عندليب دندش – خاص اكس خبر: نفت ايران الاتهامات الاميركية الموجهة لها بدعم “الحوثيين” من أجل السيطرة على اليمن واسقاط الشرعية في هذا البلد مشددة على ان موقف طهران الاساسي “هو حق الشعوب في تقرير مستقبلها” مطالبة بالسماح لجميع الاطراف بأن يسمحوا للشعب اليمني بتقرير مصيره. وكان وزير الخارجية الاميركية جون كيري قال أمام أعضاء الكونغرس الأمريكي أن الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن “ساهم” في سيطرتهم على هذا البلد، معربا عن اعتقاده بأن ذلك ساهم في انهيار الحكومة بدون أي شك”.
وسقطت العاصمة اليمنية في 21 أيلول بيد الحوثيين وتم إحكام السيطرة عليها بشكل كامل في 23 من الشهر نفسه وسط غياب تام تقريبا للقوات الحكومية، ثم قام الحوثيون في 20 كانون الثاني بفرض الاقامة الجبرية على الرئيس هادي، الذي تمكن من الفرار في 22 شباط الى عدن معقل أنصاره.
تصريحات إيرانية داعمة للحوثيين توالت التصريحات الايرانية الداعمة للحوثيين منذ لحظة سقوط العاصمة بيدهم.
وقد صرّح علي شيرازي ممثل المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي في فيلق القدس التابع للحرس الثوري، في وقت سابق بأن “جماعة الحوثي (أنصار الله) في اليمن هي نسخة مشابهة من حزب الله في لبنان، وستدخل هذه المجموعة الساحة لمواجهة أعداء الإسلام”، على حد تعبيره.
كما أكد شيرازي أن “الجمهورية الإسلامية تدعم بشكل مباشر الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان و”القوات الشعبية” في سوريا والعراق”، مشيراً إلى أن مسؤولي الدولة أكدوا على هذه النقطة مرات عديدة”.
وشدد على ان “الانقلاب على أنصار الله (الحوثيين) يعني الانقلاب على الشعب، وإن أنصار الله ليست مجموعة صغيرة أو حزبا خاصا، بل إنها تمثل الشعب اليمني وصحوته”.
بدوره أعلن مستشار المرشد الأعلى والأمين العام للمجمع العالمي للصحوة الإسلامية، علي أكبر ولايتي، أن “إيران تدعم الحوثيين في اليمن، وتعتبر هذه الحركة جزءاً من الحركات الناجحة للصحوة الإسلامية”.
واستنفر الاعلام الايراني جهوده من أجل تلميع صورة الانقلاب الحوثي وإظهاره بقالب ديني ثوري فقامت بعض المواقع الايرانية بوصف عبدالملك الحوثي بأنه “حسن نصر الله اليمن”، معتبراً أن سياسة الحوثي وخطابه وبناءه يشابه تماماً زعيم حزب الله في لبنان.
واعترفت مواقع اعلامية ايرانية اخرى أن “قيادات حركة أنصار الله الحوثيين قد تعلموا وتدربوا في إيران، وأن أغلب قيادات الحوثيين البارزين الآن كانوا من المقيمين في مدينتي قم وطهران، وأنهم خلال فترة تواجدهم تعلموا ودرسوا في الجامعات الإيرانية”.
مواقف اميركية مريبة لم يتسم الموقف الاميركي بشأن الدعم الايراني للحوثيين بالوضوح التام، حيث تدرّج من تمنّع عن توجيه الاتهام المباشر الى طهران، الى توجيه اتهام مباشر لها من قبل وزير الخارجية الاميركية جون كيري باسقاط الشرعية في اليمن.
فبعد قيام الحوثيين بفرض الاقامة الجبرية على الرئيس اليمني منصور عبد ربه هادي، اطلق الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، تصريح مريب، في 23 يناير 2015 حين قال أنه ليس لدى إدارته أيُّ معلومات تؤكِّد أنّ إيران “تمارس أيَّ نوعٍ من القيادة والسيطرة على الحوثيين”.
وأرجع بعض المحللين والخبراء سبب ذلك، الى إمكانية وجود قرار اميركي بالعمل مع الحوثيين لمحاربة تنظيم القاعدة في اليمن، في سياق ترتيبات إقليمية يكون لإيران في صوغها وقيادتها دور كبير.
لكن موقف الولايات المتحدة تطوّر بعد ذلك في توجيه اتهام مباشر لإيران حين أعلن وزير الخارجية جون كيري في 24 شباط “أن الدعم الإيراني للمتمردين الحوثيين الشيعة في اليمن “ساهم” في سيطرتهم على هذا البلد وانهيار الحكومة فيه”.
