إكس خبر- إنفصام سياسي وشعبي.. وسباق بين الرئيس المكلف وتفجير الشارع!، تحت هذا العنوان كتب غسان ريفي في “سفير الشمال” فقال:
يبدو أن الجميع يعيش حالة إنفصام سياسية وشعبية، فالرئيس المكلف حسان دياب يتحدث عن حكومة إختصاصيين وتكنوقراط وهو الآتي بأصوات تيارات سياسية قدمت الرئيس سعد الحريري قربانا لاصرارها على تشكيل حكومة تكنوسياسية.
الرئيس الحريري يعزف عن الترشح لرئاسة الحكومة، ثم يعمل جاهدا من أجل تكليفه، ويمتنع عن تسمية أي مرشح غيره “حردا”، ثم يستقبل الرئيس المكلف حسان دياب في بيت الوسط ويؤكد دعم مهمته، فيما أنصاره يجتاحون الشوارع في كل المناطق اللبنانية بهدف إسقاط دياب ودفعه الى الاعتذار.
الثنائي الشيعي يتمسك بالرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، ثم ينقلب عليه، ويسمّي حسان دياب ويؤكد العمل على تسهيل مهمته في التأليف، ويصرّ في الوقت نفسه على ضرورة تمثيله في الحكومة.
التيار الوطني الحر يصل في الزهد السياسي الى حدود إنكار الذات في دعم دياب تكليفا وتأليفا، لكنه يشترط ندى البستاني في وزارة الطاقة، وتسمية الوزراء المسيحيين، فيما يستعد رئيسه جبران باسيل للتحكم بالحكومة عن بُعد.
القوات اللبنانية إنقلبت تحت جنح الظلام على الحريري، وأكدت دعم توجه الحراك الشعبي الذي كان يتطلع الى تسمية السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة، لكنها في الاستشارات لم تسم أحدا، ما يؤكد حالة الضياع التي تتخبط فيها.
الحزب التقدمي الاشتراكي تخبط بين مقاطعة الاستشارات، وعدم المشاركة في حكومة يترأسها الحريري أو من يسميه نيابة عنه، ثم حضر الاستشارات وسمّى نواف سلام، مع إستمرار رفضه المشاركة في الحكومة.
لا يقتصر الانفصام على التيارات والأحزاب السياسية بل إنسحب أيضا الى الشارع المنتفض منذ 17 تشرين الأول الماضي.
فالحراك الشعبي طالب بداية باسقاط الحكومة، فاستقال الرئيس سعد الحريري، ليخرج من هذا الحراك من يعترض على إستهداف الموقع السني في البلد.
ثم طالب الحراك باستشارات نيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة من خارج الطاقم السياسي، ثم إعترض على نتائج هذه الاستشارات التي أسفرت عن تسمية حسان دياب داعيا في جزء منه الى العودة لتسمية الحريري.
على مدار 64 يوما رفع الشارع المنتفض الأعلام اللبنانية وأنشد للثورة والوطن، لكن عندما جرى حكّه طائفيا ومذهبيا، إنقلب على ثورته لمصلحة غريزته التي تحكمت به، فخرج بعضا منه ينادي لنصرة زعيمه ومذهبه في أعمال شغب عاثت فسادا في المدن والمناطق والشوارع وألحقت الأذى بالممتلكات العامة والخاصة، فضلا عن إطلاق النار والقنابل اليدوية وترويع الأهالي الذين كانوا أعطوا الصورة المشرقة والوطنية لهذه الثورة التي يبدو أنها بدأت بالذوبان بين “شيعة شيعة.. و”دم السنة عم يغلي غلي”.. و”لعيون العهد القوي”..
يمكن القول إن الثورة تقف اليوم عند مفترق طرق، فإما أن ينجح الغيورون في إنقاذها وإعادتها الى سلميتها وتنقيتها من كل الشوائب الطائفية والمذهبية التي علقت فيها، أو أن تتحول الى فوضى وشوارع متقابلة تستهدف بعضها البعض، وتواجه القوى الأمنية والعسكرية لتصل الى ما لا يُحمد عقباه.
في كل الأحوال، يبدو أن قرار إسقاط الرئيس المكلف حسان دياب في الشارع قد إتخذ، وبدأت مفاعيله تظهر من عكار مرورا بطرابلس وصولا الى بيروت، ما يجعله أمام سباق محموم، فإما أن يسارع الى إتمام مهمته في تشكيل حكومة يرضى عنها الشارع وتحدث صدمة إيجابية على المستوى الاقتصادي تحديدا وتنال ثقة مجلس النواب وتتحول الى أمر واقع، أو عليه أن يواجه شارع متفلت من أية ضوابط وأن يتحمل مسؤولية ما قد ينتج عنه من تداعيات قد تصل الى حدود الكارثة.