قالت صحيفة ديلي تلغراف إن انسحاب اللحظة الأخيرة الذي قامت به القوات الكردية بعد اجتماع القوات والمليشيات العراقية جنوب كركوك تمهيدا لقتالها بسبب الاستفتاء الأخير على الانفصال جنّب العراق حربا طويلة ودامية بين الطرفين.
وبدلا من ذلك، انسحب الأكراد من كركوك بطريقة سلمية بعد عقدهم اتفاقا مع الحكومة المركزية، ولم يقف الأمر على كركوك فقط، فقد سلمت سهول نينوى، موطن ما تبقى من مسيحيي العراق، وسنجار وأرض الإيزيديين لسيطرة الحكومة الفدرالية. وتساءلت الصحيفة عن سبب ذلك.
ورأى كاتب المقال غاريث براون أن السبب يكمن في السياسة الداخلية الكردية؛ فحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي احتل معظم هذه المناطق، هو منافس أصغر للحزب الكردي الرئيسي، الحزب الديمقراطي الكردستاني، الأقل ماركسية، وله علاقة وثيقة بالولايات المتحدة.
وبعقد صفقة مع بغداد كان الهدف هو أخذ الحزب الديمقراطي الباكستاني على حين غرة، وربما كسب المزيد من المساومة مع الحكومة المركزية في المستقبل، ولهذا كان الحزب الديمقراطي الكردستاني غير مسرور، وقد وصم الاتحاد الوطني الكردستاني بالخائنين لقضية الاستقلال الكردي.
وأضاف الكاتب أن الحزب الديمقراطي الكردستاني ليس هو الغاضب فقط، فبعض المعلقين، سواء في العراق أو خارجه، يشعرون بالقلق إزاء تراجع الأكراد لأنهم يعتقدون بأن هذا التراجع يمثل آخر تثبيت للنفوذ الإيراني في البلاد، والعديد من القوات التي احتلت الأراضي المهجورة هي المليشيات الشيعية التي تدعمها إيران وتستخدمها وكيلا لها.
وتوقع ألا تؤدي هذه الصفقة إلى زيادة النفوذ الإيراني، بل ستوهنه على المدى الطويل، وأن حيدر العبادي هو الشيء الوحيد الذي يبقي إيران خارج مكتب رئيس الوزراء العراقي، وهو يمثل الحاجز الأخير أمام سيطرة طهران المطلقة على العراق؛ ولهذا يجب على بريطانيا والولايات المتحدة أن تدعماه بكل ثقلهما، لأن ما يحدث في المنطقة له عواقبه المؤثرة فيهما داخليا، ومن ثم فإن فك الارتباط ليس خيارا.
وفي السياق، لخص مقال بصحيفة غارديان الأزمة الحالية بأن أكراد العراق بالغوا في إثبات قدرتهم، وأن الحل الوحيد هو تسوية تفاوضية تحقق الاستقرار.
وقالت الصحيفة إن الاستقرار طويل الأجل في كركوك يتطلب تسوية سياسية، وأن هناك حاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى التفاوض بشأن مستقبل الأراضي المتنازع عليها، وقد آن الأوان لإعادة النظر في فكرة وضع خاص لكركوك، مع تقاسم السلطة بين مختلف الطوائف، وأضافت أن مستقبل كركوك يجب أن يحدد من خلال السياسة والتوفيق وليس بالقوة.