قبل أقل من 24 ساعة من موعد بدء الاستفتاء المقرر في جنوب السودان غداً (الأحد)، باتت كل الاستعدادات “مكتملة” بحسب مفوضية الاستفتاء، في حين تدفق المراقبون الأجانب ليكونوا شهوداً على اقتطاع جزء من الأرض العربية السودانية وإقامة دولة جديدة عليه . وفيما دعا مجلس الأمن الدولي الجنوبيين إلى الإدلاء بأصواتهم في مناخ من “السلام والهدوء”، وطالب الخرطوم وجوبا بالتقيد بالتزاماتهما بموجب اتفاق السلام الموقع عام 2005 ، أكدت الإدارة الأمريكية أنها ستتجه بعد استفتاء الجنوب إلى حل مشكلة دارفور .
في حين دعا الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر الشمال إلى القبول “سلمياً” بقرار الجنوب، أيا يكن، معتبراً أن في الإمكان التوصل إلى حل تفاوضي لمسألة أبيي المتفجرة . وفي الأثناء، استبقت جوبا بدء الاستفتاء وخرجت في تظاهرات ومسيرات حاشدة مؤيدة للانفصال، واحتفالاً بما سماه الجنوبيون “الخطوات الأخيرة نحو الحرية” في إشارة إلى اقتراب موعد الاستفتاء .
البشير يعرض الوحدة على الغرار الأوروبي
قال الرئيس السوداني عمر حسن البشير في مقابلة، أمس، إن شمال السودان وجنوبه يمكن أن يشكلا اتحاداً على نمط الاتحاد الاوروبي إذا اختار الجنوبيون الانفصال في الاستفتاء المقرر غداً (الاحد) .
وأضاف البشير في المقابلة مع قناة “الجزيرة” الفضائية أن الجنوبيين يمكن أيضاً أن يحصلوا على حقوق حرية الحركة والإقامة والعمل والتملك في السودان بعد الانفصال لكنه أضاف أنهم لا يمكن أن يكونوا مزدوجي الجنسية . (رويترز)
البشير يجدد تعهده بتطبيق الشريعة
مراقبة دولية للاستفتاء وواشنطن تتجه إلى دارفور بعد جنوب السودان
تعهد الرئيس السوداني عمر البشير بالتمسك بالشريعة وتطبيق حدودها، مؤكداً أن فصل الجنوب ليس نهاية “الإنقاذ”، بل بداية لثورة جديدة، فيما قالت الإدارة الأمريكية إنها ستتجه بعد الانتهاء من استفتاء الجنوب إلى دارفور، ودعا مجلس الأمن توفير الهدوء والسلام لإجراء الاستفتاء، مطالباً الشمال والجنوب بالتقيد بالتزامات اتفاق السلام الموقع عام 2005 . وفي حين اعتمدت مفوضية الاستفتاء بعثة المراقبة الدولية لمنظمة مواطني العالم الدولية للمشاركة في مراقبة الاستفتاء، تواصلت مسيرات في جوبا أمس دعماً للانفصال مستبقة نتيجة الاستفتاء الذي سيبدأ غداً الأحد .
وتعهد البشير في احتفال بمنطقة الحلفايا بالخرطوم بحري أمس بمناسبة افتتاح جسر الحلفايا -كرري، بالتمسك بالشريعة منهجاً وبرنامجاً، وقال إنه لا نكوص أو تراجع و”طالما أنها تغيظ الأعداء، سنجلد حداً وتعزيراً، ونقطع حداً ومن خلاف، ونعدم ونقتل قصاصاً، لأن الله عادل وليس هناك أعدل منه ونحن ننفذ مشيئته . وأضاف أن فصل الجنوب ليس نهاية “الانقاذ” كما يعتقد البعض، بل بداية قوية لثورة جديدة نغيظ بها الأعداء . وأضاف أن الشعب يعرف أين تذهب فلوسه، حيث نحقق بها مثل هذه الإنجازات، مقللاً من تضخيم الحديث حول الزيادات الأخيرة في الأسعار، وقال إننا لم نأكل أموال الناس وسنرد عليهم يومياً بمشروع جديد، مؤكداً أن المناصب والكراسي لن تغيرهم ولن تنسيهم ماضيهم .
