إذا سألت مواطنا بسيطا عن زيارة خادم الحرمين الملك سلمان لمصر,فستجد كلمات متعجلة لاهثة تحمل الحب والتقدير
والامتنان لبلاد الحرمين الشريفين,بالطبع مبعث التقدير ليس دينيا فحسب كون زيارة الضيف الكبير تحمل نسائم عطرة من الأراضى المقدسة ولكن اعترافا أيضا بمواقف العزة والشهامة التى طالما كللت المواقف السعودية من مصر منذ قيام المملكة. لن تجد مصريا يضع يده على قلبه كما اعتاد أن يفعل كلما سمع عن زيارة رئيس دولة للقاهرة، وما يستتبع ذلك من إجراءات أمنية مشددة وإغلاق طرق وطوارئ تحبس الناس فى الشوارع لساعات,فالضيف هذه المرة استثنائى يحل أهلا وسهلا ،ومواقف بلاده تحفظ لها عند المصريين رصيدا هائلا من الحفاوة والتكريم.
لن نتطرق إلى ما ستتضمنه الزيارة من بروتوكولات وقضايا للتباحث واتفاقيات للتوقيع,فالأهم هو الإشارات القوية التى ترسلها قمة القاهرة لكل الشامتين داخل الوطن العربى والغربى على السواء,من تصوروا أن عهد «السيسى ـ سلمان» أطاح بوشائج لم تنقطع يوما بين البلدين,أو تخيلوا أن التباين فى وجهات النظر بين العاصمتين من شأنه تقويض الشراكة التاريخية بينهما.
دأب الشامتون على تصديق ما توحى به خيالاتهم المريضة بأن خادم الحرمين يرفض زيارة القاهرة، بزعم أنه لو كان يرغب فى ذلك لفعلها فى أثناء عودته فى سبتمبر الماضى من واشنطن,وقادتهم ظنونهم لتخيل أن الخلافات حول اليمن وسوريا أوحول تشكيل قوة ردع عربية يمكن أن تفك الارتباط الوثيق بين محورى الأمة,ولم يع هؤلاء حقيقة أن قائدى البلدين يستوعبان تماما حقيقة مايحاك من شر للأمة ،وأن حجم المؤامرة يفرض السمو فوق أى خلافات بين شقيقين,وبقدر إيمان كل منهما باستقلالية قراره وسيادته بقدر يقينه بأنه من المستحيل أن تفسد علاقات لها جذورها العصية على المتآمرين.
ولعل خادم الحرمين قد حمل رده الشخصى على المتربصين بالأمة بتخصيص جزء من زيارته الرسمية لمصر للقيام بزيارة خاصة لبعض المواقع الدينية والسياحية، ليتحلل من الجانب الرسمى ويستمتع كمواطن عربى بأجواء دافئة ومناظر طبيعية لطالما عبر عن الاشتياق إليها، ولم تحوله عنها سوى المسئوليات الجسيمة حتى من قبل تولى قيادة المملكة.