إكس خبر- تتركّز الأنظار بشكل دائم على مخيّم عين الحلوة، لما يمثّله، وما يضمّه من “موزاييك” سياسي فلسطيني، يُنذِر وجوده في مخيّمات أو تجمّعات فلسطينية على الساحة اللبنانية، تعايشت في ما بينها على الرغم من الاختلافات بوجهات النظر سياسياً، وأجندات بعضها، ولكن اتفقت جميعاً في ما بينها على أنّ القاسم المشترك، هو البوصلة نحو فلسطين…
مع كل حدث أمني، تتّجه الأنظار إلى مخيّم عين الحلوة، سواء أكان الحدث داخله أو في أي منطقة على الساحة اللبنانية، بالإشارة إلى أنّ المخطِّط أو المنفذ، وأداة الجريمة أو المطلوب والفار لهم صلة في هذا المخيّم أو مع مجموعات تتواجد فيه، بحيث بات العمل الأمني والإرهابي مرتبطاً بالمخيّم، قبل أنْ تتّضح الحقيقة، وهو ما يرفضه أبناء المخيّم، وأثبتوا في أكثر من مناسبة أنّهم ليسوا بيئة حاضنة للإرهاب، وتكرّس ذلك بالملموس وليس بالكلام فقط…
اليوم مخيّم عين الحلوة هو محطة استقطاب مختلف القوى الفلسطينية واللبنانية الرسمية والأمنية والسياسية، وحتى أجهزة المخابرات العربية والدولية عبر سفاراتها أو المتعاونين معها، كلّهم منشغلون بما يجري ويحدث في المخيّم، الذي يؤكد أبناؤه أنّه ليس فقط “عاصمة الشتات الفلسطيني” بل هو أيضاً “عاصمة الثبات الفلسطيني”، الثبات على الموقف في وحدة الصف ونبذ الفتنة والاقتتال والعمل على حفظ الأمن والاستقرار في المخيّم وترسيخه مع الجوار تحقيقاً لذلك على الساحة اللبنانية…
وتتحدّث تقارير عن أنّ عين “داعش” على مخيّم عين الحلوة لجملة من الأسباب والمعطيات والدوافع، وهو ما لم يتم تحقيقه حتى الآن، على الرغم من كل المحاولات المضنية التي بُذِلَتْ، ولكن يبقى ذلك هدفاً للدولة الإسلامية المعلنة في العراق والشام، وهو ما يشغل بال الكثيرين عن مدى إمكانية تحقيق ذلك، وفي المقابل أيضاً كيف يمكن أنْ يتحوّل المخيّم إلى مخرزٍ في محاولة إيجاد بيئة حاضنة لمثل هذه الخلايا والتنظيمات الإرهابية، التي تستغل الظروف…
وإذا كان اليوم يبرز إسم “داعش”، فبالأمس كانت أسماء ومسميات أخرى متعدّدة كـ”عصبة النور”، “مجموعة الضنية”، “فتح الإسلام”، “جند الشام” “كتائب عبدالله عزام” و”جبهة النصرة” وغيرها من المسميات، منها من بقي، ومنها ما تلاشى في مسميات أخرى…
بعد فشل إعلان الإمارة الإسلامية في منطقة الشمال، امتداداً إلى دولة الخلافة الإسلامية، بعد الضربة القاسمة التي وجّهها الجيش اللبناني إلى هذه المجموعات بتوقيف أحمد سليم الميقاتي (مواليد 1968) (23 تشرين الأول 2014)، وإلقاء القبض على عددٍ من أمراء المحاور في طرابلس، ونجاح آخرين بالتواري عن الأنظار، ومنهم شادي المولوي (مواليد 1987) وأسامة أحمد منصور (مواليد 1987)، عادت أنظار “داعش” لتتركّز على خط آخر يصلها بالبحر، ويكون ذلك من خلال الامتداد السوري باتجاه حاصبيا والعرقوب وراشيا، وصولاً إلى مخيّم عين الحلوة ومنطقة صيدا، بما تشكّله من امتداد إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وعاد الحديث عن محاولات لفتح الجبهة الشرقية من جبل الشيخ، التي يسيطر عليها “الجيش الحر” و”جبهة النصرة” و”داعش”، وصولاً إلى عدّة بلدات في الجولان، وإحداث فتنة سنية – درزية في منطقة شبعا والعرقوب وراشيا، مستفيدين من وجود أكثر من 15 ألف نازح سوري، بينهم 7 آلاف في شبعا، حيث تقع هذه المنطقة بين فكَّيْ كمّاشة الاحتلال الإسرائيلي الذي ما زال يحتل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر، والإرهاب الموجود بالجهة الشرقية من جبل الشيخ.
