“رفيق الحريري استشهد قبل 6 سنوات لأنه قال لا، لا لتسليم لبنان وقراره ومصيره، لا لتغيير حقيقة لبنان وللنظام الأمني وللتخلي عن دستور الطائف وعن المناصفة التامة، وقال لا لتغيير لبنان العربي الديمقراطي الحر السيد المستقل، قال لا فقتلوه في 14 شباط”.
بهذه الكلمات إستهل رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري كلمته من البيال في الذكرى السادسة لإستشهاد والده ورئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، مذكرا “بمئات الآلاف مسيحيين ومسلمين ليقولوا بدورهم لا للظلم ولإغتيال ولا للوصاية وللنظام الأمني بهدف تغيير وجه لبنان كما يريده اللبنانيون، فانتصروا قي 14 شباط 2005”.
وأضاف:” أحتفظ بصورورتين صورة لوالدي الذي استشهد في 14 شباط 2005 وصورة للحشود في ساحة الحرية يوم 14 آذار 2005، وعندما قالوا ل، إنزع هاتين الصورتين لكي نسمح لك في البقاء في رئاسة الحكومة وتبقى فيها ما أردت، كان جوابي هذه هي جذوري وعنها لن أتخلى”.
وإذ شدد على أن المحكمة الدولية ليست أميركية ولا فرنسية ولا إسرائيلية، أكد الحريري أن “المحكمة لا تستهدف فريقا أو طائفة، إنما تمثل أعلى درجات العدالة الإنسانية”، مؤكدا أنها ستنزل القصاص فقط بالقتلة الإرهابيين الذين استهدفوا قافلة من الشهداء وعلى رأسهم الحريري.
وعليه، أوضح أن المحكمة وفق نظامها الأساسي ستوجه التهمة إلى أفراد وليس الى طائفة أو حزب، لافتا الى أن” إذا أراد أحد أن يضع نفسه في خانة المتهمين فهذا خياره وطريق يختاره بنفسه، مجددا دعمه لقرارها وحكمها.
وأردف:”هذا البلد تعبير عن شراكة يسهل بناؤها على الصدق، لكننا في كل مرة قوبلنا بالخديعة وأخذ صدق نيتنا على أنه نقطة ضعف وعلامة خوف حتى عندما شكلنا حكومة وحدة وطنية بعد الإنتخابات الأخيرة عندما انتصرتم فيها واعتبر شريكنا أنه سيكون شريكا دون مسؤولية، تحملنا التعطيل والإعاقة”، مذكرا أنهم لم يستخدموا يوما السلاح، ولم يتحملوا مسؤولية نقطة دم واحدة.
وقال:”لم ننسحب من حكومة ولم نعطل حوارا ولم نزور إرادة شعبية”، موضحا أنه “حتى عندما وافقنا في البيان الوزاري على معادلة الجيش والشعب والمقاومة، لأننا نعتبر أن الدولة حاضنة للجميع والجيش مكون من أبناء الشعب وأن المقاومة في خدمة لبنان، وليس لبنان خاضعا بجيشه وشعبه ودستوره لخدمة السلاح بحجة المقاومة”.
وفي هذا السياق، رفض الحريري السلاح و الخضوع إليه ،عندما يصبح وسيلة لإستفزاز اللبنانيين في استقرارهم وأمنهم ليختاروا الباطل على الحق، وعندما يوجه لصدورهم وليمارس الضغط على النواب” واصفا السلاح الموجه اللبنانيين بسلاح الفتنة.
وتابع:”السلاح الموجه لصدور اللبنانيين هو سلاح الفتنة، والفتنة لا تخدم سوى إسرائيل”، مجددا القول أنهم في مقدمة من يقاتلها في سبيل الدفاع عن الأراضي المحتلة في الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
وقال الحريري:” نحن اليوم في المعارضة التي تستند الى التزام الدستور، والالتزام بالمحكمة الخاصة بلبنان والالتزام بحماية الحياة العامة والخاصة في لبنان من غلبة السلاح”، في اشارة الى سلاح حزب الله”.
وعن القضية الفلسطينية، أكد الحريري دعمه للقضية الفلسطينية ولحقهم بالعودة للدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، شارحا أن “السلاح مسألة خلافية على طاولة الحوار تتصل بالإستخدام المتمادي في هذا السلاح في وضعه على طاولة الشراكة الوطنية أمام كل صغيرة وكبيرة”.
الى ذلك، أشاد الحريري بتبني قوى 14 آذار ببيان دار الإفتاء في ذكره الأطماع والتجاوزات والغلبة بالسلاح لإخضاع الآخرين، مؤكدا أن هذه المسألة ستبقى في سلم أولويات الإاستقرار الوطني.
وأضاف:” لن نسلم لإبقاء السلاح مسلطا على الحياة السياسية في لبنان، وهذا أول الكلام ولن يكون آخره”.
كما توقف الحريري عند موضوع علاقته بسوريا وقال:” نعم أنا ذهبت إلى سوريا بصفتي رئيسا للحكومة وابن رفيق الحريري”، لافتا الى أن كل ما أراده هو مصلحة لبنان العليا في العلاقات مع دولة عربية هي الجار الأقرب للبنان.
وعليه، أكد أن زيارته الى سوريا لم تكن بهدف الإستعانة بها على أبناء البلد ولللبقاء في السلطة، بل “للبحث عن مصلحة لبنان، التي تبدأ بحسن العلاقة مع الشقيق الأقرب والعرب وكل العالم”.
