كثف الجيش الباكستاني امس جهوده لإنقاذ مدينتين تهددهما الفيضانات في إقليم السند جنوب باكستان رغم إخلائهما من السكان الذين يقدر عددهم بـ400 ألف نسمة، بينما حلت الوحول مكان المياه في الولايات الأخرى التي بدأت تشهد انحسارا طفيفا للسيول وخصوصا في الشمال والوسط. ودعت منظمة اوكسفام الإنسانية الى بدء اجراءات إعادة الإعمار بشكل فوري وعاجل لتفادي تحول الفيضانات الى كارثة طويلة الأمد، في وقت قال رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني امس “إن البلاد ستحتاج على الأقل 5 مليارات دولار من أجل عمليات إعادة الإعمار”.
وأصبحت منطقة وادي السند المنخفضة المنطقة التي تغمر مياه الفيضانات اكبر أجزاء منها. وقال هادي كالهورو المسؤول في مدينة تهاتا الأكثر تضررا جنوب اقليم السند “إن النزوح مستمر لكنه بدأ يتراجع لأن كل الناس تقريبا فروا من المناطق المهددة”.
وأصبحت تهاتا كبرى مدد الاقليم أشبه بمدينة أشباح هجرها معظم سكانها البالغ عددهم 300 ألف نسمة. وأشار كالهورو الى ان المدينة لم تمس لكن المياه على بعد كيلومترين عنها، وقال “إن العسكريين والعمال يبذلون جهودا شاقة لتطويق المياه وإنقاذ المدينة ونأمل أن يتحقق ذلك في اليومين المقبلين”.
ولم تصمد ثلاثة سدود كانت تحمي المدينة التاريخية تهاتا وظهرت فيها ثغرات يحاول الجيش بمساندة عمال بلديين سد إحداها والتي يبلغ قطرها نحو عشرين مترا على بعد نحو كيلومترين عن المدينة. وروى شهود عيان أن الحقول والقرى بدت وكانها تسبح في بحيرة عملاقة موحلة تلوح فيها رؤوس بعض الأشجار والأسطح والمآذن، بينما اتخذ بعض المنكوبين من اعلى السدود التي صمدت مساكن لهم.
وأوضح كالهورو “أن الفيضانات دخلت مدينة سوجاوال (جنوب شرق تهاتا) التي أخليت من 97 بالمئة من سكانها البالغ عددهم 120 ألف نسمة، واضاف “نقوم حاليا بإجلاء آخر السكان لان سوجاوال ستغمرها الفيضانات بالتأكيد”. وقال “إنه منذ أن حدثت انشقاقات فى سدود رئيسية غمرت مياه الفيضانات من نهر الاندوس 350 قرية”.
وقال رياض أحمد سومرو مفوض شؤون الإغاثة في إقليم السند “ستغرق تهاتا إذا لم تتدفق المياه صوب البحر..الوضع في غاية الخطورة..نحاول سد الفتحات وتقوية السدود لإنقاذ المدينة”، وأضاف أن نحو 95 بالمئة من سكان دلتا تهاتا فروا بالفعل..الرجال فقط مكثوا لإنقاذ ممتلكاتهم، أما الأطفال والنساء وكبار السن فكلهم غادروا”.
وشمالا، اعتبرت حيدر اباد سادس مدينة في باكستان (2,5 مليون نسمة) يتم إنقاذها من الفيضانات حيث بدأت المياه تنخفض فيها. وقال المهندس قادر باليجو عند سد كوتري الذي يحمي حيدر اباد “إن مستوى المياه ينخفض ببطء..العملية بطيئة لكننا نأمل أن تتسارع في اليومين المقبلين”.
وتوقف هطول الأمطار الغزيرة في حيدر اباد في 17 اغسطس. وأضاف باليجو “ان هذا الانحسار سيجري في الجنوب بعد ذلك لكن المياه تواصل ارتفاعها حاليا في اقليم تهاتا”.
وقال خبراء الأرصاد الجوية إن منسوب المياه في معظم الأنهار ينخفض، كما توقعوا ألا تهطل المزيد من الأمطار خلال الأيام القليلة المقبلة. وقال قمر الزمان تشودري كبير خبراء الأرصاد الجوية “نعتقد أن الأمر سيحتاج لعشرة أو 12 يوما أخرى حتى تعود الأنهار في إقليم السند إلى مستوياتها الطبيعية، ومن ثم ما زال علينا توخي الحرص”.
وقال وزير داخلية السند ذو الفقار ميرزا “إن هذه الكارثة أسوأ من تسونامي واعصار كاترينا وزلزال 2005 الذي اسفر عن مقتل اكثر من 73 ألف قتيل في شمال باكستان”. وأوضح “أن نحو مليون نسمة تركوا ديارهم خلال الأسبوع الحالي، وأضاف أن السلطات المحلية أقامت مخيما في مدينة كراتشي يتسع لنحو 40 الف شخص، إلا أن النازحين مترددون من الانتقال ولا يريدون الابتعاد عن أراضيهم.
وبعد شهر من بدء الفيضانات التي اجتاحت 19 محافظة منذ مطلع اغسطس، ذكرت الأمم المتحدة أن حوالى ثمانية ملايين شخص بينهم خمسة ملايين بلا مأوى يحتاجون الى مساعدة عاجلة. لكن النزوح من السند سيرفع بالتأكيد هذه الأرقام. كما سترتفع حصيلة القتلى التي بلغت 1600 شخص في الخامس من اغسطس مع انتشال جثث في المناطق التي غطتها الفيضانات.
الى ذلك، قال رئيس الوزراء الباكستاني امس “إن البلاد ستحتاج على الأقل 5 مليارات دولار من أجل عمليات إعادة الأعمار وإعادة التأهيل في المناطق التي اجتاحتها الفيضانات، ودعا جيلاني للالتزام بالوحدة الوطنية فى مواجهة أضخم كارثة تشهدها البلاد، وقال “نحن فى حاجة إلى الوحدة وبالوحدة وبمشيئة الله يمكن أن نعيد بناء بلادنا”.
وشددت منظمة “اوكسفام” الإنسانية على أن اجراءات إعادة إعمار باكستان ينبغي أن تبدأ فورا لتفادي تحول الفيضانات الى كارثة طويلة الأمد”، وأضافت انه لا بد من توافر مليارات الدولارات للبدء فورا بإعادة إعمار المدارس والجسور والطرق والمستشفيات.
وأعربت منظمات الإغاثة عن مخاوفها بشأن سوء التغذية وانتشار الأمراض المتعلقة بالمياه، خاصة بين الأطفال. وتلقت الأمم المتحدة حتى الآن 325 مليون دولار من اصل مبلغ 460 مليون دولار طلبت الحصول علياه كمساعدات إغاثة للمتضررين. كما قدم المجتمع الدولي تبرعات مباشرة وتعهدات لباكستان ليصل المبلغ الذي تم جمعه من المانحين نحو مليار دولار.