إكس خبر- قبيل سفره الى آربيل في 20 من الشهر الماضي على رأس وفد من بطاركة الشرق، اعلن البطريرك الماروني بشارة الراعي استعداده للقاء الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله و”التكلم لغة واحدة لان لبنان في خطر”. وشكل اعلان البطريرك الراعي وقتها الرد العملي على دعوة السيد نصرالله التي اطلقها في مهرجان عيد الانتصار في 16 من الشهر نفسه لتشكيل جبهة وطنية والتحاور بين “حزب الله” وجميع اللبنانيين لمواجهة المد التكفيري ومحاصرته ومواجهته وتحصين الوحدة.
قبل إعلان الراعي استعداده للقاء نصرالله بيوم واحد ومنذ اسبوعين تقريباً، انعقدت اللجنة المشتركة بين “حزب الله” وبكركي وناقشت الاستحقاقات اللبنانية والتطورات الميدانية وانعكاسات تمدد “داعش” الى لبنان والقرى المسيحية البقاعية والحدودية وابعاد معركة عرسال وانعكاساتها على الوضع الامني على الحدود عامة وعلى البقاع خاصة.
لم يتطرق الجانبان الى اللقاء بين نصرالله والراعي كما لم يدخلا في ترتيبات اللقاء او تفاصيله او القضايا التي سيتطرق اليها رغم ان العنوان العريض والبارز هو مواجهة المد التكفيري عموماً و”الداعشي” خصوصاً.
ويأتي انعقاد اللجنة المشتركة بين بكركي و”حزب الله” بعد عودة البطريرك الراعي من فلسطين المحتلة وتسجيل الحزب تحفظاته وتمنياته على الراعي بعدم القيام بزيارة الاراضي المحتلة في هذا التوقيت ولما للامر من حساسية وخطورة، الا ان الحزب وبعد ترك وفده الرفيع ملاحظاته خلال زيارته الى الصرح ولقائه الراعي، صمت طويلاً فلم يعلق على مجريات الزيارة وما حصل خلالها من قضايا تحمل الاخذ والرد وتثير الحساسية وتلهب الاجواء ولا سيما ملف المتعاملين مع العدو من ميليشيا العميل انطوان لحد. وبعد عودة الراعي من الزيارة بقي الحزب وكل قيادته على صمتهم ولم يتطرق الى نتائج الزيارة وابعادها بعد انتهائها على اعتبار انه سجل تحفظه عند سيد صرح وطني، اذ لا تجد قيادة الحزب ان من المفيد خوض سجال مع سيده طالما ان هناك لجنة مشتركة وقنوات تواصل يمكن من خلالها توضيح وجهات النظر والتفاهم على القضايا الخلافية. وحتى هذه اللحظة لم يستجد في الملفات الخلافية بين بكركي وحزب الله منذ نشوء الحزب ما يمكن القول انه تبدل نوعي فكثير من المفاهيم السياسية التي تعني الجانبين يسودها الغباش من مفهوم لبنان وتأسيسه الى الصراع العربي الاسرائيلي وسلاح المقاومة وصولاً الى العلاقة مع سورية والمحيط العربي وليس انتهاءً بأزمة سورية وتدخل “حزب الله” الاستباقي فيها لمنع التمدد التكفيري الى لبنان.
ورغم كل ما تقدم يعتبر “حزب الله” ان الاختلافات السياسية بينه وبين بكركي تاريخياً لم تكن يوماً باباً للقطيعة او الشقاق او الخصومة لان الحزب يولي اهمية كبيرة للمرجعيات الدينية الاسلامية والمسيحية ولا يجد في قاموسه كلمة خصومة او سجال معها لاعتبارات تتعلق برؤيته ومفهومه وعقيدته. وعليه يعتقد الحزب ان اي دعوة الى الحوار والتلاقي مع بكركي او اي مرجعية لبنانية دينية او سياسية هي بادرة خير وتصب في إطار سياسة اليد الممدوة التي ينتهجها منذ تأسيسه ويسعى الى تكثيف حضوره في الآونة الاخيرة ومن ضمن دعوة التلاقي التي اطلقها السيد نصرالله اخيراً.
خلال لقاءاته الاخيرة مع المرجعيات الدينية والسياسية الاسلامية والمسيحية والعلمانية والقومية في بيروت وصيدا والجنوب وحتى البقاع لم يتلق “حزب الله” اية دعوات مسيحية لانشاء سرايا مقاومة مسيحية او لجان شعبية او طلب منه السلاح وتدريب المتطوعين، لكنه لمس هذا القلق من المد الارهابي والذي يهدد وجود المسيحيين في المشرق وسياسة اللامبالاة التي ينتهجها الغرب واميركا في مقاربة ملف الاعتداءات على المسيحيين وتهجيرهم واضطهادهم. ولمس ايضاً تقدير هذه القوى لدوره في مكافحة الارهاب وقراره الصائب بمواجهتهم قبل حتى ان تظهر حقيقة نواياهم ومقاصدهم الواضحة. وحرص الحزب خلال لقاءاته على تأكيد اهمية الوجود المسيحي في لبنان كشريك اساسي ومكون فاعل ودوره الرئيس في تأسيس لبنان الحديث وحرص ايضاً خلال لقاءاته على رفض التعرض للمسيحيين في سورية والعراق ولبنان وتهجيرهم على ايدي التكفيريين. ودعا الى إنشاء جبهة وطنية عريضة لمكافحة الارهاب وتمدده وهذا لا يحصل من دون قرار إجماع وطني يغلب على المصالح السياسية والفئوية والحسابات التي لا ترقى الى مستوى المرحلة والتحديات.
يؤكد حزب الله ايضاً في مجالسه الخاصة ان سياسية مد اليد والتحاور مع كل مكونات المجتمع اللبناني عموماً والمسيحي خصوصاً بموازاة تحصين الوحدة الاسلامية-الاسلامية كفيلة بمنع اي استثمار للفتنة او تأمين الغطاء السياسي او الحاضنة لكل ادوات التكفير. لان من دون هذه الوحدة الوطنية والقرار السياسي الجامع سيبقى الارهاب جاثماً في عرسال وسيبقى العسكريون المختطفون رهائن اجندات الجهات المشغلة لخاطفيهم الارهابيين.