وحول مبادرة الـس – س قال الحريري أن سوريا جزءا من الـس.س ، وحتى اليوم ألزمت نفسي الصمت بشأن ال “س.س” لأن من يريدها أن تنجح لا يسرب لكنني سأتكلم”.
وفسر”كانت المبادرة قائمة على فكرة واحدة أننا مستعدون للمشاركة في مؤتمر مصالحة وطنية يتصالح فيه كل اللبنانيين ، مؤتمر يعقد في الرياض برعاية الملك السعودي وبحضور الرئيس اللبناني والرئيس السوري وعدد من الرؤساء العرب ، وقادتهم وبحضور الجامعة العربية يؤدي إلى مسامحة شاملة لكل الماضي”.
وأردف:”، الس – س ، كانت لمصالحة الجميع دون إستثناء، تصبح بعدها تداعيات القرار الإتهامي مسؤولية وطنية جامعة”. كاشفا أن “هذا هو أساس الـس.س ، الذي كان في تفاصيله إعلاء مصلحة الدولة على أراضيها”.
وفي السياق عينه، إعترف الحريري أنه أخطأ، لافتا الى “أنهم فاوضوا بصدق وأمانة من أجل مصلحة لبنان، لكنهم قوبلوا بطلب الإستسلام لا المصالحة من قبل من لا يريدون حوارا.
وكشف أن من أنهى الـس.س ، لا يريد المصالحة الشاملة، معلنا أن لا عودة لهذه المبادرة أبدا.
كما توجه الحريري ” الى الذين لديهم إلتباس أو يحبون أن يكون لديهم إلتباس بأنني وقعت على التخلي عن المحكمة بالتأكيد أن “لديه قلمين: قلم جبران التويني وسمير قصير وأمامي عقدان عقد بيار أمين الجميل وعقد وليد عيدو فبأي من القلمين أوقـع وأياً من العقدين أمزق” ، معتبرا أن السلطة هي آخر ما يستحق التنازل عن شيىء من أجله.
وحول مفهوم الوسطية، رأى الحريري أن “الوسطية كما نفهمها هي الإعتدال في مواجهة التطرف و البحث عن
تسويات بين حقيقتين لأجل مصلحة لبنان، متوجها بالشكر الى من يعتقدون أنهم تمكنوا مني بغدرهم ، معتبرا أنهم حرروه وسمحوا له بالعودة إلى جذوره.
وقال:”لا وسطية بين السيادة والوصاية، ولا وسطية بين عروبة لبنان وزجـه في محور إقليمي لا علاقة له لا بالعروبة ولا بلبنان، والأهم الأهم، لا وسطية بين الصدق والخديعة، وبين العهد المقطوع والخيانة”.
وخلص الحريري مطالبا بالإتزام الدستور و المحكمة الخاصة بلبنان، و حماية الحياة العامة والخاصة من غلبة السلاح، مؤكدا عودتهم الى عائدون إلى طريق الثوابت الأساسية التي رسمها الشعب اللبناني من كل الطوائف والفئات في 14 آذار 2005 .
وختم بالقول نحنا نازلين بـ 14 آذار لنقول لا.. لا لتزوير إرادة الناخبين، لا لخيانة روح العيش المشترك، لا لتسليم القرار الوطني،لا .للوصاية الداخلية المسلحة، لا لنقل لبنان على محور ما بدن ياه اللبنانيين، لا لتغيير نظام حياتنا،لا حلمنا ما بيموت، لا للفساد، لا للسرقة، لا للخوف، ولأ وألف لأ ومليون لأ للقهر والظلم والجريمة”.
وبكلمة الحريري التي كانت الأخيرة في المناسبة تكون قد أحيت قوى 14 آذار الاثنين الذكرى السادسة لاغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري بمهرجان سياسي في مجمع “البيال” وسط بيروت.
وكانت قد اكتملت التحضيرات اللوجستية حيث وزعت أكثر من 8000 بطاقة دعوة، وارتفعت شاشات عملاقة في الصالة، بينما يتولى 150 شاباً وشابة الاستقبال والتنظيم.
وقد صرح المنسق العام لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد أمس لـ”وكالة الصحافة الفرنسية”، ان “الكلمة التي سيلقيها سعد الحريري في المؤتمر الذي تعقده قوى 14 آذار اليوم ستحدد الانعطافة السياسية والعناوين الجديدة للمرحلة المقبلة”.
وأوضح أن الحريري “سيعبر في كلمته عن الانتقال من موقع التسوية الى موقع المعارضة الواضحة”. وذكر أن أبرز عناوين المرحلة كما سيحددها الحريري يتمثل في “حماية المحكمة الخاصة بلبنان ورفض السلاح داخل لبنان، وذلك عبر مقاومة مدنية سلمية ديموقراطية تؤكد حق اللبنانيين في تقرير مصيرهم وتواجه تحكم سلاح غير شرعي بعملية بناء الدولة”.
وكُلِّفَ نجيب ميقاتي في 25 كانون الثاني تشكيل حكومة جديدة بعد أن خسرت قوى 14 آذار الاكثرية داخل البرلمان للمرة الاولى منذ 2005، نتيجة تغيير عدد من النواب مواقعهم السياسية، الامر الذي تعزوه قوى 14 آذار الى “انقلاب” نفذه حزب الله “مستقويا بسلاحه وبدعم سوريا وإيران”.
يشار إلى أن رفيق الحريري قد قتل و22 شخصا آخرين في عملية تفجير في 14 شباط 2005، ما اطلق موجة عارمة من التظاهرات ادت في موازاة ضغط دولي، الى انسحاب الجيش السوري من لبنان بعد حوالى 30 عاما من الوجود العسكري والنفوذ السياسي الواسع.