إكس خبر- ما يرجحه أكثر المؤرخين، أن الثورة الصناعية بدأت في الجزر البريطانية في عام 1760. ثم حققت على الأقل قفزتين كبيرتين في الأعوام 1820 و1840. وخلال بضعة وعشرين سنة بعد إنطلاقها امتدت أولاً إلى الجزء الفرنسي من بلجيكا، ثم ألمانيا وهولندا والسويد وبقية دول غرب أوروبا والولايات الأميركية بخاصة في الجزء الشمالي الشرقي من أميركا.
وسرعان ما حلت في الولايات الأميركية التي كانت متحدة وتكونت من 36 ولاية في عام 1860 كارثة الحرب الأهلية، التي بدأت مباشرة بعد أن أدى الرئيس المنتخب أبراهام لنكولن اليمين الدستورية في شهر كانون الثاني (يناير) 1861. واستمرت الحرب مدة زادت عن أربع سنوات (1861 – 1865)، وذهب ضحيتها من الطرفين أكثر من 600 ألف قتيل مع أن مجموع سكان أميركا في عام 1860 لم يتجاوز 32 مليون نسمة.
وأدت كارثة الحرب الأهلية إضافة إلى ما سببته من معاناة إنسانية مروعة ومن شروخ في الهوية الوطنية للأميركيين كشعب واحد، إلى إيقاف النمو الاقتصادي الذي كان يتصاعد بنسب كبيرة، وتدمير كامل للبنية التحتية في الولايات الجنوبية التي أرادت الانفصال عن الاتحاد الفيديرالي. فأضاف التقهقر الاقتصادي إلى جروح الهزيمة آلاماً إيضافية.
وبعد نهاية الحرب الأهلية بخمسة أيام، وتحديداً في مساء 15 نيسان (أبريل) 1865 تم اغتيال الرئيس أبراهام لنكولن الذي دافع بقلمه ولسانه وقيادته الفذة عمّن دعموا الحكومة الفيديرالية ضد الانفصاليين، والذي يعتبره أكثرية المؤرخين الأميركيين وأكثرية أساتذة العلوم السياسية في شتى الجامعات الأميركية أعظم رئيس أميركي.
وبعد اغتيال الرئيس لنكولن الذي قضى كل فترة رئاسته في الدفاع عن الجمهورية الأميركية، ترددت الأقوال في أوروبا بأن الديموقراطية الأميركية، التي عبدت الطريق الفكري لكل ما تبعها من ديموقراطيات، بما في ذلك ديموقراطية بريطانيا، التي لم تتحقق تدريجياً إلا في عهد الملكة البريطانية العظيمة فيكتوريا التي حكمت ما بين 1837 و1901، قد فشلت تماماً، ولذلك لن تكون الولايات الأميركية المتحدة قوة صناعية واقتصادية كبرى في المستقبل المنظور.
ولكن الذي حصل في حقيقة الأمر، وبعد أن فقد أكثر الساسة الأميركيين مكانتهم بين المواطنين، خرج إلى الوجود قادة من نوع آخر. برز ما سماه الأميركيون حينئذٍ حرفياً بـ «كباتنة» الصناعة، أو الطيارين الذين قادوا مركبات الصناعة. ولم يوضح هذه الدراما الأميركية فيما أطلعت عليه مثل مسلسل وثائقي أذيع تلفزيونياً لأول مرة قبل بضع سنوات تحت عنوان «رجال بنوا أميركا». واختار من أعدوا ذلك المسلسل الوثائقي خمسة رجال حولوا أميركا إلى أكبر وأقوى قلعة صناعية وقمة اقتصادية في التاريخ في أقل من خمسين سنة، أو ما بين 1865 و1910.
وهؤلاء الرجال هم:
1- كورنيليوس فاندربلتCornelius Vanderbilt الذي ولد في جزيرة تعتبر امتداداً لمدينة نيويورك في 27/5/1794 وتوفي في نيويورك في 4/1/1877.
2- جون روكفلرJohn D. Rockefeller ولد في ولاية نيويورك في 8/7/1839 وتوفي في ولاية فلوريدا بعد تقاعده بسنوات في 23/5/1937.
3- أندرو كارنغيAndrew Carnegie ولد في اسكتلندا في 25/11/1835 وهاجر صغيراً مع والديه الفقيرين إلى أميركا، وتوفي في ولاية ماساتشوستس، في 11/8/1919.
4- جاي. بي. مورغانJ.p.Morgan ولد في عاصمة شركات التأمين، مدينة هارتفرد في ولاية كنتكت في 17/4/1837 وتوفي بينما كان زائراً لمدينة روما، عاصمة إيطاليا، في 31/3/1913.
5- هنري فوردHenry Ford ولد، كما هو متوقع، في ولاية ميتشغن بالقرب من دترويت في 30/7/1863 وتوفي في 1947، في ديربورن، وهي إحدى ضواحي دترويت ومركز شركة فورد للسيارات، في 7/4/1947.
وسيأتي في مناسبات قادمة بحول الله ملخص عن حياة ودور كل من هؤلاء الرجال الذين أسهموا بدرجات أكبر من سواهم في بناء أميركا، على الأقل، في نظر من كتبوا وراجعوا وأخرجوا مسلسل «رجال بنوا أميركا» الوثائقي.