لديهم المال الوفير، يحققون نجاحات كبيرة في العمل، شركاتهم تصرف على صحتهم الملايين، اجسامهم نحيلة، يشعرون بلياقة بدنية جيدة، ولا يشكون من أي امراض خطيرة، ومع ذلك يموتون مبكراً على نحو غير متوقع..
الحديث هنا يدور عن مديري الاعمال وقيادات الشركات الكبيرة التي تحقق ارباحا بالملايين، اما السبب في موتهم المبكر فهو خليط من العوامل، اهمها ان هؤلاء الناس لا يتقنون ابطاء وتيرة حياتهم في الوقت المناسب، وانهم من النوع الذي يتنافس مع الآخرين باستمرار، وبدلا من ان يتصدوا للتوتر والضغوط النفسية التي يواجهونها بشكل فعال، بتخفيف الاعباء الواقعة عليهم وممارسة الرياضة المفيدة ومنح اجسامهم ونفسياتهم الاستراحات اللازمة، يعمدون الى مواجهتها بالنيكوتين والكافيين.
جراح القلب الشهير جاك بيرك يرى أن هذه الشريحة من الناس تعيش باستمرار تحت الضغوط وعلى عجلة من أمرها، تتبع نظاما غذائياً سيئاً وتتنافس مع الآخرين بشكل متواصل، وأكد العديد من الابحاث أن التوتر النفسي يستنفد القلب جدا، وبالتالي يعتبر قاتلاً بطيئاً بشكل غير لافت.
بيرك يشرح ذلك من خلال القول ان الجسم عندما يكون عرضة لضغوط قوية طويلا تتحرر منه مواد تتراكم في الشرايين تدريجياً ثم تسدها، وان ذلك يجري في أغلب الاحيان بشكل غير لافت وقد يظهر للمرة الاولى في اللحظة التي يكون فيها الأوان قد فات.
رجال الأعمال يعيشون عمراً أقل
ان المعدل الوسطي الذي يموت فيه الكثير من الناس، لا سيما في اوروبا، هو 73 عاما، اما المعدل الوسطي لاعمار مديري الاعمال ومديري الشركات المختلفة فيقل عن ذلك بعشرين عاما.
وعلى خلاف الناس المصابين بالأمراض القلبية والتي تظهر عليهم زيادة الوزن أو البدانة، فإن اغلب مديري الاعمال يكونون عادة نحيلين، ومع ذلك فإنهم يصابون بكثرة بالجلطات القلبية أو الدماغية.
كل ثاني رجل عرضة للخطر
تؤكد الدراسات المختلفة أن نصف الرجال هم من النوع «A» الذي يتميز بالسعي الزائد والعمل بوتيرة استثنائية حتى الحدود القصوى للتحمل. ويشكل الوقت بالنسبة لهم عامل ضغط، وهؤلاء يعتبر احتمال إصابتهم بالأمراض القلبية ضعف أقرانهم من الرجال الهادئين أو الذين لا يقومون بالمنافسة.
ويكون الوضع أسوأ بكثير عندما يتحول التنافس إلى موقف عدائي نحو الآخرين لأن الغضب والعداوة يضعفان بشكل كبير الشرايين وفق دراسة أميركية حديثة.
الدكتور بيرك يؤكد أن مديري الأعمال ينتمون إلى المجموعة «A» بالتأكيد، وأن الوفيات المفاجئة التي تحدث بينهم بكثرة مردها أن الجسم البشري لم يتم حتى الآن تغييره، ولذلك لا يزال يعمل على الصورة نفسها التي كان يعمل بها في العصور البدائية، ولذلك ففي الأوضاع الصعبة التي يمر بها تجري عدة عمليات داخل الجسم تقوم بتحضيره عملياً إما إلى الهجوم أو إلى الفرار.
وأضاف غير أن ذلك لا يحدث فرجال الأعمال يهدئون الجسم بسيجارة أو بتناول القهوة، الأمر الذي لا يناسب وضع الجسم الذي يتواجد في حالة إقلاع.
وأبدى تعجبه من تنامي شعبية ممارسة رياضة الغولف بين رجال الأعمال وغيرهم من الناس الناجحين، مع أن لعبة الغولف حسب رأيه ليست بالرياضة التي تبدد التوتر.
وبالنظر لكون عملية تراكم المواد في الشرايين نتيجة للتوتر النفسي تحدث بشكل غير ملفت وتدريجي، ولا تظهر أي علامات عليها مثل البدانة أو غيرها، فإن ضغط الوقت يعتبر خطيراً جداً على القلب، وقد جرى في السويد في عام 1970 دراسة جرى التركيز فيها على العمال وعلى المسؤولين عنهم في شركة.
وقد تابع الباحثون أوضاعهم الصحية تسعة أعوام، فتبين لهم أن الناس الذين صنفوا عملهم بأنه صعب من الناحية الزمنية تعرضوا للموت ثلاثة مرات أكثر من الذين لم يتعرضوا لضغط الوقت.
النساء أفضل حالاً
وبالطبع توجد الآن فحوص وقائية قادرة على الكشف عن الاشكالات الموجودة في الدورة الدموية في الوقت المناسب، ولهذا فمن الضروري لمديري الأعمال وقيادات مختلف الشركات والمؤسسات التي تعمل تحت ضغط وتوتر عاليين، ومنهم الصحافيون، إجراء هذه الاختبارات بشكل متكرر.
الدكتور بيرك يشير إلى أن مديرات الأعمال يتواجدن نسبياً في وضع أفضل من الرجال بسبب الهرمونات النسائية التي لديهن، والتي تؤمن الحماية لهن حتى انتهاء فترة الطمث، مؤكداً أن مختلف الدراسات قد أظهرت أن النساء يصبن بالأمراض القلبية بعد 10 إلى 20 عاماً من إصابة الرجال بها، غير أنهن يلحقن بعد ذلك بالرجال بسرعة لأن الأمراض القلبية لديهن تكون تداعياتها أسوأ.