اكس خبر – يصادف اليوم الاثنين عيد شمّ النسيم الذي يحتفل به المصريين على وجه الخصوص منذ 5 آلاف عام ويُعتبر يوما شبه مقدّس لدى الجميع من كل الطوائف.
ويأتي هذا اليوم الربيعي, بعد “عيد القيامة” لدى الطوائف المسيحية والتي تحتفل به يوم الأحد 5 أيار مايو من كل عام, فيكون شم النسيم في اليوم التالي مباشرة اي يوم الاثنين 6 أيار/مايو.
ولاتزال الآثار الفرعونية تواصل البوح بالكثير من أسرار قدماء المصريين، وتفاصيل حياتهم التي تشتهر بالسحر والغموض، ويقول باحثون وأثريون إن للمصريين تاريخا طويلا مع أكل الأسماك المملحة المعروفة باسم “الفسيخ” كما عرفوا حب الزهور وقدسوها وأعطوا اهتماما كبيرا للاحتفال بقدوم فصل الربيع.
وكان المصريون القدماء يستخدمون سمك قشر البياض في إعداد الفسيخ، وتعد إسنا من المدن الشهيرة في صناعة وتقديم الأسماك المجففة كقرابين للآلهة داخل المعابد، حتى صار هذا السمك رمزا للمدينة في العصر البطلمي وصار اسمها “لاثيبولس” أي مدينة سمك قشر البياض.
وعرف المصريون القدماء عدة أنواع من الأسماك التي رسموها على جدران مقابرهم مثل سمك البوري والشبوط والبلطي والبياض، كما عرفوا البطارخ منذ عصر الأهرام، وفي أحد الأعياد كان جميع أفراد الشعب يأكلون السمك المقلي أمام أبواب المنازل في وقت واحد.
وكانت مظاهر الاحتفالات بقدوم الربيع تقام دائما على ضفاف النيل ووسط الحدائق والساحات المفتوحة، وهو الأمر الشائع لدى جموع المصريين حتى اليوم، ويقول المدير العام لآثار الأقصر ومصر العليا د. منصور بريك إن الأقصر وغيرها من المدن القديمة عرفت الخروج الجماعي إلى الساحات الخضراء وشواطئ النيل قبل آلاف السنين، وإن احتفالات المصريين في هذه الأيام بشم النسيم لا تختلف كثيرا عن احتفالات أجدادهم الفراعنة.
وعرف أهل الأقصر بتقديس الزهور منذ آلاف السنين وكان لها مكانة كبيرة في نفوسهم ونفوس كل الفراعنة، إذ كانت زهرة “اللوتس” رمز البلاد كما كان يقدمها المحبوب لمحبوبته، وتزخر مقابر الأقصر الأثرية والفرعونية -وفق د. بريك- بالصور المرسومة على جدرانها لصاحب المقبرة وهو يشق طريقه في قارب وسط المياه المتلألئة بينما تمد ابنته يدها لتقطف زهرة لوتس.
وكانت أعواد اللوتس تقدم ملفوفة حول باقات مشكلة من نبات البردي ونباتات أخرى، كما تشكل باقات الورود اليوم، كما ترى أعمدة المعابد الفرعونية مزخرفة في طراز “لوتسي” يحاكي باقات براعم الزهور. وصور المصريون أنفسهم على جدران مقابرهم ومعابدهم وهم يشمون الأزهار في خشوع يرجع بعضه إلى الفرحة ويوحي بسحر الزهور لديهم.
وقد استرعى ذلك انتباه المستشرق الإنجليزي “إدوارد وليم لين” الذي زار القاهرة عام (1834م) فوصف احتفال المصريين بهذا العيد بقوله: “يُبَكِّرون بالذهاب إلى الريف المجاور، راكبين أو راجلين، ويتنزهون في النيل، ويتجهون إلى الشمال على العموم؛ ليتَنَسَّموا النسيم، أو كما يقولون ليشموا النسيم. وهم يعتقدون أن النسيم – في ذلك اليوم- ذو تأثير مفيد، ويتناول أكثرهم الغذاء في الريف أو في النيل”. وهي نفس العادات التي ما زال يمارسها المصريون حتى اليوم.