المخطَّط بإشعال الفتنة
ويهدف المخطَّط إلى إشعال الفتنة، وتأمين التواصل ما بين منطقة شبعا والعرقوب مع جرود عرسال، حيث تتواجد خلايا “داعش” و”جبهة النصرة” المختطفين للجنود العسكريين اللبنانيين، والتي يعيش عناصرها مأزقاً حقيقياً مع اقتراب فصل الشتاء القارس، حيث يبحثون عن ملاذ آمن في مدن وبلدات تقيهم صقيع البرد، ولذلك يضغطون بالإقدام على إعدام عدد من الجنود المُختّطَفين للضغط في مجال التفاوض.
ويتحدّث المخطَّط عن إمكانية الاستفادة من بعض الخلايا المنتشرة في أكثر من مكان، والتي قد لا تلتقي عقائدياً مع أفكار “داعش” أو “النصرة”، لكن بانتمائها الإرهابي والتغرير بها ضد الجيش اللبناني أو “حزب الله” وعدد من القوى، يُمكن أنْ تجد ضعفاء النفوس ممَّنْ يقعون في فخ الانصياع لتنفيذ المخطّطات كما جرى مع بعض مَنْ غُرِّرَ بهم بتفجير أنفسهم أو سيارات قادوها انفجرت في أكثر من منطقة لبنانية.
أما عن مكامن الخطر التي تبرز مجدّداً، فهي الحاجة المادية للعائلات النازحة في ظل الحديث عن توقّف “كبونات” الدعم التي كانوا يتلقّونها من منظّمات دولية، وهو ما يطرح جملة من التساؤلات عن التوقيت، وعن مخاطر ذلك، حيث تصبح الإغراءات المالية عاملاً رئيسياً في الجذب لتنفيذ حتى ما لا يقتنع به الإنسان.
ناهيك عن أنّ الاحتلال الإسرائيلي على التخوم، سواء باعتداءاته وخروقاته المتكرّرة أو عبر عملائه لتغذية أي فتنة تحقّق مآربه، خاصة أنّ دراسات الخبراء لديه خلصت إلى أهمية “إيجاد أعداء داخل العدو لتحقيق المبتغى، لأنّ ذلك أسهل ويمكن عند حدوثه، تصديقه”.
وهنا تُسجَّل أهمية تحصين الواقع في منطقة العرقوب وحاصبيا وراشيا الوادي، حيث تبرز الزيارة التي قام بها رئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط إلى المنطقة (20 و21 أيلول 2014)، من أجل العمل على تحصين الواقع هناك.
ومخاطر الإرهاب الآتي من “داعش” و”جبهة النصرة” وغيرهما من المسميات، هي أحد الأسباب الرئيسية التي تساهم في تعجيل الحوار المُرتقب بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، على اعتبار أنّ هذه المجموعات الإرهابية ترى في “حزب الله” عدوّاً، بينما تعتبر أنّ “تيار المستقبل” هو مرتد ويقع في أوّل مراتب الأعداء.
