بات الحصول على موعد قريب عند طبيب الأسنان في العيادات والمراكز الطبية أمراً شديد الصعوبة حتى بالنسبة للحالات الطارئة، إذ تمتد قوائم الانتظار في غالبية العيادات في أبوظبي إلى أكثر من شهر ونصف الشهر لأسباب عديدة، منها أن بعض وثائق التأمين الصحي تغطي خدمات طب الأسنان، وهو ما شجع حاملي هذه الوثائق إلى مراجعة العيادات والمراكز الطبية، كما أن الحاصلين على وثائق “ثقة” للضمان الصحي والخاصة بالمواطنين، بإمكانهم تلقي علاج الأسنان في القطاع الخاص بنسبة تصل إلى 50%، وهذا بدوره رفع معدل الضغط على هذه العيادات . بعض المترددين بحثاً عن علاج اشتكوا من أزمة المواعيد وعدم دقتها، إضافة إلى رسوم العلاج الباهظة التي لا تتناسب مع رواتبهم، وأضافوا ان عملية علاج الأسنان في بعض المراكز الطبية عملية تجارية بحتة، وان وجود طبيب ماهر وأمين، أصبح عملة نادرة في هذا الزمن .
التقت عدداً من المراجعين لعيادات الأسنان الذين تحدثوا عن مشاكل المواعيد الطويلة وارتفاع أسعار علاج الأسنان، حيث تقول سماح محمد عبدالعزيز (ربة منزل) هناك أطباء خدماتهم جيدة، وهناك من تنقصهم الخبرة الكافية، أحياناً أذهب إلى الطبيب للكشف العام من دون أن تكون لديّ مشكلة معينة، فأجده يخلق لي عدة مشاكل، إضافة إلى صعوبة تحديد موعد إلا بعد شهرين أو أربعة شهور، ناهيك عن أن أسعار تلبيس الأسنان مبالغ فيها ومكلفة للغاية .
أما رجاء منتصر (ربة بيت) فترى أن علاج الأسنان مكلف جداً، وأنها صارت تحرص على علاج أسنان ابنائها أثناء سفرها خارج الدولة، وتضيف ان معرفة المبلغ الذي يتقاضاه طبيب الأسنان مقابل أي خدمة مهما كانت بسيطة تصيب بالفزع، ونتيجة لذلك أصبح البعض يهمل علاج أسنانه حتى لا يدفع مبالغ طائلة، لقد أصبحت مهارة طبيب الأسنان عملة نادرة في هذا الزمن، وصارت الخدمات تجارية بحتة .
من جهتها تقول سهام حمدي (موجهة رياضيات) بصراحة نحن نعاني من موضوع مواعيد أطباء الأسنان سواء في العيادات الخاصة أو الحكومية، وأصبحنا نتجنب الذهاب إلى العيادات الحكومية بالذات بسبب عدم وجود مواعيد قريبة، وإذا تصادف وحصل شخص ما على موعد فإنه غالباً ما ينتظر عدة ساعات قبل دخوله على الطبيب، بمعنى أن يومه يضيع في الانتظار والألم .
وتؤكد سارة عمر (طالبة جامعية) أن معظم شركات التأمين لا تغطي علاج الأسنان، وبالتالي فإن الرسوم مرهقة للأسر لذلك فإن اهتمام الشخص بعلاج أسنانه وأسنان أفراد أسرته لم يعد يحدث بطريقة منتظمة، وبعض المستشفيات الخاصة تعطي مواعيداً قريبة زمنياً، لكن رسوم العلاج غالية جداً، أما العيادات الحكومية فإن مواعيدها بعيدة، وربما يتلف ضرس الشخص تماماً قبل أن يتمكن من مقابلة الطبيب .
ويشير نصر عبابدة (مدرس) إلى صعوبة علاج الأسنان لجهة الحصول على مواعيد ويتفق مع الآراء السابقة أن العلاج مكلف جداً، وان جودة العمل مفقودة عند بعض الأطباء، أما المواعيد فهي غير مضبوطة، ويصعب الحصول عليها، لذلك يحرص على علاج أسنانه أثناء سفره إلى بلده .
من جهته يقول حمد الشامسي (رجل أعمال) إن بعض أطباء الأسنان أصحاب خبرة وبعضهم لايزال في مرحلة البداية وتنقصه المهارة الكافية، ولكن التطور موجود، ونتمنى أن تكون المواعيد دقيقة أكثر، وأن ترتقي خدمات طب الأسنان نحو الأفضل .
