّ حيث المسألة قانونيّة ومضمونة. وهكذا حصل. سافر الزوجان بعدما استدانا مالاً لاجراء العمليّة وتحمّل تكاليف الإقامة، خصوصاً أن النفقات الطبيّة في البلدان الغربيّة باهظة مقارنةً بلبنان. اختفيا أكثر من 9 اشهر، بعدما تعرّفا على الحاضنة الأجنبيّة وتمّت العمليّة. حصل كلّ شيءٍ على ما يرام، فعادا الى لبنان ومعهما مفاجأة سارّة.
انها ابنتهما التي ولدت فجائيّأً أثناء رحلة عمل. هذا ما صرّحا به للمحيط الاجتماعي في لبنان.