من جهة أخرى، اعتمدت مفوضية الاستفتاء بعثة المراقبة الدولية لمنظمة مواطني العالم الدولية المكونة من خمسة عشر مراقباً دولياً وترأسها يانا نازاروفا (من روسيا) وذلك للمشاركة في مراقبة الاستفتاء . وقال تحالف قوس قزح الذي يضم عدداً من منظمات المجتمع المدني المشاركة في عملية المراقبة، مضيفاً أن تحالف قوس قزح وقع اتفاقية للعمل المشترك مع بعثة المراقبة الدولية لمنظمة مواطني العالم من خلال نشر 2500 مراقب محلي و15 مراقباً دولياً .
وتظاهر المئات أمس فى شوارع جوبا احتفالاً بما سموه “الخطوات الأخيرة نحو الحرية”، فى إشارة إلى اقتراب موعد الاستفتاء الذي يبدأ غداً الأحد، وتقدمت فرقة موسيقية التظاهرة وارتدى أفرادها قمصاناً كتب عليها “نحن مغادرون”، أى عازمون على الانفصال عن السودان والتصويت لمصلحة الانفصال . ووراء الفرقة الموسيقية تجمع عدد من طلبة المدارس داخل شاحنة وهم يرقصون على أنغام مكبرات ضخمة للصوت، تردد “نعم للانفصال لا للوحدة” . وأكد ديفيد جراسلي، رئيس بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان ان كل التوقعات بأن الجنوب لن يستطيع إجراء الاستفتاء في موعده أثبتت خطأها . وقال على الجميع أن يبذلوا أقصى جهدهم لضمان أمن وسلاسة عملية التصويت، وأخص بالذكر المراقبين المحليين والدوليين ورجال الشرطة وحتى المصوتين . وكان مجلس الأمن الدولي أعرب عن إشادته وتقديره للخطاب الذي ألقاه الرئيس عمر البشير خلال زيارته إلى مدينة جوبا مؤخراً .
ويبدأ السفير محمد عثمان النجومي الأمين العام لمفوضية الاستفتاء وعدد من المسؤولين بالمفوضية اليوم السبت جولة ميدانية على مراكز الاقتراع . وأوضح أن العدد الإجمالي للمسجلين الذين يحق لهم التصويت من أبناء الجنوب يبلغ 3930916 شخصاً، منهم 3753815 سجلوا في ولايات جنوب السودان، وأقل من 120 ألفاً في الشمال ونحو 60 ألفاً في ثمانٍ من دول المهجر . وأشار إلى أنه يلزم مشاركة 60 في المئة من الناخبين المسجلين في الاستفتاء كي يكون صحيحاً .
في السياق، كشف تقرير للتلفزيون “الإسرائيلي” أن عدداً من اليهود المنحدرين من أصول سودانية يطلبون المشاركة في الاستفتاء حول مصير الجنوب . وقال التقرير الذي نشره التلفزيون عبر موقعه على الإنترنت، إن هجرة الكثير من اليهود السودانيين من المناطق الجنوبية في السودان لا تعني انفصالهم عنها، ولكنهم مازالوا جزءاً لا يتجزأ من هذا الوطن، مطالبين بضرورة المشاركة في حسم مصير السودان مثل أي سوداني .
على صعيد دارفور، أكد السناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي التزام بلاده تجاه حل قضية دارفور حلاً سلمياً، معلناً في هذا الصدد التزام الرئيس أوباما الشخصي بتحقيق السلام بدارفور . وأضاف عقب لقائه بالفاشر عثمان يوسف كبر والي ولاية شمال دارفور أن الاهتمام بالاستفتاء سوف لن يصرف الإدارة الأمريكية عن الاهتمام بقضية دارفور . وقال سنتجه بعد الانتهاء من الاستفتاء من الجنوب إلى دارفور ونتوقع عندها عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم بعد توفير الخدمات الضرورية واللازمة، وأعرب عن تضامنه مع الحكومة في قضية عزل الحركات المسلحة التي قال إنها تقوم بأعمال ليست في مصلحة المواطن بدارفور، مشيراً في ذلك إلى الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس أوباما مع رئيس حكومة جنوب السودان الذي حثه فيها على عدم إيواء الحركات الدارفورية المسلحة .