وانطلاقاً من ذلك، فإن هدف “داعش”، الآخر هو مخيّم عين الحلوة، ولذلك تتركّز الأنظار عليه، فمع أي حدث أمني تكون الأنظار مشدودة إلى هذا المخيّم، فكيف مع تنامي حالات وتنظيمات تحمل عناوين إسلامية، وهو ما يدغدغ مخيّلة البعض، قبل اكتشاف أنّ كل هذه العناوين لا تخدم إلا مآرب ومصالح العدو الصهيوني للإمعان بتفكيك المنطقة وإيجاد كانتونات مذهبية وعرقية وقومية، تسهّل تجسيد حلم إقامة “دولة إسرائيل اليهودية” – أي الدولة القومية لليهود أينما كانوا، على أرض فلسطين، حتى لو كانوا في أي مكان من العالم فهي دولتهم المنشودة.
لا مبايعة للخلافة الإسلامية
وفي مخيّم عين الحلوة، تتجانس مختلف القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في ما بينها، وبفضل التفاهم والتنسيق وقرار الحسم، تم تفويت العديد من فرص التوتير على مَنْ حاول تنفيذ ذلك، وإنْ كان لـ “أجندات” خارجية، وأُفشلت هذه المحاولات بالتنسيق مع الأطراف الصيداوية والجوار والسلطات اللبنانية الرسمية والأمنية، وفي مقدّمها الجيش اللبناني، وفي ظروف مشابهة أو أصعب ممّا يمر به المخيّم حالياً.
فمنذ اللحظة الأولى لإعلان خلافة الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام، كان ردُّ “القوى الإسلامية الفلسطينية”، وتحديداً في مخيّم عين الحلوة، سريعاً (بداية تموز 2014) بعدم مبايعة الخلافة الإسلامية، وخير تعبير عن ذلك ما أعلنته القوّتان الإسلاميتان الرئيسيتان في المخيّم، على لسان أمير “الحركة الإسلامية المجاهدة” الشيخ جمال خطاب والناطق الرسمي بإسم “عصبة الأنصار الإسلامية” الشيخ أبو شريف عقل بأنّ “إعلان الخلافة الإسلامية لم يتم بالطريقة الشرعية، لأنّ إعلانها يتطلّب أهل الحل والعقد من العلماء، وليس مجرد شورى حزب أو تنظيم، وإلا لكان بإمكان كل تنظيم إسلامي القيام بذلك”.
وأكدتا أنّ “إعلان الخلافة الإسلامية يحتاج إلى بحث شرعي وسياسي، لأنّ الواقع الآن يزيد الأمر تعقيداً، وأبو بكر البغدادي غير معروف لدى الكثير من المسلمين، ويجب أنْ يكون الخليفة قُرشياً، ومجتهداً، سليم الحواس”… وهو ما لا تجده فيه القوى الإسلامية.
وإذا كانت “القوى الإسلامية” الرئيسية “عصبة الأنصار” و”الحركة الإسلامية المجاهدة”، لا تؤيدان تنظيم “داعش” أو “جبهة النصرة”، هذا فضلاً عن أنّ فصائل “منظّمة التحرير الفلسطينية” و”تحالف القوى الفلسطينية” و”أنصار الله” لا تلتقي مع مثل هذه الأفكار والعناوين، فإنّ الأنظار تتّجه إلى مكان آخر حول “الشباب المسلم”.
ما يُعرف بإسم “الشباب المسلم” هو عبارة عن مجموعة من الناشطين الإسلاميين المتواجدين داخل مخيّم عين الحلوة، وإذا ما جرى استعراض أسماؤهم، وفي مقدّمهم: توفيق طه، أسامة الشهابي، هيثم الشعبي، محمد الشعبي، زياد أبو النعاج، بلال بدر، رامي ورد، محمد العارفي ومحمد الدوخي “خردق”، فهذه الأسماء هي ذاتها التي تتردّد في أي من المسميات، سواء “جند الشام”، “فتح الإسلام”، “كتائب عبدالله عزام” وغيرها من المسميات.