أزمة مواعيد
عبدالحكيم سليمان (مدير شركة) يرى أن خدمات طب الأسنان تختلف من مركز إلى آخر، ويتحدث عن تجربته الشخصية قائلاً إنه زار الطبيب بسبب ألم شديد في ضرسه، وبعد جلسة علاج طويلة عاد إلى المنزل ولكن الألم لم يتوقف، واتضح له أن الطبيب عالج ضرساً سليماً بجوار الضرس التالف، وهذا سوء تقدير منه، وعدم قدرة على تحديد الجزء المراد علاجه، ويضيف ان المواعيد سيئة جدا خاصة بعد ان يضع الطبيب حشوة مؤقتة ويطلب من المريض مراجعته بعد عشرين يوماً، وقد تزول الحشوة المؤقتة ويستمر المريض في رحلة الألم، والتنقل من طبيب الى آخر بحثاً عن موعد قريب، أما اسعار العلاج فإنها تفوق قدرات كثيرين لأنها مرتفعة جداً، والتأمين لا يغطيها والمريض مجبر على الدفع، وأي زيارة عادية لطبيب الاسنان تكلف الشخص 2000 درهم، هذا بالنسبة للعلاج العادي، أما إذا احتاج المريض الى تقويم، فإن رسوم العلاج تحتاج الى عشرين ألف درهم أو اكثر، وربما يستطيع البعض ان يعالج اسنانه، لكن صاحب الدخل المحدود ماذا يفعل؟
ويقول عبدالعزيز عيسى محاسب إن خدمات طب الاسنان جيدة، لكن يتوجب على الشخص ان ينتظم في الحضور حسب موعده المحدد، وبالنسبة للاسعار لا تواجهه مشكلة لأن شركة التأمين التي يحمل بطاقتها تغطي التكاليف .
من جهتها تتمنى هنادي محمد – موظفة في شركة سياحة وسفر ان يتم تعديل رسوم علاج الاسنان لتناسب أصحاب الدخل المحدود، أو أن تغطي شركات التأمين نسبة من ثمن العلاج، وتضيف: نحن نعلم ان اكثر ما يتألم منه الانسان هي الاسنان، لكن للأسف يظل الألم احياناً عدة ساعات، أو عدة أيام حتى يحصل المريض على موعد مناسب، لأن ازمة المواعيد أزمة واضحة وملموسة في معظم العيادات .
وتدعو هنادي هيئة الصحة في أبوظبي ان تتابع هذه المشكلة وتساعدنا في ايجاد الحل المناسب لها .
أما رندة مروان – معلمة- فترى انه لا توجد معايير لاختيار أطباء الاسنان، وتقول: لقد فقدت الثقة في الأطباء بعد تجربتي الخاصة مع عدد منهم تسببوا في خسارتي لبعض اسناني بسبب اخطائهم الفادحة، واعرف العديد من الصديقات والاقارب الذين يعانون من المشكلة نفسها في البحث عن طبيب اسنان متمكن من مهنته وخبير فيها .
تقول سوسن الحمادي – مدرسة – ذهبت لعلاج ضرس واحد، فقالت لي الطبيبة جميع اسنانك بحاجة الى علاج، وقد صدقتها لأن شكلها يوحي بالالتزام والصدق، لكن للأسف بدأت تحفر اسناني واستبدلت لي بعض الحشوات السليمة لأكتشف لاحقاً أنها مجرد عملية نصب واستغلال، ومن يومها فقدت الثقة في كثير من أطباء الأسنان .
أما يونس معروف الشوبكي – مهندس – فيروي قصة علاج اسنان ابنته في احد المراكز الطبية قائلاً: إن جشع الطبيب وثقتنا به أدى الى تشوه خلقي في الفك العلوي لأسنان ابنتي، كانت بداية المشكلة هي وجود سن لبني يعترض ظهور سن دائم يوجد اسفل منه وذلك حسب صور الأشعة، علماً ان ابنتي تبلغ من العمر 18 عاماً، وقد اقترح الطبيب خلع السن اللبني كي يساعد السن الدائم على الظهور، لكن من دون جدوى، ثم أجرى عمليتين جراحيتين لتحقيق الهدف نفسه، فظهر جزء صغير ثم توقف عن النمو مدة ثلاث سنوات، وحاول الطبيب سحب السن بواسطة المطاط، وبعدة طرق أخرى، ولكن دون جدوى، بعد طلك قام بخلع السن لأجل زراعة آخر جديد لكنه اكتشف ان عظم اللثة غير صالح بسبب العمليات الجراحية المتكررة في اللثة، هذا الطبيب تسبب بتشويه خلقي دائم لابنتي نتيجة أخطائه الفادحة، لقد خسرت ابنتي احدى اسنانها الأمامية ولم يعد في استطاعة أي طبيب آخر ان يحل هذه المشكلة، هذا عدا التكلفة المالية التي تكبدناها طيلة ثلاث سنوات من العلاج، بالاضافة الى الوقت المهدور أثناء زيارات تكاد تكون شهرية .
