إكس خبر- – ما شهدته صنعاء من حمام دم أمس لم يكن قدراً مكتوباً، فالمعلوم أنّ التفاوض كان يجري على مسودّة حلّ شامل طالبت به القوى المعارضة، ووجهتها للحكم التابع للسعودية، وتبدأ من إلغاء قرار رفع الدعم عن المحروقات، وتنتهي بتشكل حكومة جامعة يتقاسمها مثالثة التيار الحوثي والحراك الجنوبي والمكونات الداعمة للسلطة الحاكمة، التي تتشكل من كبار التجار وزعماء بعض العشائر وبعض كبار الضباط، أو ما يسمى بشريحة المستفيدين.
– الضخ الإعلامي لوسائل ممولة من السعودية، لم ينفك من اليوم الأول للتحرك المعارض، يتحدث عن ربط ما يجري بأجندة خارجية، يقصد بها نفي أي صفة يمنية عن التحرك، على رغم أنه الأضخم في تاريخ اليمن، حتى بالمقارنة مع الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، والتهمة السعودية الجاهزة لكل معارضة في الخليج تنفيذ أهداف إيرانية بالسيطرة على الحكم.
– اللافت أن مطالب الحوثيين المتصلة بالمشاركة بالحكم، حازت قبولاً مبدئياً من السلطة الحاكمة، وتتالت العروض بحقائب سيادية عليها، وبقي على رغم كل ذلك التراجع عن إلغاء الدعم عن المحروقات موضوع خلاف رئيسي، حيث وصلت السلطة التابعة للسعودية للتنازل عن ربع القيمة فقط، من دون العودة إلى ما كانت عليه قبل بدء التحرك في الشارع، كما تطالب المعارضة.
– السؤال البديهي هو، أين تكمن الأجندة الإيرانية؟ هل هي بعودة أسعار المحروقات في اليمن إلى ما كانت عليه التي رفضت، أم بالشراكة بالحكم التي قبلت، بما يذكر تماماً بالاتهامات الموجهة للمقاومة في لبنان، بأن سلاحها خطر على السلم الأهلي وعليها تسليمه، وثم إرسال العروض التي تقول للمقاومة، لا نريد سلاحكم الفردي ولا المتوسط بل السلاح الثقيل فقط، والمعلوم أن سلاح الحرب الأهلية هو الخفيف والمتوسط، وسلاح الردع لـ»إسرائيل» هو الصواريخ، وفي اليمن يقولون للمعارضة خذي مكاسب فئوية لك في السلطة، لكن، لا تتمسكي بمكاسب الناس.
– المقصود من التعنت السعودي هو منع التيار الحوثي الذي يقود هذه المعارضة، من التحول إلى زعيم للحركة الشعبية العابرة للمناطق والطوائف، عبر نجاحه بتحقيق مكاسب لعموم الشعب اليمني، بل يجب تصويره مجرد طالب سلطة، وإن تنبه ورفض، فلتكن المذبحة والدماء وإطلاق النيران.
– مذبحة صنعاء تزيد المشهد تعقيداً وتوضح أن اليمن ذاهب لمزيد من التصعيد، وأن القرار السعودي يشمل ما هو أبعد من اليمن، في البحرين أيضاً، والمعارضة في المناطق الشرقية للسعودية، والرسالة هي، لا تنازل يقدم لهذه المعارضة يظهرها كقوة سياسية وطنية عقلانية سلمية، لأنها ستجد حلفاء لها في سائر الطوائف والمناطق وتنتهي مخاطر الفتنة، التي تشكل سلاح حكام السعودية للدفاع عن عرشهم.
– المطلوب معارضة فئوية مذهبية تحصر طلباتها بمكاسب سلطوية ومادية، وتنسى هموم شعبها، أو معارضة تستدرج للمواجهة الدموية لتتم قسمة الشعب على أساس الخنادق الطائفية.