وهذه الأسماء تتوزّع في إقامتها داخل مخيّم عين الحلوة، ولكل منها مجموعة تؤيّده وتناصره، وتلتقي تحت إسم “الشباب المسلم”؛ ويمكن لأي مجموعات مهما قلَّ عددها توتير الأجواء، ولكن ليس اتخاذ قرار بافتعال أحداث تفوق طاقة المخيّم، وهو ما يجب أنْ يتيقّن منه مَنْ يتابع هذه الملفات بالملموس، لأنّ اللحظات السابقة بعد إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، كان يتوقع الكثيرون أنْ يبايع إسلاميو عين الحلوة الخلافة الإسلامية، ولكن ذلك لم يتم، لأنّ هناك خلافات كثيرة، فأولوية الدولة الإسلامية هي سوريا والعراق، وأولوية غالبية الإسلاميين في مخيّم عين الحلوة هي فلسطين، وبالتالي فإنّ هذه الأولويات قد يكون لها دور كبير في الافتراق وعدم التلاقي.
وأيضاً إنّ هذه القوى تيقّنت من أنّ مخيّم عين الحلوة هو الملاذ الأخير لها، وأنّ لا إمكانية لديها للتوجّه إلى العراق كما جرى سابقاً لمقاتلة الأميركيين أو للمشاركة في سوريا، حيث سُجِّلَ ْعودة العديد ممَّنْ غادروا المخيّم إلى هناك.
لا بيئة حاضنة للارهاب
ومن الأهمية أنْ تتم متابعة عدم وجود بيئة حاضنة لمثل الحالات الإرهابية، بأنّه منذ إعلان الخلافة الإسلامية، لم تُسجّل أحداث أمنية انطلاقاً من مخيّم عين الحلوة أو داخله ولعل منع استخدام ساحة المخيّم، كان عاملاً رئيسياً في تنفيذ قرار نشر القوّة الأمنية الفلسطينية المشتركة بقيادة العميد خالد الشايب (8 تموز 2014)، معززةً بمشاركة كافة القوى الفلسطينية، في: فصائل: “منظّمة التحرير الفلسطينية”، “تحالف القوى الفلسطينية”، “القوى الإسلامية” و”أنصار الله”، وتعزيز عديدها ورفعه إلى 225 بدلاً من 150 وهو ما ساهم في تحصين الوضع في المخيّم.
هذا الاستقرار الذي شهده المخيّم، أقرَّت به مختلف القوى اللبنانية وحتى الأمنية التي كانت تعتبر أنّ مخيّم عين الحلوة أصبح خلفنا، في دلالة على الاستقرار الأمني الذي يسوده، سرعان ما تلاشى مع الحديث عن وصول الفار من وجه العدالة شادي المولوي إلى مخيّم عين الحلوة، عبر سيارة أجرة نقلته من الشمال وتمكّن من الدخول إلى المخيّم.
وقد طالب الجيش اللبناني، القوى الفلسطينية بتسليم المولوي، فيما أوضحت القوى الفلسطينية أنّها لا تعرف إذا ما دخل المولوي إلى المخيّم أم لا، وهو ما شنّج الأجواء داخل المخيّم وخارجه، حيث احتاج الأمر إلى سلسلة من اللقاءات والاتصالات في ظل العديد من الأخبار عن أنّ المولوي ومطلوبين آخرين سيغادرون المخيّم، والبعض منهم سيغادر متنكّراً بزي منقّبة.
هذه المعلومات كانت كفيلة بتشديد الإجراءات الأمنية على حواجز الجيش اللبناني في محيط المخيّم، حيث أُعيد نشر مجنّدات على الحواجز لتفتيش المنقّبات، والتأكد من هوياتهن، بعدما كانت هذه الخطوة قد سُجِّلَتْ سابقاً (خلال شهر نيسان 2014)، إثر الحديث عن إمكانية خروج مطلوبين أو مرتدي أحزمة ناسفة بلباس منقّبات في موجة التفجيرات بالسيارات المفخّخة لانتحاريين بأحزمة ناسفة قبل أنْ يتم سحبهن بعد عودة الاستقرار والأمن.