من جهتها ترى لمياء محمود العمري – ممرضة – أن موضة تقويم الأسنان اصبحت احدى الوسائل التي يلجأ اليها الأطباء من أجل جني المال وتقول لو نظرنا الى الشباب والشابات لوجدنا ان معظمهم يضعون تقويم اسنان مع انهم غالباً لا يحتاجونه .
وتقول: لقد نصحني الطبيب عدة مرات بتركيب تقويم اسنان، لكني رفضت ذلك، أولاً لأنه مكلف جداً، وثانياً لأن شكل اسناني لا يحتاج أي تقويم، لكنها وسيلة يتبعها معظم الأطباء لاقناع المراهقين والمراهقات بتركيب تقويم اسنان، وقد لاحظت ذلك على الكثير من أبناء صديقاتي الذين يرهقون أهلهم في دفع مبالغ خيالية من أجل تعديل بسيط وغير ملحوظ، وتضيف: أتمنى أن تكون هناك رقابة أكثر على أسعار خدمات علاج الأسنان .
ازدياد الوعي
من جهتهم أكد أطباء الأسنان أن مستوى جودة العمل يختلف من طبيب لآخر، وذلك كما بقية تخصصات الطب، وأن أزمة المواعيد سببها أن جميع الناس يعالجون أسنانهم بسبب ازدياد الوعي بأهمية الحفاظ على سلامة الأسنان، وبالتالي هناك إقبال كبير وهذا بدوره يخلق ازدحاماً في العيادات، أما بالنسبة لارتفاع أسعار العلاج فيعود إلى غلاء المواد المستخدمة في العلاج، وارتفاع إيجار العيادات، وأجور الأطباء والممرضين المساعدين .
ويؤكد الدكتور محسن عرفات اختصاصي طب الأسنان أن التغطية الشاملة لعلاج الأسنان من بعض شركات التأمين رفع من نسبة الإقبال والضغط على عيادات الأسنان .
وحول انتشار عمليات تقويم الأسنان بين الشباب والشابات بشكل ملحوظ يقول الدكتور عرفات إن النظرة الجمالية أصبحت مهمة، والاتجاه العام اتجاه تجميلي، وهذا يدل على رقي في العلاج، والتقويم جزء منه تجميلي، وجزء منه علاجي حتى لا يصاب الشاب أو الفتاة بأثر نفسي، ويشعر أنه أقل من زملائه، وحتى على مستوى الحصول على وظيفة أصبح المظهر الخارجي للأسنان مهم جداً، ويعكس اهتمام الشخص بنفسه وحرصه عليها .
من جهتها تقول الدكتورة انتصار يعقوب – طبيبة أسنان إن إقبال الناس على المشروبات الغازية والوجبات السريعة وغيرها من أصناف الطعام التي تساعد على سرعة تلف الأسنان، دفعهم إلى التردد على الأطباء وهذا بدوه يخلق مشكلة في المواعيد، أما بالنسبة للأسعار فأعتقد أنها محدودة ولا يمكن التلاعب فيها لكن بعض أنواع العلاج مكلفة لأن المواد المستخدمة مرتفعة الثمن .
وتتفق الدكتورة عصمت عبدالعزيز فهمي مع الدكتورة انتصار في أن ارتفاع أسعار خدمات علاج الأسنان مرده أن المواد المستخدمة في ذلك مكلفة وغالية الثمن . وتضيف الدكتورة عصمت: مريض الأسنان يجب ألا يترك مع آلامه، وأن يتم الكشف عليه في أسرع وقت ممكن، خاصة إذا كان في حالة طارئة، ولا بد أن توجد غرفة للطوارئ في مراكز علاج الأسنان كافة حتى تخف الأزمة، وتضيف: بعض أطباء الأسنان يعمدون إلى اعطاء مواعيد بعيدة للمرضى ليظهروا أن العيادة عليها إقبال كبير وتعمل ليلاً ونهاراً .