محمد علوش – تحرك الرأي العام باتجاه الضغط على قرار مجلس الوزراء القاضي بتغيير تصنيف قسم من المنطقة الارتفاقية التاسعة، أيحرش بيروت، إلى المنطقة الرابعة، ما يعني تحويل هذا القسم من منطقة يُمنع البناء فيها، الى منطقة عقارية يُسمح فيها البناء، ووصل البعض الى فكرة مفادها، أن ناطحات السحاب ستغزو حرش بيروت. من هنا سنحاول إطلاع الرأي العام على حقيقة العقار 1925 وما يحويه.
يمتد هذا العقار المعروف بـ”حرش بيروت”، من شمال الطريق من مستديرة الطيونة حتى مستديرة شاتيلا على مساحة 506199 مترا مربعا، ومن يعرف المنطقة جيدا، يظهر له الحجم الضخم لهذا العقار، تقول مصادر مطلعة على هذا الملف. وتشير المصادر الى أنه قد شهد “تغييرات” كثيرة منذ ما يزيد عن 40 عاما، ويضم: مدافن للطائفة السنية، مدافن روضة الشهيدين للطائفة الشيعية، مسجد الامام الصادق الذي انشىء بقرار من مجلس بلدية بيروت حمل الرقم 202 تاريخ 15 كانون اول 1983 وجاء فيه: “تخصيص قسم من العقار رقم 1925-المزرعة، ملك بلدية بيروت للجمعية الخيرية الثقافيةمحمد مهدي شمس الدين”، ومعه مدرسة الضحى ومعهد للادارة والاعمال تعمل على بنائه اليوم الجمعية الخيرية الثقافية بعد مرسوم صدر لهذه الغاية في 17 حزيران 2009، منشأة عبد الهادي الدبس للتنمية الفكرية والتي تأسست عام 1974 لخدمة الأشخاص ذوي الاحتياجات العقليّة والتابعة الى مؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان (جمعية المقاصد) بقرار من المجلس البلدي، واخيرا في زاوية العقار لناحية الغبيري مبنىكشافة الرسالة الاسلاميةالذي أنشىء عام 1983، وشُرّع بقرار بلدي رقم 101 تاريخ 23 – 11 – 1995 قضى بتخصيص قسم من العقار 1925 المزرعة، ملك بلدية بيروت لجمعية كشافة الرسالة الاسلامية (حركة أمل).
اذا ما نحن بصدد التركيز عليه اليوم هو تلك القطعة من العقار المبيّنة باللون الاحمر في الصورة والتي يدور حولها الجدل، اذ أن شقّ اوتوستراد طريق المطار-الطيونة (اللون الأصفر)، وانشاء اوتوستراد السيد هادي نصر الله عام 1997 (اللون الأزرق)، قسّما العقار 1925، فأصبح هذا الجزء الذي نتحدث عنه منفصلا عن حرش بيروت الذي بقي متمركزا بين ثلاث جادات “حميد فرنجية”، “عمر بيهم” و”جمال عبد الناصر”، وأصبحت هذه المنطقة منفصلة حتى عن بيروت ولو انها متصلة بها عقاريا، والدليل هو أنها خاضعة لسلطة شرطة بلدية الغبيري التي تتواجد في شوارعها، ولا يزورها شرطي واحد من شرطة بلدية بيروت.
الى جانب القسم باللون الاحمر يقع العقار الملوّن بالأخضر ويحمل الرقم 2639، ويفصل شارع عارف النعماني بين العقارين، وهو ملك بلدية بيروت أيضا ويخضع لنفس القيود المفروضة على العقار 1925 لناحية البناء وغيره، وتقارب مساحته الـ10 الاف متر مربع، وقد قسّمت البلدية العقار منذ فترة بين الطائفتين السنية والشيعية بحيث نالت الاولى ثلثي العقار والثانية ثلثه، فقامت الطائفة السنية باستحداث مدافن لها في تلك المنطقة نظرا لاكتظاظ مدافنها، وبنت جمعية آل هونين الاجتماعية مجمّعا لها بالاضافة الى مدافن خاصة للطائفة الشيعية.
بعد تسوية أوضاع الانشاءات في هذه البقعة من العقار 1925، ظلّ مبنى جمعية كشافة الرسالة الاسلامية (الموجود ضمن المربع الأحمر في أسفل الصورة)، البعيد عن حرش بيروت حوالي الكيلومتر، وحيدا دون تشريع، لذلك عمل المعنيون في الجمعية على تشريع وجودهم ووضعهم، خصوصا بعد ان اصبحت حال البناء سيّئة بسبب مرور الزمن وما مر عليه من أحداث وحروب.
بعد التدقيق في “هوية” الإنشاءات المبنية منذ عشرات السنوات في هذا القسم من العقار 1925، ومشرعة بموجب قرارات بلدية ومراسيم وزارية، يتبين أنها بأكملها إنشاءات “دينية” و”ثقافية” و”اجتماعية” وغير سكنية، فهل كان يمكن مثلا رفع التعدي عن عقار الحرش عبر “إزالة” المدافن أم اسناد المسؤولية قانونيا لإدارة الأوقاف المعنية؟، أو “تهديم” المساجد، أو مباني جمعيات؟ أم من الأفضل تشريع الوجود وقوننته في هذا القسم من العقار المنفصل عن حرش بيروت تماما؟.
تقول مصادر في بلدية بيروت أن تقسيم العقار 1925 الى عدة عقارات قد يكون حلا مستقبليا يجعل منه منفصلا عن باقي العقارات، مشيرة في حديث لـ”النشرة” الى أن عمليات الفرز تستغرق وقتا طويلا، مؤكدة أن “افتعال” حروب وهميّة واعلاميّة لن تغيّر من الحقيقة على الأرض والتي تظهر بوضوح امام من يعرف بجغرافية بيروت.
اذا، يمكن اعتبار المستوصف العسكري المصري هو البناء الوحيد الموجود ضمن العقار الفعلي لحرش بيروت ومن دون مسوّغ قانوني، أما بالنسبة لباقي أقسام العقار فالحل الامثل يكمن بفصلها عن الحرش لحمايته.