وأيضاً هذه المعلومات عن إمكانية إخراج المولوي من المخيّم، كانت كفيلة بالتدقيق بالسيارات وركّابها، والتأكد من هوياتهم ومنهم، ولذلك فإنّ ما حاول البعض استغلاله بالإيحاء أو الإشارة إلى أنّ توقيف موكب وفد “اللجنة الفلسطينية العليا للإشراف على أمن المخيمات”، الخارج من المخيّم (صباح الأربعاء 3 من كانون الأول الجاري)، على حاجز الجيش اللبناني عند المدخل الفوقاني للمخيّم على حاجز “مستشفى صيدا الحكومي”، والذي كان يضم في السيارة الأولى: قائد “الأمن الوطني الفلسطيني” اللواء صبحي أبو عرب وقائد “القوّة الأمنية الفلسطينية المشتركة” في مخيّم عين الحلوة العميد خالد الشايب، وفي السيارة الثانية: الناطق الرسمي بإسم “عصبة الأنصار الإسلامية” الشيخ أبو شريف عقل وعضو القيادة أبو سليمان السعدي، وأنّه ردٌّ على الكلام الذي أدلى به الشيخ عقل خلال الاعتصام التضامني الذي نُفِّذَ قبل يوم داخل مخيّم عين الحلوة، لم يكن ردّاً على كلامه، بل كان مجرّد تدقيق في الموكب بعد ورود معلومات عن إمكانية محاولة إخراج المولوي عبر أحد المواكب، ومنها موكب الوفد الفلسطيني، ولذلك تم التفتيش الدقيق للسيارتين، قبل أنْ يُسمح لهما بمتابعة سيرهما إثر وصول مسؤول مخابرات الجيش اللبناني في منطقة صيدا العقيد ممدوح صعب إلى الحاجز، علماً بأنّ جولة الأربعاء للوفد الفلسطيني شملت “تيار المستقبل”، “حزب الله”، ومحافظ لبنان الجنوبي منصور ضو والعقيد صعب.
وتألّف الوفد الفلسطيني في هذه الزيارة من: اللواء صبحي أبو عرب، أمين سر حركة “فتح” وفصائل منظّمة التحرير الفلسطينية” في منطقة صيدا العميد ماهر شبايطة، عضو اللجنة المركزية لـ “الجبهة الديمقراطية” أبو النايف، عضو المكتب السياسي لـ “جبهة التحرير الفلسطينية” صلاح اليوسف (عن منظّمة التحرير الفلسطينية)، مسؤول العلاقات السياسية لحركة “حماس” في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي ومسؤول العلاقات السياسية لـ “حركة الجهاد الإسلامي” في لبنان شكيب العينا (تحالف القوى الفلسطينية)، الشيخ أبو شريف عقل وأبو سليمان السعدي (عصبة الأنصار الإسلامية) وماهر عويد (أنصار الله)، وبحضور الزميل هيثم زعيتر.
وخلال اللقاء مع المحافظ ضو، الذي اتسم بالصراحة والمصارحة، تم التوافق على جملة من النقاط التي تساهم في ترسيخ الأمن والاستقرار بالمخيّم ومع الجوار، وتؤدي إلى نتائج ملموسة لدى المقيمين في المخيّمات ومنطقة صيدا، ورفع مستوى التنسيق اللبناني – الفلسطيني على مختلف المستويات الرسمية والسياسية والأمنية.
ومن أجل تحسين الواقع والعلاقات اللبنانية – الفلسطينية، يجب الاستفادة من التجارب السابقة، خاصة التي بدأت مع مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم (يوم كان يتولى رئاسة فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب) عندما دخل إلى مخيّم عين الحلوة (8 تشرين الثاني 2006)، كثمرة للعلاقات مع القوى الفلسطينية وخاصة الإسلامية، وأفشل خطوة انتقال تجربة “فتح الإسلام” وتفجيرهم في المخيّم ومنطقة تعمير عين الحلوة، حيث نجح الجيش اللبناني بالانتشار في منطقة تعمير عين الحلوة (25 كانون الثاني 2007)، وقبل اعتداء مجموعة “فتح الإسلام” على الجيش اللبناني (20 أيار 2007)، ما جنّب مخيّم عين الحلوة والمنطقة حدوث هذا الانفجار فيها.