أوكسفام: الجنوب يحتاج للمساعدات على المدى البعيد
أكدت منظمة “أوكسفام” الإنسانية أمس أن جنوب السودان سيكون بحاجة لمساعدة المجتمع الدولي على المدى الطويل بعد الاستفتاء الذي يبدأ غدا الاحد ويتوقع ان يختار خلاله الجنوبيون الانفصال عن الشمال .
وقالت ملينا يانغ مسؤولة أوكسفام في جنوب السودان في بيان أمس إن “الفقر المزمن ونقص التنمية وخطر العنف الجاثم وهي عوامل تؤثر في حياة السكان بصورة يومية لن تختفي بعد الاستفتاء” . وأضافت “أياً كانت نتيجة الاستفتاء، ستبقى هذه المشكلات ماثلة على المدى الطويل وتتطلب معالجتها لكي لا يتم تقويض التقدم المحرز خلال السنوات الماضية” .
ويعاني جنوب السودان من سوء تنمية مزمنة ويمكن اعتبار سكانه من الأكثر فقراً في العالم، وفق أوكسفام . وخلال العام ،2010 احتاج أربعة ملايين من أصل 8 .5 ملايين من سكانه إلى المساعدة الغذائية، وفق الامم المتحدة . ونزح 200 ألف شخص بسبب أعمال العنف خلال السنة الماضية .
وقالت أوكسفام إن جنوب السودان “قادر على بناء أمة مزدهرة بفضل سكانه من الشباب وموارده الوفيرة وأرضه الخصبة، اذا حصل على المساعدات الضرورية” . (ا .ف .ب)
مطالبات حقوقية عربية بضمان السلام في السودان عشية استفتاء الجنوب
القاهرة محمد أدهم: دعا ائتلاف من منظمات مجتمع مدني عربي يضم أكثر من 100 منظمة تحت مسمى (التحالف العربي من أجل دارفور) أمس الى ضمان أن يأتي استفتاء حق تقرير المصير لأبناء جنوب السودان المقرر عقده غداً والفترة الانتقالية التي تعقبه بشكل سلمي، كما هو منصوص عليه في اتفاق السلام الشامل الموقع عام 2005 بين شمال وجنوب السودان، وألا يسهم هذا الاستفتاء في تصاعد حدة التوتر وزيادة مناخ الخوف .
وأكدت المنظمات ال100 في بيان لها أهمية السلام في السودان بالنسبة للمنطقة، وقالت: إن مخاطر الفشل الدبلوماسي سوف تكون هائلة، ويجب علينا أن نتذكر أن الحروب الأهلية في السودان أدت إلى وفاة أكثر من أربعة ملايين شخص، كما أدت إلى تشريد الملايين من أبناء الشعب السوداني، ولا تقتصر الخسائر على الجانب البشري فقط، ولكنها ستمتد لتؤثر في ازدهار ورخاء منطقتنا بأسرها كما ورد في تقرير صدر مؤخراً أن العودة إلى الحرب سوف تؤدي إلى خسارة تقدر بمائة مليار دولار .
وقال زاهر هلال، منسق التحالف العربي من أجل دارفور: إن هذه الرسالة تنقل الاهتمام المشترك لمنظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم العربي في ما يتعلق بالوضع في السودان، ونحن نحث، ليس فقط الحكومات العربية، ولكن أيضا أن يكفل المجتمع الدولي أن يتم التوصل خلال الأشهر القليلة المقبلة إلى حل سلمي للصراع في السودان . وأشار هلال إلى أن ال100 منظمة أكدت على ضرورة الاهتمام الكافي بمنطقة دارفور لضمان إحداث تغيير حقيقي، حيث لا تزال حالة انعدام الأمن سائدة ولا يزال الصراع محتدما وتسعى أطراف عديدة إلى الاستفادة منه .
وقال: كما طالبت المنظمات بضرورة مواصلة التعاطي الشامل والكلي مع أزمات السودان للتأكد من تحقيق السلام والتنمية المستدامة في جميع أنحاء السودان، وأن الدعم الدولي ضروري خلال عام 2011 (وما بعده) لدعم الالتزامات بشأن تدعيم الديمقراطية في شمال السودان وجنوبه .
شماليون في جنوب السودان يرفضون العودة بعد الانفصال
يجلس إبراهيم عكاشة خارج مكتبه في جوبا عاصمة جنوب السودان، وهو واحد من مئات الشماليين الذين يرفضون مخاوف البعض من التعرض لهجمات انتقامية ويفضلون البقاء وتطوير أماكن عملهم في الجنوب بعد انفصاله المتوقع .
