من منا لم يشعر في يوم من الأيام بألم في عينيه، ربما بسبب الارهاق أو الصداع، لكن اذا استمر الألم لابد من مراجعة الطبيب فقد يكون اشارة إلى أمراض أخرى لا علاقة لها بالعين نفسها.
آلام العين من الاعراض الشائعة، ويمكن تقسيمها الى آلام ناتجة من أمراض في العين نفسها، وأمراض في محجر العين، أو أمراض الصداع المزمن مثل الصداع النصفي أو الشقيقة. وقد تتشابه الأعراض بشكل كبير بحيث يصبح من الصعب تحديد مصدر الالم. ولا تدل آلام العين في كثير من الاحيان على مشكلة في العين نفسها، انما تكون احد أعراض مشاكل اخرى مثل التهابات محجر العين والعصب البصري، وفي أوقات كثيرة الصداع النصفي (الشقيقة) وأنواع أخرى من الصداع المزمن.
حول أسباب آلام العين التقينا الدكتور رائد بهبهاني، استشاري أمراض أعصاب العين وجراحة الجفون التجميلية ومحجر العين.
• أسباب آلام العين مختلفة، فما الأسباب المتعلقة بالعين نفسها؟
– هناك العديد من الاسباب أذكر هنا أهم ثلاثة منها:
1 – أمراض القرنية
تعتبر أمراض القرنية أحد الأسباب الرئيسية لآلام العين الحادة. ومن أهمها وأكثرها شيوعا مرض جفاف العين المزمن الذي يسبب آلاما حادة مصحوبة أحيانا باحمرار أو الاحساس بوجود جسم غريب في العين.
وتعالج هذه الحالة باستخدام القطرات المرطبة وأحيانا عن طريق اغلاق فتحة القناة الدمعية في الجفن الأسفل، وفي الحالات الشديدة تستخدم قطرات مضادة للالتهاب.
ومن الأسباب الاخرى الجروح والخدوش التي تحدث للقرنية عند الذين يضعون العدسات اللاصقة، أيضا الالتهابات الجرثومية في القرنية والناتجة من استخدام العدسات اللاصقة بشكل خاطىء قد تسبب تقرحا والتهابا خطيرا قد يؤثر على القرنية ويستدعي علاجا مكثفا باستخدام قطرات المضادات الحيوية.
كما ان الالتهابات الفيروسية قد تسبب التهابا في الملتحمة والقرنية وتظهر على شكل احمرار شديد في العين مع افرازات وتكون معدية بشكل كبير. كذلك فيروس الهربس الذي يسبب تقرحات في الفم والشفتين قد يسبب التهابا في القرنية يستدعي العلاج بالقطرات الخاصة المضادة للفيروسات.
2 – ارتفاع ضغط العين الحاد
يسبب ارتفاع ضغط العين الحاد ألما في العين مصاحبا بشعور بالغثيان وعدم وضوح في الرؤية. ويحدث هذا في الليل عادة نتيجة توسع البؤبؤ وارتخاء القزحية بشكل يسبب انسدادا في زاوية العين التي يجري من خلالها امتصاص السائل الذي يحوم في مقلة العين، فيؤدي احتباس السائل الى ارتفاع ضغط العين بشكل حاد.
وفي بعض الأحيان قد تساهم قطرات توسيع بؤبؤ العين التي تعطى للفحص بحدوث هذه الحالة. ويجري العلاج عن طريق الأدوية والقطرات التي تخفف ضغط العين، وعملية ليزر تجري بشكل عاجل للمريض.
3 – التهاب القزحية
التهاب القزحية يسبب ألما في العين مع حساسية شديدة للضوء، ويحدث هذا الالتهاب عادة في الاشخاص صغيري السن الذين قد يعانون أحيانا من أمراض مناعية أخرى مثل التهابات المفاصل والأمراض الجلدية. ويعالج التهاب القزحية عن طريق استخدام قطرات الكورتيزون المكثفة تحت اشراف طبيب مع اجراء فحوصات لمعرفة أسباب التهاب القزحية واستبعاد أمراض مناعية أخرى.
