إكس خبر- في ظلّ الحديث عن نية إسرائيل التقدم على جبل الشيخ السوري ودفع مسلحي المعارضة نحو العرقوب اللبناني للالتفاف على حزب الله، تأتي عبوة شبعا أمس رسالة تؤكد جاهزية المقاومة وقوتها. لكن هل تحتمل إسرائيل «موت» القرار 1701؟
لم يعد ممكناً الحديث عن التحوّلات الجديدة في الجنوب اللبناني، وتحديداً على سفوح جبل الشيخ ومزارع شبعا، من دون الربط الوثيق مع تطوّرات الأحداث على السفوح السورية من الجبل، فضلاً عن المعلومات والمعطيات التي تكوّنت لدى الأجهزة الأمنية في سوريا ولبنان والمقاومة في الأشهر الأخيرة، حول احتمالات أن توسّع إسرائيل نشاط المعارضة السورية المسلحة في جبل الشيخ حتى وادي التيم والعرقوب.
ففي العام الأخير، أفضى التعاون الوثيق بين المجموعات الإرهابية في القنيطرة وغرب درعا (الجيدور) وجيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تكوّن «جدار طيب» من الإرهابيين على مختلف انتماءاتهم (من ضمنهم «جبهة النصرة») على حدود الجولان المحتل مع الجولان المحرّر. ويبدأ «الجدار» الذي يسيطر عليه الإرهابيون ببلدتي سحم الجولان والرفيد في القطاع الجنوبي من القنيطرة وعلى مقربة من الحدود الأردنية، وصولاً إلى بلدات جباثا الخشب وجبا وأوفاميا والحرية في القطاع الأوسط من المحافظة. وعدا عن مدينتي البعث وخان أرنبة في القطاع الأوسط، وبلدات بيت جن ومزرعة بيت جن وبيت سابر وبيتيما في القطاع الشمالي من القنيطرة، لا تزال بلدات حضر وعرنة وحرفا وبقعسم وقلعة جندل ذات الغالبية الدرزية على سفوح جبل الشيخ تحت سيطرة الجيش السوري وحلفائه في اللجان الشعبية وفصائل مقاومة أخرى، بعضها على علاقة وثيقة بحزب الله. ولم يعد خافياً أيضاً الحديث عن نيّة إسرائيل التقدّم في اتجاه البلدات الدرزية بحجّة الدفاع عنها من مجازر قد يرتكبها إرهابيّو «النصرة»، في حال سقطت مدينتا البعث وخان أرنبة اللتان تتعرضان لهجمات عنيفة من الإرهابيين المدعومين من إسرائيل! ما يسمح لإسرائيل بالسيطرة على كامل مرتفعات جبل الشيخ المطلة على الأراضي اللبنانية والسورية معاً.
وهذه النيّة تعززّها دعوات التدخل الإسرائيلي التي يطلقها مرتبطون بالأجهزة الأمنية والرسمية الإسرائيلية من أصول عربية من الجليل والجولان المحتل، إضافة إلى ضباط متقاعدين في الجيش الإسرائيلي من أصول عربية أيضاً، لتهيئة الأرضية أمام أي تقدّم إسرائيلي في اتجاه جبل الشيخ. ويمكن إدراج الوعود التي أطلقها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بني غانتس بـ«حماية القرى الدرزية» من خطر الإرهابيين، خلال زيارته شيخ عقل الدروز في فلسطين موفّق طريف قبل يومين للتهنئة بعيد الأضحى، في هذا السياق.
التطورات على المقلب السوري في حال التدخل الإسرائيلي المباشر لا تنحصر في محاولات إبعاد الجيش السوري والمقاومة عن الجولان وتهديد العاصمة دمشق فحسب، إذ تشير مصادر مقربة من المقاومة إلى «سعي إسرائيلي لتطويق حزب الله من «دفرسوار» جبل الشيخ، والالتفاف على المقاومة في أي مواجهة مقبلة قد يلجأ الحزب فيها إلى دخول الجليل».
وما ليس خافياً أن المقاومة ابتعدت منذ ما بعد حرب تمّوز 2006 والقرار الدولي 1701 عن الوجود العلني في مناطق جنوب الليطاني، وبالتحديد في حاصبيا والعرقوب. غير أن الأنباء الآتية من القرى المحيطة ببلدة شبعا تشير إلى عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل القرار 1701، إذ يلاحظ عدد من رعاة المواشي والصيادين، في الآونة الأخيرة، حركة جديدة لرجال المقاومة في خراج بلدات جبل الشيخ، تشبه إلى حدّ كبير تلك التي سادت في السنوات الست التي تلت تحرير الجنوب عام 2000. وتضع المصادر المعنية الخطوات الجديدة في سياق تطمين الأهالي إلى جاهزية المقاومة في حماية القرى أكثر منها بسبب خطورة الأوضاع، إذ تلفت المصادر إلى أن «انتقال إرهابيي النصرة وغيرهم من القنيطرة إلى جبل الشيخ اللبناني والعرقوب لا يحصل من دون قرار إسرائيلي واضح وتغيير في قواعد اللعبة، ما يعني انتهاء مفاعيل القرار 1701، ويحمّل إسرائيل أعباء كثيرة، وليس وارداً الآن لدى إسرائيل دفن الـ1701 والدخول في مواجهة كبيرة مع حزب الله».
من هنا، تقول المصادر إن «استهداف دبابة للعدو في مزارع شبعا هو حق مكتسب للمقاومة في ظلّ الاحتلال، وتأكيد على أن الأحداث السورية لم تشغل المقاومة عن الحدود الجنوبية»، وتلمّح إلى أن «الاستهداف يدخل في سياق رسائل التحذير لإسرائيل من عواقب استخدام الإرهابيين في الجنوب اللبناني»، وأن «إسرائيل هي من تتحمّل أي تغيير في قواعد اللعبة». وتقول مصادر أخرى مقرّبة من حزب الله إن «إقدام المقاومة على تبنّي العمل يؤكّد أن محور المقاومة لا يزال يملك زمام المبادرة وقوة الردع، ومستعد لكل الاحتمالات المقبلة، ولا مشكلة لديه في العمل على عدّة جبهات»، مع تشكيك المصادر في نية إسرائيل «المغامرة بالدخول في المواجهة الشاملة».