إكس خبر- لم يردّ حزب الله على الضجة الإعلامية التي أثارتها وسائل الإعلام حول اكتشاف عميل كبير بين صفوفه يعمل لصالح الاستخبارات «الإسرائيلية» يدعى محمد شوربا.
وفي الواقع كان على حزب الله أن يردّ على مثل هذه الأخبار نفياً أو تأكيداً وطالما أنه لم ينفِ، وعملاً بالدقة التي يتعاطى بها مع وسائل الإعلام، فإنّ الأمر يدفع إلى القول بأنّ «السكوت علامة الرضا».
وبقدر ما هو منزعج من خرق أمنه، فإنّ حزب الله راضٍ جداً عن اكتشافه عميلاً رفيعاً، وهو، أي الحزب، يتقن التعاطي مع الإعلام في كلّ شاردة وواردة تخصّه، ومن أعطى هذه المعلومة للإعلام هو حزب الله وليس سواه.
لا شك في أنّ حزب الله يريد قول شيء ما من خلال هذا التدبير، وقد سمح بتناقل هذا الخبر لأهدافٍ ووظائف يريد من خلالها مخاطبة الداخل قبل الخارج و«إسرائيل» التي يعلم تماماً أنها تعمل على خرقه كلّ يوم وأنّ جهازها الاستخباري لن يتوقف عن هذا السعي دقيقة واحدة مهما كان العميل المكتشف في المقدمة.
وفي هذا السياق، كشفت ماريسا نيومان والحنان ميلر لموقع «تايمز أوف إسرائيل» أنّ العميل المزعوم للموساد في صفوف حزب الله مسؤولٌ عن الأمن الشخصي لأمين عام الحزب السيد حسن نصرالله، مشيرة إلى أنّ حزب الله قام بفصل عدد من مسؤوليه منذ كشف العميل.
وفي السياق نفسه، ذكر موقع «والا» الشهير في «إسرائيل» أنّ العميل تسبّب في إحباط خمس عمليات ضدّ «إسرائيل» خطط لها حزب الله، انتقاماً لاغتيال القيادي الشهيد عماد مغنية.
إنّ خرقاً بهذا الحجم، كما وُصف في المواقع ووسائل الإعلام، خصوصا أنّ العميل كان مقرباً من السيد نصرالله شخصياً كونه كان مسؤولاً عن حمايته، يشير إلى فداحة الخسارة التي مُني بها «الإسرائيليون» وإلى أهمية الرسالة التي تلقتها استخبارات «تل أبيب» بعد أن تمّ التعاطي مع الأمر من دون ضجيج، إذا صحّت هذه الرواية.
سيأتي الجواب الشافي يوماً ما، وحصراً على لسان أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي عوّد جمهوره في أي خطاب أو حوار على الصدق والشفافية، وعلى كشف ما يمكن كشفه من أسرار بعض العمليات في الوقت المناسب، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بأمنه الشخصي؟
وإن صحّ قرب العميل من السيد نصرالله، فإنّ الأكيد أنّ ما حققه حزب الله بهذا الاكتشاف لا يقارن بأي خسارة لا من قريب ولا من بعيد.
سلم العميل نفسه حسب مصادر الجزيرة القطرية لـ«الإسرائيليين»، وهو الذي اتصل بالموساد للتعامل معه، وهذا يعني أنّ أمر التعاون مفتوح وليس بالضرورة أبداً أن يستخدم فقط لعمليات أمنية خارجية، فـ«إسرائيل» تستطيع أن تطلب ما تريد وتتمنى منه، فهو الذي قدّم نفسه خادماً لتقديم المعلومات في أي حال.
تدرك «إسرائيل» أنّ ملف حزب الله في محكمة اغتيال الحريري الدولية، عالق بين تسويات المنطقة واحتمالات أن تصبح هذه المحكمة ورقة تفاوض لا أكثر، لأنّ أزمات المنطقة مقبلة على الانحسار ولأنّ نتائج المفاوضات والتسويات ستبصر النور قريباً، بين ملفات إيران والعراق وسورية وأوكرانيا. وهي تدرك أيضاً أنّ عام 2015 هو عام السياسة بامتياز وأنّ هذه المحكمة التي ظهرت في ربيع الأزمات الحقيقي بعد اغتيال الحريري عام 2005، قادرة على أن تكون أهم ورقة داخلية تحرج حزب الله أو تمسّ هالته وهالة كوادره ورموزه وصورته أمام خصومه في الداخل وعلاقاته وتصنيفه إرهابياً في الخارج، خصوصاً أنّ الحديث عن رفعه عن لائحة الإرهاب، أوروبياً، بات متوقعاً.
المتهم رقم واحد في اغتيال الحريري بحسب المحكمة الدولية التي صوبت نحو حزب الله من خلاله هو مصطفى بدر الدين الذي ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه رئيس وحدة العمليات في الخارج وهو يتولى حالياً منصب قائد الذراع العسكرية لحزب الله ومستشار الأمين العام السيد حسن نصرالله.
من بين ما نشر عن العميل محمد شوربا المعروف بهيثم، أنه ساهم في الكشف عن العناصر التي تعمل ضمن وحدة العمليات الخارجية مع حزب الله، أي أنّ هذا العميل يُفترض أن يكون على تواصل دائم مع مصطفى بدر الدين وأنّ بدر الدين في طبيعة الحال مسؤول مباشرة عنه، فمحمد شوربا هو أحد مسؤولي وحدة العمليات الخارجية في حزب الله.
إنّ تواصل محمد شوربا الكثيف مع بدر الدين وشخصيات أخرى في حزب الله تتهمها المحكمة أو تشكُّ في تورطها في اغتيال الحريري، يعني أنّ في إمكان «إسرائيل» تجنيد هذا العميل في هذه القضية بسهولة كبيرة.
وفي النهاية، فإنّ محكمة الحريري صوّبت على حزب الله بهدف تجريمه وتجميع داتا لإدانته وإدانة المتهمين الأربعة في الحزب وعلى رأسهم بدر الدين من أجل الوصول إلى إدانة رسمية له بأدلة تقنية أمام الرأي العام اللبناني فتصيب «إسرائيل» بذلك أكثر من عصفور بحجر واحد.
ما الذي يمنع المحكمة الدولية والتي تعاني من ضعف في الإقناع أو إثبات الاتهام والتي استدعت مروان حمادة للاستماع إلى إفادته علها تدعِّم الاتهام بشهود، حتى ولو بأدلة غير دامغة أو فارغة قانونياً من أي قيمة وغير متماسكة، أن تلجأ غداً إلى ما يمكن أن تستفيد منه تقنياً من العميل شوربا فيكون المشهد مروان حمادة سياسياً ومحمد شوربا أمنياً؟
الكاتب: روزانا رمال