وسارعت طهران الى نفي هذه الاتهامات مطالبة بالسماح للشعب اليمني تقرير مصيره.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي استغل زيارته للولايات المتحدة في ايلول 2012 فأطلق من واشنطن تصريحات اكد فيها وجود تدخل إيراني في اليمن مشيرا الى انه تم القبض على خلايا تابعة لها في صنعاء.
لكن معهد الدراسات الإستراتيجية لكلية جيش الولايات المتحدة الحربية قال قبل سقوط اليمن بيد الحوثيين إن واشنطن تعي إحتمالية تدخل إيراني في اليمن “ولكن حتى اللحظة لم تقدم الحكومات اليمنية سواء بقيادة علي عبد الله صالح أم عبد ربه منصور هادي دليلا قاطعاً بشأن التدخل، إذ أعلنت الحكومة اليمنية عدة مرات عن إعتقالها لجواسيس إيرانيين ولم تقدم أي منهم لمحاكمة علنية أو تعلن أسمائهم وعندما ظهرت مطالبات تقديمهم للعلن، أعلنت الحكومة اليمنية أنه تم الإفراج عنهم”. واشنطن وإيران. .
في حل الازمة يتفق الجانبان الاميركي والايراني على ان حل الازمة السياسية في اليمن لا يمكن ان يتم الا عبر الحوار وبالطرق السلمية.
وفي هذا الاطار أعربت طهران عن استعدادها للمساعدة في ملء الفراغ السياسي الحاصل في اليمن وحل الازمة مؤكدة دعمها لوحدة الاراضي والسيادة الوطنية والحل السياسي في اليمن.
من جانبها أكدت الخارجية الأمريكية، في تصريحات عدة أن بلادها تدعم جهود المبعوث الأممي، جمال بن عمر، لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية مشيرة الى الاتصال المنتظم والمستمر معه في ما يتعلق بالوضع على الارض. حلفاء أميركا وإيران.
لا تقتصر اللعبة الدولية والاقليمية في اليمن على طهران وواشنطن وحدهما، إذ أن كل منهما تستنفر جهودها الديبلوماسية مع حلفائها لدعم مواقفها المؤيدة او الرافضة للحوثيين.
فلم يقتصر دعم الحوثيين على ايران وحدها التي أمدتهم بالسلاح وبالمواقف السياسية الداعمة، بل امتد الامر الى حليفتها روسيا التي دعمت جماعة الحوثي واستخدمت “الفيتو” بوجه اقتراح دول مجلس التعاون الخليجي لقرار في مجلس الأمن يدين الانقلاب الحوثي في اليمن.
وقيل ان الفيتو الروسي جاء رداً على قيام دول الخليج وعلى رأسها السعودية (حليفة الولايات المتحدة) برفض خفض إنتاج النفط مما أدى إلى هبوط حاد في أسعار النفط عالميا، حيث انخفضت من 110 دولارات في يونيو الماضي إلى أقل من 45 دولارا خلال الشهر الماضي، قبل أن يرتفع ارتفاعا طفيفا الأسابيع الماضية -بحسب مراقبين.
كما اتهمت إيران أيضا (الحليف الإقليمي لروسيا وللحوثيين في اليمن) السعودية بالوقوف خلف هبوط أسعار النفط في العالم، للتأثير على الاقتصاد الإيراني المعتمد على النفط، في إطار الصراع الإقليمي بين إيران والسعودية في عدة ملفات من أبرزها الملف السوري واليمني.
وتتهم دول الخليج ايران بمحاولة السيطرة على اليمن نظرا لموقعه الاستراتيجي الهام جداً بجوار أهم حقول النفط في العالم. وهذا أمر مهم لإيران التي تبحث عن موطئ قدم في شبه الجزيرة العربية للضغط على السعودية، ولتكون قريبة من مضيق باب المندب في حال نشوب حرب مع الأمريكيين.
أما أميركا فتخشى من تنامي قدرة اليمن إلى الحد الذي يمكنه من السيطرة التامة على مضيق باب المندب الاستراتيجي، مما قد يهدد حركة الملاحة الأمريكية في البحر الأحمر، كما أن نجاح الحوثيين في اليمن بنظر اميركا قد يؤدي إلى انتقال عدوى الاحتجاجات إلى دول الخليج ذات النظام الملكي، وارتفاع قيمة النفط وضرب المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة. وكل ما تريده امريكا هو يمن ضعيف، مهادن، تحت الوصاية، وضمن السيطرة.