وقال عكاشة قبل أقل من يومين من بدء الاستفتاء الذي يعطي الجنوبيين حق اختيار الانفصال عن الشمال “حياتي هنا، ولدت هنا، كنت هنا أثناء الحروب، كيف أذهب إلى الخرطوم؟” .
ويأتي موقفه هذا على النقيض من موقف عشرات الآلاف من الجنوبيين الذين تركوا الشمال في الشهور القليلة الماضية ولم يأبه كثيرون منهم بأحاديث عن أنهم قد يحرمون من الجنسية ويفقدون حقوقا أساسية بمجرد انفصال الجنوب .
وصدرت تحذيرات مماثلة لمواطني الشمال في الجنوب . والشهر الماضي دعت جماعة اللاجئين الدولية إلى توفير المزيد من الحماية للشماليين “الذين قد يطردون قسرا أو يتعرضون لمضايقات” .
وعاد إلى أذهان الجميع أيضا استهداف التجار الشماليين في أعمال الشغب التي اندلعت في جوبا عام 2005 بعد وفاة الزعيم الجنوبي جون قرنق في تحطم طائرة هليكوبتر . لكن التكهنات المتشائمة لا تجد مكاناً على ما يبدو في العاصمة الجنوبية العامرة بأجواء الاحتفالات قبل إجراء التصويت .
ووعد سلفا كير خليفة قرنق ورئيس حكومة جنوب السودان الشماليين مراراً بأنهم لن يواجهوا أي مضايقات .
ولعكاشة الذي انتقل أبوه إلى الجنوب عام 1904 الحق أيضاً في التصويت في الاستفتاء وزين مكتبه بلافتة كتبت عليها عبارة “صوت للتنمية، للانفصال” . وقال “نود الانفصال لأننا بحاجة لتغيير، لم تكن هناك مساعدة كافية من الشمال لتحقيق الوحدة، لو كانوا قدموا قدراً أكبر من المساعدة لصوت الجنوب حسبما اعتقد لصالح الوحدة” .
وينحدر والد عكاشة من قبيلة الجعلين في شمال السودان وهي من أشهر قبائل الشمال وتربى في مدينة شندي قبل أن ينتقل إلى جنوب السودان . وقال “جاء سيرا على الأقدام مع الجيش (البريطاني)، باع السجائر والصابون للجيش طوال الطريق، تزوج أبواي هنا في جوبا وكان والدي تاجرا والآن أنا تاجر، سأبقى هنا في الجنوب، تعجبني الحياة هنا، سأحيا هنا وأموت هنا” .
ولعائلة عكاشة مصالح تجارية في فنادق وشركات تأمين وبناء ونقل بضائع أساسية من الخرطوم إلى جوبا وهو يخطط الآن بالفعل لحياته بعد الاستفتاء . وقال “سيتغير كل شيء، تفكر عائلتي الآن في المستقبل”، وأضاف أن عائلته ستفكر في التجارة مع دول مجاورة مثل كينيا وربما أماكن أبعد مثل دبي .
وتزوج كثير من الشماليين الذين يعيشون في جوبا وحولها وعددهم ألف من مواطنات جنوبيات وطوروا علاقات اجتماعية وتجارية قوية في الجنوب كما يمكنهم ممارسة شعائر الإسلام بحرية في جنوب السودان الذي تعيش فيه أغلبية من المسيحيين أو متبعي المعتقدات الإفريقية التقليدية .
وقال عبدالله محمد أبو بكر الذي جاء إلى الجنوب من جبال النوبة عام 1981 وتزوج من جنوبية “يمكننا أن نذهب إلى المسجد ونصلي ليلاً ونهاراً، لا توجد مشكلات في ما يتعلق بالدين” .
ويقول تجار شماليون في جوبا إنهم لم يواجهوا أي مشكلات مثل رفض الجنوبيين التعامل معهم وأضافوا أنهم لا يتوقعون نشوب عنف أو العودة للحرب في الجنوب إذا اختار الانفصال .