محجر العين
• ماذا عن الأسباب المتعلقة بمحجر العين؟
– سأذكر منها أهم سببين:
1 – التهابات محجر العين
التهاب محجر العين قد يسبب ألما في العين مع احمرار وجحوظ فيها، وأحيانا انخفاضا في الرؤية مع ازدواجية فيها، وقد يواجه المريض صعوبة في تحريك العين أو فتح الجفون.
اذا كانت هذه الأعراض مصاحبة بارتفاع بدرجة الحرارة وضعف أو تعب شديد فمن المحتمل أن يكون التهاب المحجر هذا جرثوميا ناتجا من التهاب مزمن في الجيوب الأنفية. وفي هذه الحالة يجري العلاج عن طريق اعطاء المضادات الحيوية مع اجراء أشعة مقطعية عاجلة. واذا لم يكن هناك ارتفاع في الحرارة، يكون هذا الالتهاب عادة التهابا مناعيا قد يؤثر على المحجر بشكل عام أو أجزاء منه مثل عضلات العين، والصلبة (الغشاء الأبيض المحيط بالعين) أو الغدة الدمعية الموجودة في أعلى محجر العين.
العلاج في حالة التهاب محجر العين المناعي يكون بشكل عام عن طريق اعطاء الكورتيزون اما عن طريق الحبوب أو الابر في الحالات الحادة لمدة أشهر مع تخفيف الجرعة بشكل دوري. في الحالات المزمنة قد يستدعي الأمر استخدام الأدوية المثبطة للمناعة كبديل للكورتيزون لتجنب مضاعفات هذا الاخير.
ومن الاسباب الاخرى المهمة لالتهابات محجر العين مرض زيادة نشاط الغدة الدرقية، وغالبا ما يكون المريض يعاني من أعراض أخرى ناتجة من اختلال نشاط الغدة مثل التوتر، انخفاض الوزن، العرق المفرط، أو ازدياد سرعة ضربات القلب. لكن قد تكون هذه الأعراض غير موجودة والمشكلة الرئيسية هي في محجر العين.
2 – التهاب العصب البصري
غالبا ما يسبب التهاب العصب البصري ألما في العينين خاصة عند تحريكهما مع انخفاض حاد في الرؤية. وسبب التهاب العصب البصري هو زيادة نشاط الجهاز المناعي للجسم، حيث إنه يلعب دورا مهما في مقاومة الأمراض والبكتيريا، لكنه يصبح أحيانا نشطاً لأسباب غير معلومة ويبدأ بمهاجمة الجسم نفسه وفي هذه الحالة العصب البصري.
في معظم الحالات سوف يتحسن الامر خلال أسبوع واحد والنظر خلال 4 إلى 6 أسابيع، ويكون العلاج في استخدام الكورتيزون عبر الوريد متبوعاً بحبوب الكورتيزون لفترة أسبوعين ما يسرع الشفاء.
من الجدير بالذكر ان التهاب العصب البصري قد يكون العرض الأول لمرض التصلب المنتشر اذ من المحتمل أن طبيبك أجرى أشعة رئيس مغناطيسي لدماغك، إذا أظهر الرنين المغناطيسي التهابات في الجهاز العصبي المركزي فإن هذا يعني أن احتمالية اصابتك بمرض التصلب المتعدد في المستقبل أعلى من الشخص العادي. قد يستشير طبيبك اختصاصي مخ وأعصاب لمناقشة سبل العلاج التي قد تمنع حدوث انتكاسات في المستقبل.
الصداع النصفي المزمن
عن الأسباب التي مصدرها الصداع المزمن استطرد الدكتور رائد بهبهاني قائلا:
– من أهم أسباب آلام العين التي قد تكون في معظم الاحيان مصاحبة لصداع أو حتى اضطراب في الرؤية، الصداع النصفي أو الشقيقة. هذه النوبات من آلام العين أو الصداع تصاحبها أو تسبقها أعراض بصرية غالبا ما تظهر على شكل أضواء ملونة أو ومضات من ضوء تظهر الى جانب واحد، وتستمر ما بين 10-30 دقيقة، يليها ألم في جانب واحد قد يتركز حول العين مع الغثيان والقيء، وحساسية مفرطة للضوء، وهذا النوع من الصداع يسمى الصداع النصفي الكلاسيكي.
