كتب الصحافي اللبناني سالم زهران مقالا يُحلّل فيه كيف بدأ موسم الجفاف المالي يضرب داعش ويقول:
«المجتمع الدولي يحتاج إلى وقت طويل ليُقرّر، وإذا قرَّر يلزمه وقت أطول ليفعل، أما إذا فعل فالنتيجة محسومة»… بهذه العبارة يُعلّق ديبلوماسي على صلة بالأحداث في الشرق الأوسط تعقيباً على سؤال عن جدّية مكافحة «داعش» من بوابة التمويل وتجفيف منابع تغذية التنظيم الإرهابي الأغنى في العالم حسب تقارير مالية دولية، هذا التمويل الذي يشكل رئة بقاء التنظيم الأخطر في العالم وتمدّده.ينطلق الديبلوماسي في إجابته على سؤال «متى تُجمّد ينابيع تمويل داعش؟» من القرار الدولي الرقم 2199 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بإقتراح قدّمه مندوب روسيا في مجلس الأمن والذي وافق عليه بالإجماع جميع الأعضاء 15 وباركته 32 دولة وتحت الفصل السابع.
ينص القرار على تجفيف منابع تمويل الإرهاب وتشديد الرقابة على المناطق الخاضعة لسيطرة الإرهابيّين ومحاصرة مصادر تمويل تنظيمات «داعش» و«النصرة»، كما يشمل منع الإتجار بالنفط والآثار السورية والعراقية مع المنظمات الإرهابية، فضلاً عن أنّه يُقوّي الحظر الوارد على مصادر الأموال التي تتلقاها المنظمات الإرهابية ومنها منع دفع الفديات لتلك المنظمات.
ويشدّد القرار أيضاً وفق نصّه الحرفي على «التزام الدول أن تكفل عدم إتاحة أي أموال أو أصول مالية أو موارد إقتصادية لصالح تنظيم «داعش» الإرهابي والجماعات المرتبطة بـ«القاعدة»».
ولأنّ المجتمع الدولي يحتاج الى وقت أطول ليفعل، وعلى رغم أنّ القرار الدولي اتخذ في شباط من العام الحالي وبمبادرة من روسيا وبدعم من 32 دولة بينها الدول المتورّطة بشكل أو بآخر في الحرب السورية، إلّا أنّ العمل الجدّي بدأ في الأسابيع القليلة الماضية.
ومن دلالات هذه الجدية في مكافحة تمويل «داعش»، التحقيق الذي أطلقه قسم مكافحة تمويل الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية حول أصل سيارات «التويوتا» التي تستخدمها «داعش» وخصوصاً عندما اجتاحت مدينة «تدمر» الأثرية السورية.
ويرى المصدر أنّ تسريب أسماء بعض الجهات المتورطة في تزويد «داعش» بسيارات «التويوتا» مقصود، وهو أشبه بالتحذير العلني للرعاة الذين لطالما غضّ عنهم الطرف في تمويل الجماعات المناوئة للحكومة السورية.
ويبدو أن لبنان ليس بعيداً عن الآلية التي أطلقت لتجفيف منابع تمويل «داعش» وأخواته. إذ شارك مندوبان لبنانيان أحدهما يمثل المصرف المركزي والثاني ضابط في المديرية العامة للأمن العام في ورشة عمل دعت اليها وزارة الخزانة الأميركية في إطار مكافحة تمويل التنظيمات الإرهابية.
وعلمت «الجمهورية» أن اجتماعاً قريباً ستعقده مجموعة عمل مكافحة تمويل تنظيم «داعش» (CIFG)، في العاصمة الإيطالية روما بمشاركة لبنانية عبر المؤسستين الأكثر جدّية وإنتاجية بمكافحة تمويل «داعش»، «المصرف المركزي» و«الأمن العام».
وكان قد انبثق عن اجتماع «واشنطن» أربع مجموعات فرعية: درس التدفقات المالية غير المشروعة عبر الحدود، تهريب النفط، الروابط المالية مع المنتمين للتنظيم، ونهب الآثار وبيعها.
وعليه يبدو أنّ على الاجهزة المالية والأمنية اللبنانية المزيد من الإنخراط في الآلية الجديدة والتي بموجبها لن يستطيع أي كان حتى لو كان برتبة وزير، نقل أموال في سيارته الى المجموعات الإرهابية ولو كان في إطار التفاوض على ملف المخطوفين العسكريين. فقرار تجفيف ينابيع تمويل «داعش» و«النصرة» قد اتخذ، ولبنان جزء أساس منه.
أما مشهد إعادة آثارات منهوبة من مدينة معلولا الى سوريا عبر الأراضي اللبنانية، فلن يكون خبراً ثانوياً في سجلات المجتمع الدولي الذاهب بجدية أكثر الى تجفيف منابع تمويل الإرهاب من نوافذه الأربع: الآثار، التحويلات المالية، النفط، والإتجار بالبشر وعملية الخطف ودفع الفدية.