وقال الصافي محمد (46 عاماً) الذي ينحدر من ولاية النيل الأبيض “لن تكون هناك حرب قطعاً . لا فائدة منها لأي من الجانبين” . وأضاف “خلال السنوات الخمس الأخيرة شهدنا الكثير من أعمال البناء والتطوير في جوبا وحقق التجار دخلاً كبيراً، إنهم سعداء الآن ويريدون أن يبقى الوضع هكذا” .
وجاء محمد مسكين (35 عاماً) إلى جوبا من ولاية الجزيرة في شمال السودان عام 2007 وهو يدير متجرا لبيع الهواتف المحمولة . وقال “هناك أعمال كثيرة هنا، أعمال أكثر مما يوجد في الشمال” . (رويترز)
الاستفتاء . . رقابة فضائية واقتراع أشبه ب “تلفزيون الواقع”
بات مشهد أربعة ملايين شخص هم تعداد سكان جنوب السودان الذين سيتوجهون غداً الأحد، لصناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في استفتاء بشأن تقرير المصير، أقرب إلى أحد برامج “تلفزيون الواقع”، إذ سيسعى نظام رقابة يعمل عن طريق الأقمار الصناعية ويموله الممثل الأمريكي جورج كلوني إلى منع أو على الأقل توثيق أي انتهاكات يحتمل وقوعها .
وتعكس الصور التي نقلها القمر الصناعي هدوءاً في الجنوب السوداني الغني بالنفط والذي يتوقف انفصاله على نتائج اقتراع الأحد . غير أن كثيرين يخشون من أن يجدد الاستفتاء صراعاً دموياً أغلقت ملفاته قبل عشرات السنين، بين عرب الشمال وأفارقة الجنوب، في أكبر بلاد القارة السمراء .
كل ما يريده كلوني الناشط الحقوقي الدولي والنجم السينمائي المعروف ضمان أن يشاهد العالم ما يحدث . وبثت شبكة الإنترنت أول صور التقطها “مشروع القمر الصناعي الحارس” أول أمس الخميس .
وتسدد تكاليف هذه المبادرة منظمة “نوت أون أور ووتش” وهي منظمة خيرية أسسها كلوني ومجموعة من نجوم هوليوود تشمل دون شيدل وبراد بيت ومات ديمون بهدف جذب الاهتمام العالمي والموارد لإنهاء أعمال العنف والوحشية الجماعية حول العالم .
وتشارك في المبادرة أيضا مجموعة “مشروع كفى” وهي مجموعة تناهض الإبادة الجماعية، والأمم المتحدة ومبادرة جامعة هارفارد الإنسانية وغوغل، وشركة “تريلون إل إل سي” المتخصصة في استراتيجيات الإنترنت وتطويرها .
ويستخدم المشروع صورا تلتقطها أقمار صناعية تحلق فوق منطقة الحدود الفاصلة بين شمال وجنوب السودان على ارتفاع 500 كيلومتر . والهدف تسجيل التهديدات المحتملة التي قد يتعرض لها المدنيون ومراقبة تحركات النازحين ورصد القرى التي تتعرض للقصف والتدمير أو ملاحظة أي شواهد تشير إلى عمليات عنف جماعي وشيكة .
وستكون صور الأقمار الصناعية الخاصة للتطورات التي تنذر بالخطر متاحة للعامة بعد أربع وعشرين ساعة، عبر موقع معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب، على أن تبث نفس الصور بعد ذلك بقليل عبر موقع مشروع “القمر الصناعي الحارس” .
ووافق خبراء جامعة هارفارد على تقييم الموقف وإصدار تقارير عما يرونه .
ويقول لارس بروملي من معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب إن الأمر لا يتطلب أكثر من تثبيت برنامج “غوغل إيرث” لمشاهدة الصور وتركيز الكاميرات على السيارات والطائرات والحشود المتحركة .
كان كلوني قال خلال مقابلة أخيرة مع مجلة “تايم” “ نحن مصورو (باباراتسي متخصصون) في مناهضة الإبادة الجماعية، نريدهم أن يحظوا بقدر الاهتمام الدعائي الذي أحظى به عادة، إذا كنت تعلم أن أفعالك ترصد، تميل للتصرف بطريقة مختلفة تماماً عما إذا كنت تتحرك دون رقيب” .
حتى وإن كان هؤلاء الجواسيس الفضائيون يعجزون عن منع العنف في جنوب السودان، فهم على الأقل سيكشفون مرتكبي الجرائم ويجعلون مسألة تقديمهم للعدالة أمراً ممكناً .