ولعل الأكثر شيوعا هو الصداع النصفي الذي يسبب صداعا على كلا الجانبين من الرأس. وهو يحدث في ما لا يقل عن 15-20 % من الناس، وربما ما يصل الى 50 % في النساء. وفي حالات كثيرة يكون الألم متركزا فقط في العين الواحدة أو الاثنتين، وعلى شكل نبض من غير وجود صداع في أجزاء أخرى من الرأس.
يمكن للألم أن يستمر من ساعات إلى أيام مع وجود الأعراض البصرية التي عادة ما ترى في كلتا العينين، ولكن في كثير من الأحيان إلى جانب واحد، وتتكون غالبا من بقعة بيضاء أو متوهجة ترى من جانب واحد من ثم تتوسع إلى جانب واحد. وغالبا ما توصف هذه البقع المتوهجة انها تأخذ شكل موجات متعرجة أو وميض كالذي يتبع التعرض لضوء شديد أو كموجات السراب التي ترى في الحر الشديد.
حدوث هذه الأعراض من غير صداع أحيانا قد يسبب قلقا للمريض حيث قد يعتقد المريض، والطبيب غير المتخصص أحيانا، بوجود مشكلة داخلية في العين مثل انفصام الشبكية أو أمراض أكثر خطورة مثل الجلطات الدماغية. لكن مع أخذ التاريخ المرضي والتشخيص الدقيق يمكن تشخيص هذه الحالة بسهولة وطمأنة المريض.
في معظم الحالات يكون التاريخ المرضي كافيا للتشخيص، لا سيما إذا كان هناك تاريخ عائلي، وإذا كانت النوبات تحدث بشكل متشابه ومتكرر حيث إن هذه النمطية تساعد كثيرا في التشخيص.
عند حدوث تغير في هذه النمطية مثل تغير في شدة الألم أو مدته، أو حدوث النوبة الأولى في سن كبيرة نسبيا، أو حدوث فقدان ثابت للرؤية، فمن المهم اجراء مزيد من الفحوصات مثل أشعة التصوير بالرنين المغناطيسي لاستبعاد أمراض أخرى مثل الجلطات الدماغية أو أمراض الأوعية الدماغية في المخ.
• يقال ان للطعام أيضا علاقة بالصداع النصفي، فهل هذا صحيح؟
– هناك العديد من الأغذية التي قد تزيد من نوبات الصداع النصفي. وتشمل هذه الجبن والنترات (غالبا ما توجد في اللحوم المعالجة والمستخدمة في الأطعمة المجهزة)، والشوكولاتة، وجلتاميت أحادية الصوديوم (محسن نكهة كثيرا ما يوجد في الطعام الصيني)، والكافيين.
وبالنسبة للمرأة تقترن التغيرات الهرمونية عادة مع تغير في حلقات الصداع النصفي. وهذا ينطبق بشكل خاص على الحمل، وحبوب منع الحمل، حيث ان نوبات الصداع النصفي قد تترافق مع فترات الطمث أو انقطاع الطمث.
وغالبا ما يشتكي مرضى الصداع النصفي من ازدياد نوبات الألم مع الضغط النفسي.
العلاج
• كيف يمكن علاج الصداع النصفي؟
– ينقسم العلاج الى نوعين: علاج نوبات الألم الحادة والعلاج الوقائي لمنع نوبات الألم المتكررة في المستقبل. ويكون علاج النوبات الحادة عن طريق تناول الحبوب المسكنة المضادة للالتهاب مثل الاسبرين او الايبوبروفين واحيانا تناول حبوب تحت اللسان مثل الاميتريكس.
اما بالنسبة للعلاج الوقائي، فيمكن اتباع تغييرات بسيطة في نمط الحياة تساهم في الابتعاد عن المؤثرات والمسببات التي تزيد من هذه النوبات. وقد يشمل ذلك الابتعاد عن المواد الغذائية والمواد البيئية مثل العطور، والأدوية مثل حبوب منع الحمل.
ومن أبسط الأدوية للعلاج الوقائي اخذ الأسبرين مرة واحدة يوميا اذ قد يكون لهذا تأثير على وتيرة الصداع النصفي. ومن الأدوية الوقائية الأخرى مضادات بيتا وقنوات الكالسيوم، لكن من المهم الاستفسار عن الاثار الجانبية لهذه الأدوية واستخدامها فقط بعد استشارة الطبيب.