تستعد العديد من الحكومات في العالم خصوصا الحكومة الاميركية لمواجهة التداعيات التي يمكن ان تنتج عن نشر موقع ويكيليكس ملايين الوثائق الجديدة التي يتوقع ان تشتمل على مراسلات دبلوماسية اميركية محرجة.
كم المتوقع أن ينشر الموقع ثلاثة ملايين برقية ورسالة مسربة تحتوي على معلومات عن مراسلات اميركية وآراء سرية لدول من بينها استراليا وبريطانيا وكندا واسرائيل وروسيا وتركيا.
وفيما امتنع دبلوماسيون اميركيون عن قضاء عطلة عيد الشكر التي صادفت اليومين الماضيين توجهوا الى وزارات الخارجية في البلدان المعتمدين لديها، على امل امتصاص الغضب الذي قد ينجم عن نشر هذه الوثائق وهي مذكرات داخلية تفتقد الى اللياقة التي يتسم بها الدبلوماسيون في العلن.
ودعا رئيس هيئة اركان الجيوش الاميركية الادميرال مايكل مولن في مقابلة مع شبكة سي ان ان الاميركية تبث الاحد، موقع ويكيليكس الى عدم نشر تلك الوثاثق، واصفا ذلك بانه “خطير للغاية” خاصة على امن الجنود الاميركيين.
من جهة أخرى، اتصلت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون بزعماء كل من المانيا والسعودية والامارات العربية المتحدة وبريطانيا وفرنسا وافغانستان لمناقشة هذه القضية.
أما في بريطانيا حثت الحكومة الصحف البريطانية بان “تاخذ في الاعتبار” تداعيات نشر اي من تلك الوثائق على الامن القومي.
وأشار مسؤولون بريطانيون ان بعض المعلومات قد تكون خاضعة لاتفاقيات طوعية بين الحكومة والاعلام بعدم نشر معلومات حساسة خاصة المتعلقة منها بالعمليات العسكرية واجهزة الاستخبارات.
وفي موسكو أكدت صحيفة كومرسانت ان هذه التسريبات تتضمن محادثات بين دبلوماسيين اميركيين وسياسيين روس ووصفا “غير جيد” لبعض هؤلاء السياسيين.
وقالت الصحيفة ان كشف المعلومات “يمكن ان يتسبب بتوتر بين الولايات المتحدة وروسيا” وكذلك مع نصف بلدان العالم.
هذا ولم يكشف ويكيليكس عن محتوى الوثائق لكنه قال انها “اكبر بسبع مرات” من تلك التي كانت تتعلق بالحرب في العراق والتي بلغ عددها 400 الف وثيقة.
كما لم يحدد الموقع موعد نشر تلك الوثائق الا ان المتحدث باسم وزارة الدفاع ديف لابان قال ان المسؤولين يتوقعون نشرها “في نهاية هذا الاسبوع او مطلع الاسبوع المقبل”.
وذكرت وسائل الاعلام التركية ان التسريبات الجديدة تشمل وثائق تقول ان تركيا قدمت مساعدة الى مقاتلي القاعدة في العراق، وان الولايات المتحدة ساعدت انفصاليين اكرادا متمركزين في العراق في محاربة تركيا، وهو ما يمكن ان يوتر العلاقات بين البلدين.
وقال دبلوماسي تركي رفيع المستوى لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته ان واشنطن اتصلت بسلطات انقرة “لاعطائنا معلومات في هذا الشأن، تماما كما ابلغت دولا اخرى”.
وصرح وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ان تركيا لا تعرف محتوى تلك الوثائق.
ورأى لشبكة السي ان ان التركية “انها تكهنات. لكن من حيث المبدأ، تجاهل او السماح باي عمل ارهابي ينطلق من تركيا ضد دولة مجاورة وبالتحديد العراق، امر غير وارد” لدى السلطات التركية.
وتوجه داود اوغلو الى واشنطن السبت لاجراء محادثات كانت مقررة سابقا مع نظيرته الاميركية.
وفي اسرائيل ذكرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية نقلا عن مسؤول اسرائيلي كبير ان اسرائيل ايضا ابلغت بان الوثائق يمكن ان تشمل تقارير سرية صادرة عن السفارة الاميركية في تل ابيب.
واتصل السفير الاميركي في كندا بوزير الخارجية لورانس كانون لمناقشة التسريبات، كما قالت متحدثة باسم السفارة التي اضافت ان السفارة الكندية في واشنطن “تناقش هذه المسألة مع وزارة الخارجية” الاميركية.
وفي روما، قالت الحكومة الايطالية انها ابلغت ان كشف الوثائق قد يؤدي الى “انعكاسات سلبية على ايطاليا”.
وقال وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني للبرلمان “ابلغت بان الشخص المسؤول عن تسريب الوثائق اوقف”.
ولم تؤكد السلطات الاميركية مصدر تسريب الوثائق. لكن معلومات اشارت الى برادلي مانينغ الذي كان يعمل في الاستخبارات العسكرية.
وقد اعتقل في ايار بعد نشره تسجيل فيديو لضربات جوية ادت الى مقتل مدنيين في بغداد.
وذكرت مجلة “وايرد” ان ماننغ اعترف بانه هو مصدر التسريبات خلال محادثة مصورة عبر الكمبيوتر في ايار/مايو الماضي. ونقل عنه قوله انه تصرف بدافع من معتقداته بعد ان شاهد الشرطة العراقية تعتقل رجالا اتهموا الحكومة العراقية بالفساد.
هذا وتشير ويكيليكس ان اول دفعتين من الوثائق التي احتوت على تقارير عن حوادث كتبها جنود اميركيون في الفترة من 2004 وحتى 2009، القت الضوء على الحربين في افغانستان والعراق بما في ذلك مزاعم ممارسة القوات العراقية للتعذيب، وتقارير المحت الى مقتل 15 الف مدني عراقي اضافي في العراق.
وقد أسس الاسترالي جوليان اسانج موقع ويكيليكس. واصدرت السويد بحقه مؤخرا مذكرة اعتقال دولي للتحقيق معه بتهمة الاغتصاب والتحرش الجنسي.