يجب تجديد شباب الجهود الدولية الرامية إلى معالجة “التهديد العالمي” للمخدرات غير المشروعة وفقا للاتفاقية التي يبلغ عمرها الآن خمسين عاما رغم سلسلة من أوجه القصور الكبيرة فيها. كان هذا هو جوهر بيان رئيس مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لصحيفة الإندبندانت البريطانية.
وفي هذا الأسبوع، اعترف يوري فيدوتوف بأن إنتاج الأفيون العالمي زاد بنسبة نحو 80% فيما بين عامي 1998 و2009، وأصبح سوق المخدرات العالمي يقدر الآن بنحو 320 بليون دولار في السنة مما يجعل هذه التجارة تأتي في المرتبة الثلاثين بين أكبر الصناعات في العالم.
وأمام هذه الإحصائيات الخطيرة، قال فيدوتوف، المدير التنفيذي الجديد لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إن اتفاقية عام 1961 -وهي أول اتفاقية دولية تضع إطار العمل لأنظمة السيطرة العالمية على المخدرات- مازالت هي الآلية الأكثر ملائمة للتعامل مع ما يوصف بأنه “التهديد العالمي” للمخدرات والجريمة. ودعا فيدوتوف الدول الأعضاء إلى “إعادة الالتزام” بالاتفاقية لاتخاذ موقف أكثر تشددا ضد مهربي المخدرات و”تهديد المخدرات النابع من أفغانستان.”
ويتفق رواد إصلاح سياسة المخدرات على أن التهريب هو مشكلة عالمية، ولكنهم قلقون من أن الدعوة لإعادة تنشيط الاتفاقية يمكن تفسيرها على أنها دعوة إلى تعزيز المناهج العقابية لمشكلات المخدرات -وهو أكثر انتقاد موجه لاتفاقية عام 1961. “علينا جميعا أن نعترف بأن هذه الاتفاقية قد مر عليها الآن خمسون عاما،” كما قال مايك تريس، رئيس الاتحاد الدولي لسياسة المخدرات، وهي شبكة عالمية من منظمات غير حكومية. “لقد صيغت هذه الاتفاقية في وقت كان فيه فهمنا لمشكلات المخدرات محدود جدا.
“لقد تم توظيف كل الاستراتيجيات الرامية إلى تقوية الإجراءات الردعية في دول المصدر مثل أفغانستان ومنع ومعاقبة مستخدمي المخدرات، كل ذلك تم توظيفه في الماضي، ولم يكن أي من ذلك قادرا على إيجاد وضع نريده وهو خنق مصدر المواد غير المشروعة ومنع الشباب من الرغبة في استخدامها.”
وقال بيتر ساروسي، الخبير في سياسة المخدرات في اتحاد الحريات المدنية المجرية، وهي منظمة حقوقية: “لقد أثبت التركيز المتزايد على العدالة الجنائية والحظر أنه غير فعال.” وقد قامت منظمته بالاحتجاج خارج مبنى الأمم المتحدة في الأيام الأخيرة لرفع الوعي بالآثار الجانبية غير المرغوب بها لحظر المخدرات.
وقد جادل فيدوتوف بأن المخدرات والجريمة “تشتركان في نفس مجرى الدم” ولكنه قال إنه لا يرى أن الاتفاقية “عقابية”. وقال فيدوتوف: “إنها اتفاقية وقائية. وهدفها الأساسي هو حماية صحة الناس.”
وقد تعرض فيدوتوف، الذي عمل سفيرا سابقا لروسيا في بريطانيا، للانتقاد بسبب ارتباطه بالحكومة الروسية عندما تم تعيينة رئيسا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة العام الفائت. وقد سلطت منظمات مثل الاتحاد الدولي لسياسة المخدرات الضوء على وضع روسيا كأكبر مستهلك للهيروين في العالم مع عدد متسارع النمو من حالات مرض الإيدز بها.
وكما أكد قيصر المخدرات الروسي، فيكتور إيفانوف، هذا الأسبوع، فإن موسكو مازالت كارهة لتنفيذ العديد من اتفاقيات الأمم المتحدة الرامية إلى تقليل الضرر -مثل برامج تبادل الإبر التي أثبتت فاعليتها في تقليل معدلات الإصابة بمرض الإيدز. ولكن في المقابل تفضل الحكومة الروسية نهجا متشددا تجاه التهريب وزراعة المخدرات في أفغانستان.
وعندما سئل عن مشكلة المخدرات في روسيا، قال فيدوتوف إن الادعاءات المتعلقة بالتعامل مع مستخدمي المخدرات في روسيا مبالغ فيها: “ربما يكون هناك بعض أوجه القصور ولكنها لا تختلف كثيرا عن ما يحدث في بلاد أخرى.”
وقال فيدوتوف إنه يفهم حاجة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إلى دعم “حزمة شاملة للتدخل لصالح مستخدمي المخدرات التي يتم تعاطيها عن طريق الحقن” وكذلك إجراءات حظر المخدرات والتوعية والتثقيف.
وقد أثنى مايك تريس، رئيس الاتحاد الدولي لسياسة المخدرات، على فيدوتوف لاعترافه بأن هناك مشكلات في النظام القائم.
وكان سلف فيدوتوف، الرئيس السابق لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أنتونيو ماريا كوستا، قد أعلن عن “نجاح لا يمكن إنكاره” عام 2009. قال تريس: “وهذا لا يعني أن فيدوتوف أو الدول الأعضاء لديهم أي نية لتغيير هياكلنا تغييرا جوهريا. ولكنه من المشجع جدا أنهم يبدون أكثر انفتاحا على عملية مراجعة ملائمة.”