وقال بروملي “ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي يتعامل فيها المعهد الأممي مع إقليم قبل أن تبدأ المشكلات” . ونوه بأن الأمم المتحدة ظلت طوال عشر سنوات، تراقب مناطق الأزمات، لكنها لم تتبن هذا المنهج التفاعلي من قبل، ولم تقم بأعمال الرقابة إلا بعد وقع كوارث طبيعية أو اندلاع أعمال عنف، كما حدث في سريلانكا وكردستان والصراع بين روسيا وجورجيا على سبيل المثال .
جدير بالذكر أن الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية عالية التكلفة، يقول بروملي إنها قد تتكلف نحو سبعين ألف دولار . وتمكن كلوني حتى الآن من جمع 750 ألف دولار لمشروع السودان من خلال منظمة “نوت أون أور ووتش” . (د .ب .أ)
بريطانيا تخطط لمنح السودان مساعدات بقيمة 61 مليون دولار
تخطط الحكومة البريطانية لمنح السودان حزمة مساعدات جديدة مقدارها 40 مليون جنيه استرليني، أي ما يعادل نحو 61 مليون دولار، رداً على ما اعتبرته الوضع الإنساني المتدهور في البلاد .
وقالت صحيفة “الغارديان” الصادرة، أمس، إن هذه الخطوة تأتي قبل الاستفتاء على استقلال جنوب السودان، وستقوم الحكومة البريطانية بتقديم حزمة المساعدات الجديدة إلى صندوق الأمم المتحدة الإنساني المشترك للمساعدة على توفير الإمدادات الغذائية الطارئة والرعاية الصحية والتعليم والمياه والصرف الصحي لملايين الناس في السودان . وأضافت أن بريطانيا خصصت أيضاً 15 مليون جنيه استرليني أخرى لحالات الاستجابة السريعة في السودان، وسط مخاوف من أن الاستفتاء المقرر يمكن أن يثير المزيد من الصراعات في المنطقة . ونسبت الصحيفة إلى وزير التنمية الدولية البريطاني أندرو ميتشل قوله “نعمل للتوصل إلى أفضل نتيجة من عملية السلام مع اقتراب موعد الاستفتاء، ولكن علينا أن نخطط للأسوأ ولهذا السبب نجري الاستعدادات لعمليات الاستجابة الانسانية بطريقة حكيمة ومعقولة” . (يو .بي .آي)
تاريخ السودان مع الحروب الأهلية
عندما يتوجه الجنوبيون للتصويت غداً الأحد في الاستفتاء للانفصال عن السودان، تسود توقعات على نطاق واسع أن يشكل بداية لإنهاء الحرب الأهلية التي مزقت البلاد سنوات طويلة .
وبعدما استقل السودان عام 1956 عن بريطانيا ومصر اللذين حكما البلاد بشكل مشترك منذ عام ،1899 أصبح الصراع بين متمردين جنوبيين وعدد من حكومات الشمال العرف السائد .
واستمرت الحرب الأولى بين الشمال الذي تقطنه أغلبية مسلمة والجنوب الذي يقطنه مسيحيون ووثنيون ولا يرغب في الخضوع لحكم الخرطوم منذ الحصول على الاستقلال حتى عام 1972 عندما منحت اتفاقية سلام الجنوب حكماً ذاتياً . وأودى الصراع بحياة نحو 500 ألف شخص وهو الرقم الذي أصبح بسيطاً في المرحلة التالية من الصراع التي اندلعت عام 1983 .
واستمرت الحرب التي اندلعت في الجنوب أكثر من عقدين وأودت بحياة أكثر من مليوني شخص بسبب الجوع والمرض أساساً .
ونزح نحو أربعة ملايين شخص هاربين إلى دول مجاورة سيراً على الأقدام في رحلات استغرقت وقتاً طويلاً .
وجرى توقيع اتفاقية سلام عام 2005 تمنح الجنوب حكماً ذاتياً حتى إجراء الاستفتاء وأيضاً إعفاءه من تطبيق الشريعة الإسلامية . ولم تتبدد المخاوف حتى الآن من العودة إلى الصراع ويأمل كثير من المراقبين لعملية الاستفتاء عن كثب ونتائجه بانتهاء الحرب الأهلية في السودان بلا رجعة .