وإذا ما طبقنا هذه اللغة وتلك المفردات على حوادث العنف التي تقوم بها تنظيمات مثل تنظيم ما يسمى زوراً بـ”الدولة الإسلامية”، المعروف إعلامياً باسم “داعش”، سنتوقف عند دلالات في غاية الأهمية:
الدلالة الأولى وبلغة الأرقام، ستجد نسبة العمليات التي تقع في بلاد العرب والمسلمين إلى تلك التي تقع في دول الغرب وأوروبا، 3 إلى 1 تقريباً؛ فعمليات العنف التي وقعت في الآونة الأخيرة هي في حقيقتها تقع في بلاد العرب والمسلمين غالباً؛ فعلى سبيل المثال ستجد أن تلك العمليات تستهدف السعودية، والكويت، وتونس، في مقابل عملية واحدة في دول غربية، تلك التي وقعت في فرنسا.
واستطراداً في هذه الدلالة ستجد أن بعض الدول التي هي في حالة عداء شديدة للعرب والمسلمين السنة، ونقصد هنا “إسرائيل” وإيران، لم يصبهما أي شيء من شرر هذه التنظيمات حتى الآن؛ فيما نعلم، وهو أمر شديد الغرابة حقاً، أن ينجو الأعداء وتُبتلى الأوطان؛ ولكن يبدو أن الأعداء بالنسبة لتلك الجماعات شيء آخر غير إسرائيل وإيران، والوطن شيء آخر غير بلاد العرب والمسلمين.
الدلالة الثانية، وبلغة الأرقام أيضاً، أن معظم الضحايا في تلك العمليات هم أيضاً من العرب المسلمين؛ حتى وإن اختلفوا في المذاهب التي يدينون بها؛ إلا أنهم في العموم ضمن دائرة العرب والمسلمين، ويبقى النادر ذلك الذي يقع ضد رعايا الغرب، كما في حالة فرنسا وتونس؛ فالعمليات التي تقوم بها تلك الجماعات موجهة أساساً ضد المسلمين، وأكثر من 99% من ضحاياه مسلمون.
وما أعلنت عنه وزارة الداخلية السعودية من إحباط ٤ محاولات إرهابية قبل وقوعها في مناطق مختلفة من المملكة، وتمكنها من الإطاحة بخلايا إرهابية عنقودية مرتبطة بتنظيم “داعش”، يبلغ عدد أفرادها ٤٣١ شخصاً من جنسيات مختلفة، يؤكد أن السعودية على رأس البلاد المستهدفة؛ فيا ترى من كان سيقع ضحية هذه الجرائم إذا قدر لها أن تقع؟! أليسوا من المسلمين؟! فيما ينعم الأعداء في ديارهم بالراحة والطمأنينة!
والدلالة الثالثة، أن الغرب يبقى هو المستفيد الأكبر من تلك العمليات؛ فهو يستخدمها في تشويه صورة العرب المسلمين كجنس بشري، وتشويه الإسلام كديانة سماوية، إلى جانب أنه يبرر بها بعض جرائمه وتدخله السافر في شؤون البلاد العربية والإسلامية، على نحو ما يحدث في العراق وأفغانستان على سبيل المثال.
خذ مثالاً على ذلك فرنسا؛ حيث أعلن مرصد الإسلاموفوبيا أن الاعتداءات والتهديدات التي يعاني منها المسلمون في البلاد، ازدادت أربعة أضعاف في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.
على ضوء تلك الملاحظات، يمكن القول بأن هذه العمليات تقع الاستفادة الكبرى منها عملياً في حجر الغرب والولايات المتحدة و”إسرائيل”، وقلما يستفيد منها العرب والمسلمون؛ بل الصحيح أنها تُشَكّل خسارة فادحة لهم على أكثر من مستوى، وأكثر من صعيد!!