وأيضاً مواصل بحث هذا الملف، والتنسيق الدائم مع القادة الأمنيين والعسكريين في الجيش اللبناني بمتابعة من قائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي خلال قيادته للمؤسّسة العسكرية نُسِجَتْ أفضل علاقات لبنانية – فلسطينية، وتجسّد ذلك في أكثر من محطة، ومنها عدم دخول الجانب الفلسطيني في الكثير من الأحداث الأمنية الداخلية اللبنانية، وفي مقدّمها خلال اعتداء إمام “مسجد بلال بن رباح” الشيخ أحمد الأسير على الجيش اللبناني (23 حزيران 2013) قبل تواريه عن الأنظار.
كما تكمن أهمية استمرار التنسيق والتعاون ليعطي ثماره بتعزيز الثقة المتبادلة، خاصة أنّه مهما بلغت درجة الإجراءات الأمنية الوقائية والاحتياطية قد لا تفي النتيجة المتوخّاة، إذا لم تكن هناك خطوات استباقية وتعاون مشترك، فبعد تعزيز الإجراءات الأمنية إثر الحديث عن وصول المولوي إلى مخيّم عين الحلوة، تمكّن 2 من أبرز المطلوبين للدولة اللبنانية والعديد من الأجهزة الأمنية العربية والدولية، وهما محمد العارفي ومحمد الدوخي “خُردق” من العودة (الخميس 4 كانون الأول الجاري) إلى مخيّم عين الحلوة عائدين من سوريا، بعد أنْ كانا قد غادرا المخيّم مع مجموعة من 7 مطلوبين (في أيار 2012)، فعاد الخمسة إلى المخيّم تباعاً وبقيا هما قبل أنْ يعودا إلى المخيّم بعدما شاركا مع “النصرة” في التدريب والقتال ضد النظام في سوريا.
وفي الجانب الفلسطيني يجب أنْ يتّخذ المسؤولون الفلسطينيون قرارات جريئة بتعزيز الحواجز على مداخل المخيّمات ووضع أعداد كافية للتدقيق بهويات الداخلين والخارجين من وإلى المخيّم، وهم يعرفون مَنْ هم من أبناء المخيّم ومَنْ هم من خارجه.
هذه الإجراءات والتواصل المستمر وتعزيز الثقة، تعطي ثمارها حتى لا يقع البعض ممَّنْ هم ضعفاء النفوس أو يُغرون مادياً، ضحية أي محاولات لاستمالتهم، سواء في آفات اجتماعية أو خلايا إرهابية، بعضهم لا يعرف أبعاد ذلك، فيما يعرف الكثير ماذا يريد مَنْ يُجنّده، وبذلك يمكن تحويل المخيّم إلى مخرزٍ في أي محاولة لإيجاد بيئة حاضنة لأي أعمال إرهابية، وقد أثبت المخيم أنه ليس ببيئة حاضنة للارهاب، من خلال تجارب السنوات الماضية، وتجسّد ذلك بالملموس أنّ لا مشروعاً أمنياً ولا سياسياً ولا عسكرياً له على الساحة اللبنانية.
وإذا لم يتم تحديد مكان تواجد المولوي في المخيّم، فإنّ عليه شخصياً ومَنْ يسعى إلى إيوائه، حّثه على مغادرة المخيّم، لأنّ مصير أكثر من 100 ألف أهم من مصير فرد ارتكب أو اعتدى على الجيش اللبناني، وإنْ كان بعض السياسيين في منطقة الشمال قد غطّوا أعماله، فإنّ أبناء المخيّم ليسو أبناء جارية ليدفعوا ضريبة أعماله أو مَنْ كان يدعمه.
أما بالنسبة للشيخ المتواري والفار من من وجه العدالة أحمد الأسير، فكما كُنّا قد أشرنا سابقاً إلى أنّ المعلومات تشير إلى أنه موجود في تركيا مع بعض أفراد عائلته، فإن الأسير وبعدما تردّد أنّه في مخيّم عين الحلوة، أعلن عن أنّه خارج المخيّم، وبقي عليه تأكيد نفيه بأنّه خارج المخيّم بإثبات وإعلان مكان تواجده…
الكاتب: هيثم زعيتر